كيف أظهرتْ احتجاجاتُ السويداءِ ضعفَ نظامِ الأسد في مناطق الأقليات؟
أكّد معهدُ واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أنَّ تصاعدَ الاحتجاجات في مناطق الأقليات الموالية تقليدياً لنظام الأسد قد ترغم النظامَ على تلبية المطالبِ المحليّة والأمريكية ومطالبَ الحلفاءِ القائمةِ منذ فترةٍ طويلةٍ.
وذكر المعهدُ في تحليل تناول المظاهراتِ المستمرّةَ في السويداء منذ منتصفِ آب الماضي، أنَّ الدروز يشكّلون 90 بالمئة من سكان المحافظة وثلاثةَ بالمئة من سكان سوريا، مبيّناً أنَّهم لعبوا على مرّ التاريخ أدواراً مهمّةً داخل نظام الأسد ومؤسسته الأمنية.
وأوضح المعهد أنَّ الاحتجاجاتِ في السويداء تسلّط الضوءَ على الضعف الاقتصادي الشديد لنظام الأسد أمامَ العقوبات الدولية وغيرها من الأدوات.
ويرى أن هذه الاحتجاجات تمنح الولايات المتحدة وشركائها نفوذاً متزايداً بينما لا يزال نظام الأسد يتلكأ في التفاوض على تسوية سياسية للحرب.
واعتبر المعهد أن استحضار القومية الدرزية ورفض التدخل الخارجي في الشؤون المحلية، سواء من قبل نظام الأسد أو ميليشيا “حزب الله” أو روسيا أو جهات فاعلة أخرى كان من أبرز سمات تظاهرات السويداء. حيث اتهم المتظاهرون ميليشيا “قسد” بسرقة السكان، ونددوا بالتدخل الإيراني والروسي في البلاد بالإضافة لاتهام النظام بصناعة المخدرات وترويجها.
وأضاف المعهد في تحليله أن معظم مسؤولي نظام الأسد التزموا الصمت نسبياً حتى الآن تجاه احتجاجات السويداء، كما أن نهج الاستراتيجية الإعلامية الذي يتّبعه النظام في السويداء هو قصة مختلفة حرفياً.
وعلى صعيد الرد الأمني، بيّن المعهد أن النظام لم يطلق النار على متظاهري السويداء حتى الآن، لكن التوترات آخذة في التصاعد، و”لم يتضح بعد ما أن كان النظام سيحاول انتظار انتهاء الاحتجاجات أو البدء بإطلاق النار على المتظاهرين على أمل نزع فتيل أكبر حركة شعبية ضد حكمه في السنوات الأخيرة”.
ويرى المعهد أن الخيار المحتمل الآخر هو اللجوء إلى الاغتيالات التي تستهدف المسؤولين البارزين الذين ينتقدون نظام الأسد.
سياسياً، لفت تحليل المعهد إلى أنه من غير المرجح أن يسقط نظام الأسد بسبب المشاكل الاقتصادية وحدها على الرغم من أن الاحتجاجات كبيرة ولا ينبغي تجاهل معاناة السكان المحليين.
لكن هذه الاحتجاجات تمنح واشنطن وشركاؤها في المنطقة نافذة أخرى لاستخدام النفوذ الاقتصادي والعقوبات للحصول على تنازلات من نظام الأسد على طاولة المفاوضات.
كما أشار المعهد إلى أن تصاعد المعارضة في مناطق الأقليات ذات الأهمية التاريخية لنظام الأسد في السويداء وفي صفوف العلويين على الساحل، قد يجعل النظام أكثر استعداداً لتقديم تنازلات كبيرة.
ورجح المعهد أن تتعاون الدول الإقليمية مع واشنطن لتحديد صيغة إعفاءات من العقوبات ضيقة النطاق وخاصة بالمشاريع، للمساعدة بالتخفيف من معاناة الشعب، لكن لا يمكن الموافقة على ذلك ما لم يبادر رأس نظام الأسد إلى إطلاق سراح السجناء، وإجراء مفاوضات بموجب “قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254” لإنهاء الحرب، والانخراط مع المعارضة السورية بشأن تعديلات الدستور.
وختم المعهد تحليله بالقول، إن الاحتجاجات المتزايدة في المناطق الموالية تقليدياً لنظام الأسد قد ترغمه على التدخل في بعض الأمور، على الرغم من أن سقوطه غير مستبعد في الوقت القريب.