مجموعةُ الأزماتِ الدوليةِ الأمريكيةُ تقدّمُ لـ “بايدن” خطّةً للانفتاحِ على “هيئةِ تحريرِ الشامِ” في إدلبَ
قدّمت “مجموعة الأزمات الدولية” التي كان يترأّسها المبعوث الأمريكي الجديد إلى إيران “روبرت مالي” اقتراحات للإدارة الأمريكية في كيفية التعامل مع “هيئة تحرير الشام” من أجل الحفاظ على استقرار المنطقة وعدم حدوث كارثة إنسانية في حال شنّت قوات الأسد وحليفتُها روسيا عملية عسكرية كبيرة من أجل إعادة السيطرة عليها.
يقول التقرير الصادر في الثالث من شباط الحالي، إنَّه في حال رغبت إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” في تغيير السياسة الأمريكية العامة للشؤون العسكرية الخارجية، فإنَّ عليها إعادة تعريف الاستراتيجية العامة في مواجهة الإرهاب في إدلب.
هذه المحافظة التي وصفها مسؤولون أمريكيون بأكبرِ تجمّعٍ لتنظيم القاعدة منذ أحداث 11 أيلول، إلا أنًّ إدلب لم تعد كذلك فهي ملجأ لـ 3 ملايين لاجئ، وموقعٍ محتمل لكارثة إنسانية وشيكة، بالإضافة إلى أنَّها آخر معقل للمعارضة السورية، وبهذا ستعمل سياسة واشنطن على إعادة النظر في سياستها تجاه الجماعات الإسلامية في تلك المنطقة.
التقرير تحدّث عن الخطر الذي ربَّما يقع في حال انهيار اتفاق وقفٍ إطلاق النار بين روسيا وتركيا في إدلب، قوات نظام الأسد يمكن أنْ تشنَّ هجوماً يؤدّي إلى كارثة إنسانية كبيرة وتشريد الآلاف من بيوتهم إلى الحدود التركية ولربَّما إلى أبعد من ذلك، وتشتيت المعارضة السورية العسكرية في نطاق واسع، ومن هنا تبرز إدلب كمكان لعدم الاستقرار الدولي.
حدوث هجوم عسكري كبير من قِبل قوات الأسد مدعوماً بالطيران الحربي الروسي ليس حتمياً ولكنَّه قائم، فالوجود العسكري التركي في إدلب أدّى إلى كسب مزيد من الوقت، في غضون ذلك انفصلت “هيئة تحرير الشام” والتي كانت سابقاً فرعاً تابعاً لتنظيم القاعدة، عن شبكات سلفية عابرة للقارات، ساعية لأنْ تجدَ موطئ قدمٍ في مستقبل سوريا السياسي، هذا التطور لربّما يغيّرُ شكل المشهد في هذه المنطقة الحسّاسة نظرياً.
لكن من الناحية العملية، فإنَّ استمرار وضع “هيئة تحرير الشام” كمنظمة “إرهابية”، كما حدَّدتها الولايات المتحدة وروسيا ومجلس الأمن وتركيا، يمثل عقبة رئيسية لأيِّ حلٍّ في إدلب، وله تأثيرٌ كبير على الدعم الغربي لتوفير الخدمات الأساسية في إدلب وبالأخص تلك الانسانية.
هذا التصنيف يمنع الحوار وإجراء أيِّ نقاش مع “هيئة تحرير الشام” حول سلوكها ومستقبل المنطقة التي تسيطر عليها، إذ تتجنَّب الدول الغربية والأمم المتحدة الاتصال تماماً معها، بينما تحصر تركيا التواصل معها في الحدِّ الأدنى المطلوب لتسهيل وجودها العسكري في إدلب، في حين يتركّز عملُ “هيئة تحرير الشام” على الدفاع عن إدلب ومنعِ مزيدٍ من التقدُّم لقوات الأسد، في المقابل يرغب كلٌّ من نظام الأسد وروسيا في الانتصار العسكري عليها.
هذا الواقع فرض حالة من الفراغ السياسي في شمال غرب سوريا ويجب على الولايات المتحدة ملؤُه وذلك بالعمل مع الحلفاء الأوروبيين وتركيا للضغط على “هيئة تحرير الشام” لاتخاذ مزيد من الإجراءات التي تعالج المخاوفَ المحلية والدولية منها، ولتحديد معايير واضحة يمكن من خلالها أنْ تتمكن “هيئة تحرير الشام” من التخلّص من تصنيفها كمنظمة إرهابية.
ومن أجل تلك الغاية، يجب على إدارة “بايدن” أنْ تقلّل من فرص اندلاع مواجهة عسكرية كبيرة في شمال غرب سوريا وذلك بالعمل على تخفيف حدِّة العلاقات المتوتّرة مع أنقرة، ووضع نهج جديد لمكافحة الإرهاب بالاعتماد على الأدوات الدبلوماسية أكثرَ من تلك العسكرية أي خريطة طريق يسمح للمنظمات المصنّفة بأنَّها “إرهابية” التخلّي عن جدول أعمالها وإبرازِ المواقف الوطنية وعدمِ مهاجمة المدنيين.