فورين بوليسي: سوريا غيرُ آمنةٍ ولا مستقرّةٍ وحربُها غيرُ المكتملةِ تكادُ تُنسى
وصفت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية الأزمةَ السورية بأنَّها مشكلةٌ مستعصية على الحلّ، مشيرةً إلى أنَّ الغرب كاد ينسى حربَها التي لم تضع أوزارَها حتى الآن.
وذكرت المجلة أنَّ وزارة الداخلية البريطانية رفضتْ في التاسع من كانون الثاني الجاري طلبَ لجوءٍ تقدَّم به شابٌ سوري بدعوى أنَّها “غيرُ مقتنعة” بأنَّ لديه “مخاوفَ مبرّرة من التعرّض للاضطهاد” إذا عاد لوطنه.
وأشارت المجلة إلى أنَّ وزارة الداخلية البريطانية أرسلتْ خطاباً إلى ذلك الشاب تخبرُه فيه أنَّها لا تسلّم “بأنَّك ستواجه خطرَ الاضطهاد أو خطراً حقيقياً بالتعرّض لأذىً جسيمٍ” عند عودتك سوريا بسبب آرائكِ السياسية المنسوبةِ إليك بوصفك هارباً من التجنيد.
وتشير المجلةُ إلى أنَّ هذا الموقفَ من جانب الحكومة البريطانية، يُعدُّ إعلاناً بأنَّ “سوريا الأسد آمنةٌ”، وهو أولُ تصريح من هذا النوعِ تصدرُه لندن منذ اندلاعِ الحرب السورية قبل أكثرَ من عقدٍ، أي أنَّها “دولةٌ آمنة بما يكفي لترحيل طالبي اللجوءِ على أيّ حال”.
وبعد أنْ أثار ذلك الإعلانُ احتجاجاً شعبياً عارماً في بريطانيا، تراجعتْ وزارةُ الداخلية عن موقفها، وقالت إنَّها تقبل قرار منظمة الأمم المتحدة القاضي بأنَّه لا منطقة في سوريا “آمنةٌ”.
ونقلت المجلة تصريحَ المبعوث البريطاني الخاص إلى سوريا “جوناثان هارغريفز” تأكيدَه أنَّ “موقفَ بريطانيا لم يطرأ عليه تغييرٌ، وهو أنَّ سوريا ليست آمنةً في الوقت الراهن لعودة اللاجئين، ونحن لا نعيدُ الناسَ إلى سوريا”.
وتوضح المجلة أن السوريين المقيمين في بريطانيا تنفسوا الصعداء بعد تصريح “هارغريفز”، ذلك لأن خوفهم كان حقيقياً.
وأكد المقال أن سوريا ليست آمنة بطبيعة الحال، وإن الحرب ما تزال تدور رحاها هناك، وإن الذين عادوا إليها يختفون غالباً من دون أن يوجد لهم أثر فيقعون في أيدي أجهزة نظام الأسد الأمنية.
وأوضح أن الصراع في سوريا الممتد لأكثر من عقد أودى بحياة مئات الآلاف من الأشخاص، ووفر ملاذا للجماعات “الإرهابية”، وأدى إلى نزوح ملايين البشر وفرار ملايين آخرين من البلاد.
ووفقاً للمقال، فإنه بمحاولة منع انتشار الفوضى وعنف الجماعات المسلحة داخل سوريا، فإن البلد قد تصبح أكثر أماناً بمرور الوقت، الأمر الذي قد يجعل الدول الأوروبية لا تبذل جهداً كبيراً في الدفاع عن حدودها عند نشوب أي أزمة خارجية.
ونقلت المجلة عن السفير الأميركي السابق لدى سوريا “فريدريك هوف” قوله إن انسحاب الولايات المتحدة “الفوضوي” من أفغانستان ربما أثار نوعاً من علامة تعجب، لكن ربما رأت فيه الصين وروسيا استمرارا لما شاهدوه في سوريا.
ويضيف الدبلوماسي الأميركي أن آخر شيء كانت الولايات المتحدة تود إيصاله لأعدائها “عن غير قصد ولو بتهور” هو أن يروها تتصرف بلامبالاة وسلبية واستسلام، مما يجعلهم يستغلون سوريا كمختبر يقيسون من خلاله عزيمة أميركا عالمياً.
وتشير المجلة في ختام مقالها أن ترك سوريا في “حالة اللاحل” طيلة عقد من الزمان، جعل السلبية محل إجماع المجتمع الدولي، حيث ظلت الأزمة في هذا البلد “مشكلة عصية على الحل، بل ومن دون محاولة لحلها”.