في اليومِ الدولي للقضاءِ على العنفِ ضدَّ المرأةِ .. شبكةٌ حقوقيّةٌ توثّقُ الانتهاكاتِ بحقِّ الإناثِ في سوريا منذُ آذار 2011
أصدرتْ “الشبكةُ السوريةُ لحقوق الإنسان” اليوم، تقريرَها السنوي التاسع عن الانتهاكات بحقِّ الإناث في سوريا, وذلك بمناسبة اليومِ الدولي للقضاءِ على العنف ضدَّ المرأة.
سجَّل تقريرُ الشبكة استشهاد 28405 إناث على يدِ أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذُ آذار 2011 حتى 25 تشرين الثاني 2020، بينهن 21943 قُتلْنَ على يدِ قواتِ الأسد، و 1579 على يدِ قوات الاحتلال الروسي، و980 على يد تنظيم داعش، وأضافَ أنَّ ميليشيا “قسد” ذاتَ القيادة الكردية قد قتلتْ 254 أنثى، وقتلتْ قواتُ التحالفُ الدولي 960 أنثى، و1294 أنثى قُتلْنَ على يدِ جهات أخرى.
ووفقاً للتقرير فإنَّ عمليات قواتِ الأسد العسكرية لا تميِّزُ بين المدنيين والعسكريين وبينَ الأهداف المدنية والعسكرية، بل إنَّ الغالبية العظمى من الهجمات قد تركّزت على المناطق المدنيّة التي تضمُّ نساءً وأطفالاً، وبالتالي فإنّ وقوع ضحايا في صفوفهم أمرٌ حتميٌّ، وبلغت حصيلةُ الضحايا من الإناث قرابة 10 % من الحصيلة الإجمالية للضحايا المدنيين، وهي نسبة مرتفعة وتُظهر تعمُّدَ نظام الأسد استهدافَ المدنيين بحسب التقرير.
وعلى صعيد الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري، والتعذيب قال التقرير إنَّ ما لا يقلُّ عن 10556 أنثى لا يزلْنَ قيدَ الاعتقال/ الاحتجاز أو الاختفاء القسري على يدِ أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، بينهن 8474 على يدِ قوات الأسد، و866 على يدِ ميليشيا “قسد”, وأضاف التقرير أنَّ 276 أنثى منهن، كن قد اعتقلَهُنَ تنظيمُ داعش قبلَ انحساره ولا يزلْنَ قيدَ الاختفاء القسري حتى 25 تشرين الثاني 2020.
ووفقاً للتقرير فإنَّ 91 أنثى قد قُتِلْنَ بسبب التعذيب في سوريا منذ آذار 2011، بينهن 73 قُتِلْنَ في مراكز الاحتجاز التابعة لنظام الأسد، فيما قضَت 14 منهن في مراكز الاحتجاز التابعة لتنظيم داعش، و2 في مراكز الاحتجاز التابعة لـ”قسد”, كما قُتِلَتْ أنثى واحدة بسبب التعذيب على يدِ جهات أخرى.
ولا تراعي قوات الأسد في احتجازها للنساء بمراكز الاحتجاز العائدة للأفرع الأمنية أيّةَ اعتبارات لطبيعتهن أو احتياجاتهن، وتخضعُهنَّ لظروف الاعتقال ذاتِها التي تحتجز فيها الرجال، كما يتعرضْنَ لكافة أشكال وأساليب التعذيب التي يتعرّضُ لها الرجال.
وذكر التقريرُ أنّه في حالات كثيرة تُعتقل النساء بصحبة أطفالهن، أو تُعتقل نساء حوامل، ويُحرمْنَ من كافة احتياجاتهن الجسدية أو النفسية، ويخضع أطفالهن للظروف ذاتها التي تطبّق على الأم طوال مدّة اعتقالها، وفي هذا السياق سجَّل التقريرُ منذ آذار 2011 ما لا يقلُّ عن 143 حادثةَ اعتقالٍ لأطفال كانوا بصحبةِ أمهاتهن، وما لا يقلّ عن 87 حادثةَ ولادةٍ لأطفال داخلَ مراكز الاحتجاز، جميعُهم عانوا من نقصِ الرعاية الصحية اللازمة لهم بعدَ الولادة ومن تأمين احتياجاتهم؛ ما تسبَّبَ في وفاة 7 أطفال منهم.
