الكشفُ عن صورِ لـ”قيصر جديدٍ” تظهرُ جانباً من جرائمِ التعذيبِ في سجنِ حلبَ المركزي
قالت صحيفة “زمان الوصل” إنَّها حصلت على مجموعة من الصور التي تعكس جزءاً من مجازرِ نظام الأسد العديدة في بحقِّ المدنيين العزّل في سجن حلب المركزي أثناء فترة حصارِه.
وأوضحت الصحيفة أنَّها عزّزت تلك الصور بشهادتين، الأولى لصفِ ضابطٍ أطلقت عليه “أبو أحمد” دون الكشف عن هويته الحقيقية لأسباب أمنيّة، وكان يخدم في السجن طيلة فترة حصارِه ويتولّى مهمّةَ تصوير الجثث وتوثيقها قبل انشقاقه.
أما الشهادة الثانية فكانت لـ”أبو عبد الله” السجين السابق المحتجَزِ في سجن حلب المركزي منذ عام 2006 وكان حاضراً على مجازرِ ضبّاط وعساكر نظام الأسد الذي لطالما تغنّى بما أسماها بطولاتهم وملاحمهم بحقِّ السجناء.
“أبو أحمد” أو “قيصر” الجديد كما وصفته الصحيفة، كشفَ عن سلسلة كبيرة من صور ضحايا نظام الأسد وضبّاطه الذين كانوا يتولّون مهمّة تعذيب السجناء والتنكيل بهم بشتّى الأساليب داخل السجن المركزي بحلب.
وقال “أبو أحمد” في تسجيل مصوّرٍ وثّقته “زمان الوصل” إنَّه وبحكم خدمته في سجن حلب المركزي كمساعد كان متواجداً منذ بداية الحصار في العام 2013 وحتى العام 2014 حيث ارتكب عناصرُ النظام وضباطُه حينَها أولَ مجزرة بحق المساجين.
وذكر الشاهد للصحيفة أنَّ نظام الأسد دفن السجناءَ المقتولين تحت التعذيب أو المنفّذ بهم الإعدام في مقابر جماعية حفرها بالباحة الشرقية للسجن.
ولفت إلى أنَّه بعد تصوير جثثِ المحتجزين والمدنيين الذين تتمُّ تصفيتُهم في أقبية سجون نظام الأسد ومعسكرات التعذيب أجبرَ على كتابة تقارير تخصُّ تلك الجثث وبشكلٍ موثّق من طبيب شرعي بأنّهم لقوا حتفهم بقصف “الإرهابيين” وأنَّ المجموعات الإرهابية هي التي قامت بهذه الأعمال التي اعتاد عناصر قواتُ الأسد وضباطُه على ارتكابها.
وأكّد الشاهد أنَّ النقيب “أيهم خضور” قام بتصفية ثمانيةِ سجناءَ بعد جعلهم بوضعية النظر على الحائط ورميهم بشكلٍ مباشر
بالرصاص الحي دون أنْ يرفَّ له جفنٌ بعد حدوث تمرّد للمساجين داخل السجن.
وأضاف “أبو أحمد” وهو أحد عددٍ قليلٍ من العساكر الذين ينتمون إلى الطائفة السنيّة أنَّ هناك من المعتقلين من توفي داخل المنفردة بسبب تدنّي صحتهم نتيجةَ الجوع وكثرة التفنن بالتعذيب وبشتى الطرق.
وأوضح “أبو أحمد” أنَّه ولكونه المسؤولَ الوحيد داخل السجن عن توثيق القتلى فقد استطاع توثيقَ نحو 400 سجين توفّوا إثر مضاعفات الجوع والأمراض.
وأشار إلى أنَّ ما لا يقلّ عن 800 مدني بينهم مئات السجناء الذين تمّت تصفيتهم تحت التعذيب أو رمياً بالرصاص لمجرد الشكوك بأنَّ لهم صلات مع أشخاص خارج السجن.
