“المونيتور”: الحرسُ الثوريُّ الإيرانيُ يبني عدداً من القواعدِ العسكريّةِ والسجونِ شرقَ سوريا
أفاد موقع “المونيتور”, أنّ ميليشيا الحرس الثوري الإيراني تقوم بإعادة انتشار وبناءِ قواعد وسجون جديدة في مناطق سيطرتها في شمالِ شرق سوريا بعد تعرّضها لضربات جويّة إسرائيلية وأمريكية متكرّرة، حيث افتُتحت تلك الميليشيات مؤخّراً سجناً خاصاً بها في حقل غاز زملة في ريف مدينة الرقة شمالَ شرق سوريا.
ونقل الموقع عن مصدرٍ عسكري من السجن تأكيده أنَّه تمّ تجهيزُ السجن بعد طردِ الفرقة الرابعة التابعة لقوات الأسد في 13 من شهر تموز الجاري، والسجن محاط بالقناصة والمقاتلين بالرشاشات الخفيفة.
وقال الموقع في تقريرٍ له إنّ السيارات المحمّلة بالذخائر وأجهزة المراقبة المختلفة تأتي إلى السجن بشكلٍ دوري، ويضمُّ السجن سيارات رباعية الدفع، وبدأ العمل في حفر الخنادق وتكديس السواتر لحمايةِ السجن من الاعتداءات الخارجية ومنعِ السجناء من الهرب، ويشرف على السجن جنرال إيراني ويضم نحو 20 محقّقاً من جنسيات أجنبية.
وأشار الموقع إلى أنّ السجن مقسوم إلى قسمين، قسم مدني والآخر عسكري، حيث يُفرج عن المدنيين فقط من خلال وساطة قبلية أو بكفالة بعد مبايعتهم لإيران، كما يُسجن عناصرُ من ميليشيات الحرس الثوري الإيراني أحيانا بسبب عدم الانضباط، ثم يُعاود انتشارهم.
وأضاف الموقع نقلاً عن المصدر: “الحرس الثوري الإيراني لديه عدّةُ سجون في المنطقة، منها سجن مطار حمدان في البوكمال، وسجن في مدينة الميادين، وسجن بجوار معسكر الطلائع في دير الزور، وآخر في مدينة الميادين، وواحد في صحراء حمص بمدينة تدمر وأنشئ نهاية العام 2019، ويتكون من ثلاثة مبانٍ فيها 10 زنازين، ومدير السجن سوري موالٍ للميليشيات الإيرانية يُدعى جمعة الضاهر”.
السجن الجديد الذي بنته الميليشيات الإيرانية في “حقل الزملة” منعزلٌ تماماً، وقال المصدر للمونيتور إنَّ جميع سجون ميليشيات الحرس الثوري الإيراني تحمل راية نظام الأسد لأغراض التمويه لتجنّب استهدافها بالضربات الجويّة.
الباحث في مركز جسور للدراسات في إسطنبول أنس شواخ قال للـ “المونيتور”: “كشفت الخريطة الأخيرة التي نشرناها والتي تظهر مواقع الوجود العسكري الأجنبي في سوريا مدى توسع الميليشيات التابعة لإيران في المناطق التي يُسيطر عليها النظام وهي المناطق الخاضعة للرقابة، كان هذا التوسع هو الأكبر والأبرز بين جميع القوّات العسكرية المحلية أو الدولية التي تشترك في السيطرة على الأراضي السورية، ومن الواضح أنَّ هذه الميليشيات تسعى بشكل خاصٍ إلى توسيع وزيادة وجودها الأمني أكثرَ من العسكري، خاصةً في مناطق شرق الفرات والصحراء السورية”.
وأضاف الشّواخ: “الحرس الثوري الإيراني يُركّز على التجنيد الإجباري للجواسيس، سعياً لإحداث خرقٍ أمنيٍّ في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية لمراقبة قواعد قوات التحالف الدولي، كما يسعى الحرس الثوري إلى زيادة سيطرته على الصحراء السورية، التي تضمُ عدداً من آبار النفط والغاز وحقول الفوسفات”.
