نصرُ الحريري: اللجنةُ الدستوريةُ انتصارٌ للشعبِ السوري
اعتبر رئيس هيئة التفاوض السورية “نصر الحريري”، أنّ إعلان تشكيل اللجنة الدستورية هو “انتصار للشعب السوري”، ووصفه بأنّه “إنجاز حقيقي، وجزء من القرار 2254، ولا أحدٌ يستطيع أن يُنكر ذلك”، مؤكّداً أنّ “المعركة ما تزال أمامنا طويلة”، وأنّ “إمكانية التعطيل من قبل نظام الأسد قائمة”.
وقال الحريري، لصحيفة “المدن” اللبنانية إنّ “ما حققناه حتى اللحظة هو أنّنا اتفقنا على أنْ تكون بوابة القرار 2254 هي بوابة دستورية، لا بوابة عسكرية، أو بوابة تدخْل خارجي”، وهذه البوابة هي “الدخول نحو تطبيق كامل للقرار المذكور”، وشدّد على أنّ “أيًّ محاولة لحرف هذا المسار سترفضها المعارضة”.
وأضاف “الحريري” أنّ “المعايير التي تمّ الاتفاق عليها: أولاً هي برعاية الأمم المتحدة، مقر عملها جنيف، وفي إطار التطبيق الكامل للقرار 2254، وبالتفويض الممنوح للمبعوث الدولي حتى يبدأ مفاوضات سورية -سورية، تتضمّن التوصّل لعملية وجدول زمني لصياغة دستور جديد للبلاد”.
واعتبر أنّه بناء على هذا الدستور الجديد “ستجري انتخابات حرّة وشفافة وديموقراطية برعاية الأمم المتحدة”، ولافتاً إلى أنّ “هذا الأمر حتمًا لن يتم إلا بتوفير بيئة آمنة وصفها بيان جنيف وحدّد المسؤول عن تشكيلها وهي هيئة الحكم الانتقالي”.
وأكّد أنّ نظام الأسد وافق على تشكيل اللجنة بالمعايير التي وضعتها الأمم المتحدة، فاللجنة “ستحتوي على 50 ممثلاً من المعارضة، ومثلهم من نظام الأسد، كما يوجد 50 ممثلاً للمجتمع المدني عملنا عليهم كثيراً كي يكونوا متوازيين، بمعنى أنْ لا يكونوا محسوبين على طرف ما أكثر من الآخر”.
وأضاف أنّ “آلية القرار بقيت كما طرحتها الأمم المتحدة، بحيث يحتاج اتخاذ أيّ قرار إلى الحصول على موافقة 75% من الأصوات، فلا يكون هناك طرف متفرّد باتخاذ القرار، كما يوجد تطوّر مهم هو وجود الرئاسة المشتركة للجنة، واحد من نظام الأسد وواحد من الهيئة، سيقوم كلُّ طرفٍ بترشيح ممثله في وقت لاحقٍ”.
وأشار الحريري إلى أنّ “اللجنة الدستورية ستضع مسوّدة الدستور الجديد، وهي التي ستحدّد طريق التوافق الشعبي”، موضّحاً: “ثبّتنا أنّ المسودة بحاجة إلى توافق شعبي تحدّد طريقته اللجان الدستورية”، وستناقش اللجنة أيضاً “السلطة التنفيذية وتفصيلاتها، السلطة التشريعية، السلطة القضائية، الحقوق والحريات، المبادئ العامة، رئاسة الجمهورية، رئاسة الحكومة، طٌرق الانتخاب، وقضايا أخرى كثيرة”.
ورأى الحريري أنّه “نحن بصدد الدخول في نظام سياسي جديد، وهذا النظام لا يكفيه أنْ يكون موجوداً على الورق، فهو بحاجة أنْ تعالج بجانبه السلال الأولى والثالثة، بما فيها الجيش والأمن والقضاء، والقوى الأمنية الموجودة في سوريا، والفلتان، والجانب الاقتصادي، وعودة اللاجئين، ومحاربة الإرهاب”.
وحول الأسماء التي تمّ الاتفاق عليها، قال الحريري: “عموماً تمّ اختيارها وفق معايير الأمم المتحدة، وبالتالي عندما تصدر قائمة الأسماء سنرى أنّه لا يمكن القول إنّ طرفاً تغلّب على الآخر، هي متوازنة، وتتضمّن عدداً كبيراً من الإخوة الأكراد، إذ هناك أشخاص في اللجنة يعيشون في مناطق شرق سوريا الآن”.
وتابع: “التطوّر المهم أيضاً هو إعلان اللجنة الدستورية من قبل الأمم المتحدة، وهذا له رمزية كبيرة، لذلك نحن نتحدث عن عملية أممية”، موضّحاً أنّ “ما يلزمنا وجود نوايا صادقة لدى كلِّ الأطراف للوصول إلى حلٍّ سياسي، وذلك بالإضافة إلى وجود دعم دولي حقيقي”، وعقّب: “إذا أصرّ النظام على التعطيل، نحن نكون قد قدّمنا ما يمليه علينا ضميرنا وواجبنا، ما يهمّنا أن يكون هذا الحدث في مصلحة سورية والسوريين، ونحن نبذل جهدنا في سبيل إحلال السلام عبر انتقال سياسي حقيقي”.
وقال أيضاً: “المعركة ما تزال أمامنا طويلة، نحن نعمل مع الأمم المتحدة والأطراف الدولية على البدء بإجراءات بناء الثقة بعد اللجنة الدستورية، لم يعدْ هناك مبرر للتأخّر بملّف المعتقلين، والذهاب إلى القضايا الأخرى الموجودة في القرار 2254، وعلى قاعدة أنّه لن يتمّ الاتفاق على شيء قبل الاتفاق على كلِّ شيء”.
وبخصوص دور الأمم المتحدة، أكّد الحريري أنّ “العملية ستكون سورية-سورية، بتيسير الأمم المتحدة، كما أنّ الانتخابات اللاحقة ستكون بإشراف الأمم المتحدة أيضاً، ويوجد فقرة خاصة بخصوص ضمان سلامة المشاركين في اللجنة، خصوصاً أنّنا سمعنا عن تعرّض البعض لتهديداتٍ”.
وعدّ أنّ “اللجنة الدستورية ليست نتاجاً لمسار سوتشي، اللجنة طُرحت في جنيف من قبل الأمم المتحدة هي والمبادئ الاثنا عشر، وكان للآلية التي عملت بها الدول الثلاث في سوتشي (تركيا، روسيا، وإيران) الفضل في الحصول على موافقة نظام الأسد على المبادئ واللجنة”.
وإذا ما نجحت اللجنة الدستورية في عملها، يرى الحريري أنّه “نحن سنكون أمام تأسيس نظام سياسي جديد”، والمهم في ذلك أنّ “اللجنة الدستورية ستعكس نصاً وروحاً المبادئ الـ12 والتي تمّ الاتفاق عليها في جنيف، وهذه بمثابة مبادئ عامة أو إعلان دستوري عام يحدّد هوية وشكلِ ونظام الدولة المستقبلية في سوريا”.
وختم الحريري بالقول إنه “من المهم أن تستعيد الأمم المتحدة زمام المبادرة، وتتخذ خطوات جادة من أجل تفعيل أكثر للعملية السياسية، لأن الفرح بإطلاق اللجنة الدستورية فحسب والركون إلى هذا الإنجاز لوحده لا يكفي، لا بد أن يكون الجدول الزمني مُلتَزم به حسب القرار 2254، ولا بد من الذهاب إلى القضايا الأخرى”.