ولفت الشاهد إلى أنَّ ما حدث داخل سجن حلب المركزي يفوق التصوّرَ ولا يقبله عقلٌ أنْ تتمَّ تصفيةُ أناس أبرياء دون ذنبٍ على يد حفنة من المجرمين المعروفين.
وتابع بأنَّ الأوامر كانت تأتيهم من الضباط الكبار المسؤولين الأعلى بأنْ يتمَّ توثيقُ الضحايا بموجب ضبط وفاةٍ رسمي عن طريق طبيب شرعي يقوم بذكر سببِ الوفاة على هوى ضباط قوات الأسد، كأنْ يُذكر أنَّ السجين قُتل برصاصة طائشةٍ من الخارج أو تمَّ قصفُه من قبل الإرهابيين رغم أنَّ القتلة معروفون.
كما تطرّق “أبو أحمد” إلى عمليات تعذيب وقتلٍ على البطيء، عبر الضربِ ببواري الحديد، أو إهمال معالجة المرضى لينهاروا نهائياً ويلفظوا أنفاسهم.
وكشف الشاهد أنَّه كان وآخرون يشكّلون مجموعة صغيرة للغاية عددها بضعة عساكر من “السنة”، مقابل مئات من عناصرَ وضبّاطٍ كلُّهم “علويون”، كانوا يستأثرون بالكثير، ومن ذلك شحنات الطعام التي كان يوصلها النظام للسجن، ما أدّى إلى حدوث مجاعة في صفوف السجناء.
أما الشاهد الآخرالمدعو “أبو عبدالله”، فقد كان محتجزاً منذ 2006 في سجن حلب، وعاش فترةَ الحصار وارتكاب عناصر وضبّاط قوات الأسد أبشع المجازر مستندين إلى نهج رئيسهم “بشار الأسد” وتعامله مع شعبه الأعزل.
وقال “أبو عبدالله” إنَّه شهد فسادَ ضبّاط السجن وعناصره من العسكريين قبل فترة الثورة وبعدها حيث لجأت إدارةُ السجن إلى حجب القنوات التلفزيونية التي تعطي الصورة الحقيقية للأوضاع في سوريا خشيةَ أنْ يراها المساجين وأبقت الإدارة قنوات النظام وأبواقه المدافعة عنه.
وأضاف الشاهد أنَّ نظام الأسد تعامل بوحشية وإجرام مع “استعصاء السجناء” حيث أنَّه لم يوفّر أحداً وقام بتوجيه الرصاص مباشرةً على المساجين فازدادت شراسة فئة الغالبية من العناصر والضباط العلويين الذين أمطروا السجناء برصاصهم وانهالوا على بعضهم بالضرب بالآلات الحادة وكان ذلك بمثابة الضوءِ الأخضر للإمعان في قتلِ الناس العزّل.
ووفقاً لرواية السجين الشاهد، فقد قام “خضور” بتصفية سجين يدعى “عبد الله” من مارع اشتكى له من الجوع ، فأوهمه أنَّه سيطعمه، آمراً إياه أنْ يغلق عينيه ويفتح فمَه، وهنا وضع المسدس في فمه وأطلق النار ليخرّ على الأرض.
ويضيف الشاهد السجينُ أنَّ خضوراً التفت نحو باقي السجناء ليسالهم إن كان بينهم أحدٌ يشكو من الجوع في مشهد إجرامي لا يمتُّ إلى الإنسانية بصلة.
وذكرت الصحيفة أنَّ الصور التي حصلت عليها تحمل مشاهد قاسية لجثامين 4 أشخاص ممن كانوا محتجزين في سجن حلب، وثّقهم النظام كعادته بالأسماء والأرقام.
وتظهر الصور الملتقطةُ للجثامين الأربعة آثار تعذيب وحشي ما زالت واضحةً على أجسادهم النحيلة التي تعرضنَ لكلِّ صنوف الضرب والتعنيف قبل أنّ يلفظوا أنفاسهم الأخيرة بين أيدي سجّانيهم.