وأشارت المونيتور إلى أنّ الحرس الثوري الإيراني بدأ في بناء مهبط للطائرات العمودية في حقل الزملة بعد أسابيع من سيطرته على المنطقة، حيث جلبت تلك الميليشيات حوالي 33 قطعة من الآلات الثقيلة، بالإضافة إلى 40 عاملاً وثمانية مهندسين، وسيتمُّ إلحاق مركز اتصال بالطائرات بمهبط طائرات الهليكوبتر، إضافة إلى خزانات وقود ومستودع ذخيرة تحت الأرض، وسيتمُّ استخدام مهبط الطائرات هذا أيضاً للطائرات الإيرانية بدون طيّارٍ الموجودة في قاعدة T-4 الجوية بمدينة حمص.
وكان الحرس الثوري الإيراني بدأ أعمال صيانة آبار النفط في حقل الزملة التي تضرّرت جرّاء قصفِ التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وأثناء المعارك ضدَّ تنظيم (داعش) الذي سيطر على المنطقة، حيث استقدمت تلك الميليشيات مهندسين متخصّصين لتشغيل آبار النفط والغاز في الحقل، بهدف بيع جزءٍ كبير من إنتاجها وتخصيص جزءٍ من الإيرادات كرواتب لمنتسبيها، مع تهريب الفائض خارج الأراضي السورية أو بيعه داخلياً.
ونقل الموقع عن الصحفي نجم الدين النجم قوله: “إنَّ مبنى السجن في -حقل الزملة- ليس فقط للسجناء والمعتقلين، هو مركز عسكري، حيث تُركّز الميليشيات الإيرانية جهودها على بسطِ نفوذها العسكري وبناءِ المعسكرات، وتحاول إيران أيضاً تحويلَ موقع الزملة إلى قاعدة عسكرية من خلال إنشاء مهبط للطائرات العمودية، إضافةً إلى توسيع وتحصين المبنى الحالي”.
وأضاف النجم: “أعادت ميليشيات الحرس الثوري نشرَ مواقعها العسكرية ونقلها من الصحراء السورية بعد أنْ استهدفت غارات جوية إسرائيلية وأمريكية مواقعها وألحقت بها خسائر فادحة، وهذا ما دفعها إلى بناء سجون جديدة، وتُريد الميليشيات الإيرانية تحقيق عدّةِ أهداف، بما في ذلك تجنّب المزيد من الغارات الإسرائيلية والأمريكية، وتعزيز وجودها -الذي اهتزَّ مؤخّراً تحت ضغط الانتشار العسكري الروسي- وتهديد المصالح الأمريكية شمالَ شرق سوريا.
بدوره الخبير الاستراتيجي المقيم في تركيا العقيد فايز الأسمر الذي يقدّم تحليلات عسكرية لعددٍ من الصحف المحلية والعربية، قال لـ “المونيتور”: “لكلِّ الفاعلين المؤثّرين في سوريا مراكزُ وسجونٌ متعدّدةٌ في مناطق سيطرتهم، بما في ذلك ميليشيات الحرس الثوري الإيراني المنتشرة في المنطقة الشرقية، وتوجّه للمعتقلين تهمةَ الانتماء إلى تنظيم (داعش) أو بتهمة التجسس وتزويد التحالف الدولي وميليشيا قسدٍ بمعلومات عسكرية عن هذه الميليشيات وتحرّكاتها، ونظراً لأنَّ الحرس الثوري الإيراني لا يثق تماماً بالنظام ولديه أهدافه السريّة الخاصة، فإنه يتّبع استراتيجيات عملٍ مستقلة ويبني سجونه بالقرب من أماكن انتشار ميليشياته في الصحراء”.