أشارَ التقريرُ إلى تعرّضِ النساء المحتجزات للعنفِ الجنسي، وفي بعض الحالات تعرضْنَ لابتزاز جنسي على أساس المقايضة، ويقدّرُ التقريرُ ارتكابَ قواتِ الأسد ما لا يقلّ عن 8021 حادثةَ عنفٍ جنسي، بينها قرابة 879 حادثةً حصلت داخل مراكز الاحتجاز، وما لا يقلُّ عن 443 حالةَ عنفٍ جنسي حصلت لفتياتٍ دون سنِّ الـ 18.
جاء في التقرير أنّ ميليشيا “قسد” إضافة إلى عمليات القتلِ خارج نطاق القانون فإنّها قامتْ بعمليات احتجازِ الإناث، وتخضعُ المحتجزاتُ لظروف غايةٍ في السوء، ويتعرضْنَ لأساليب متنوّعة من التعذيب، وفي كثيرٍ من الأحيان تتمّ معاملتهن على أساس عرقي، ويُحرَمن من الرعاية الصحية والغذاء، ولا توجَّه إليهن تهمةٌ محدّدةٌ ولا يخضعْنَ لمحاكمة إلا بعدَ مرورِ زمنٍ طويلٍ على اعتقالهن، قد يستمرُ أشهراً عدّةَ حتى سنوات.
وأضافَ التقرير أنَّ “قسد” قامتْ بعمليات التجنيد القسري في مناطق سيطرتها على نطاق واسع واستهدفتْ الإناث البالغات والقاصرات؛ لإجبارهِن على الانضمامِ إلى صفوفها، مما تسبّب في حرمانِهن من التعليم.
كما استخدمتْ الميليشيا عدّة أنماطٍ من العنف الجنسي ضدَّ الإناث، إما داخلَ مراكز الاحتجاز التابعة لها أو في المخيمات التي تقومُ بحراستها وإدارتها، وقد سجَّل التقريرُ ما لا يقلُّ عن 11 حادثةَ عنفٍ جنسي ارتكبتها “قسد” حتى 25/ تشرين الثاني/ 2020.
واستنتج التقريرُ أنّه وعلى الرغم من وجود ترسانةٍ قانونية بما فيها قراراتُ مجلس الأمن الدولي تنصُّ على احترام حقوق النساء والأطفال بما فيهم الطفلات، إلا أنّ نظام الأسد المسيطر على الدولة السورية كان الجهةَ الأولى التي خرقتْ القوانينَ، والجهة الوحيدة التي ارتكبت جرائمَ ضدّ الإنسانية، كما أنّ بقية أطراف النزاع سارتْ على نهجِه، بل إنّها ارتكبت انتهاكاتٍ لم يمارسْها النظامُ نفسه مثل التزويج القسري والتضييق على الملابس وحرية التنقل والتجنيد الإجباري، وبلغ بعضُها مستوى جرائم حربٍ، واستُبيح القانونُ الدولي على نحو شامل في النزاع السوري الذي امتدَّ لقرابة عقدٍ من الزمن، وأكّد على أنّ الانتهاكات بحقّ المرأة السورية لن تتوقّفَ دون حصول انتقالٍ سياسي نحو نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان وبشكلٍ خاص حقوق المرأة ويمتدُّ على كامل الأراضي السورية.
وأكّد أنّ الجرائم الواردة فيه والتي مارسها نظامُ الأسد على شكلِ هجومٍ واسع النطاق وعلى نحوٍ منهجي والتي تُشكِّل جرائمَ ضدّ الإنسانية تشمل: القتل؛ والتعذيب؛ والاغتصاب، والاضطهاد. وأضافَ أنّ التزويج القسري قد يصلُ إلى مرتبة جريمة ضدَّ الإنسانية، وكان تنظيمُ داعش الإرهابي قد مارسَه على نحوٍ واسع.
وأوضحَ التقرير أنَّ الانتهاكات الواردة فيه والتي مارسَها نظامُ الأسد وبقيةُ أطراف النزاع تُشكّل جرائمَ حربٍ تتجسّد في: العنف الجنسي، والعنف ضد الحياة، وخاصة القتل بجميع أنواعه، والتشويه والمعاملة القاسية، والاعتداء على الكرامة الشخصية.
أوصى التقريرُ المجتمعَ الدولي بضرورة تأمينِ حمايةٍ ومساعدةٍ للإناث المشرّدات قسرياً من نازحاتٍ ولاجئاتٍ، وخصوصاً الأطفال منهن ومراعاة احتياجاتِهن الخاصة في مجال الحماية تحديداً. وأضاف أنّ على كافة دول العالم المصادقةَ على اتفاقية سيداو،
الوفاء بالالتزامات المترتبة عليها لمحاسبةِ نظام الأسد وفضحِ ممارساته الإجرامية، وبذلِ كلِّ جهدٍ ممكنٍ للتخفيف منها وإيقافِها.