أربعةُ قادةٍ بارزينَ يُدلونَ برؤيتهم حولَ مستقبلِ ما يجري في إدلبَ
عقبَ التوصّلِ لاتفاق وقفِ إطلاق النار الذي تمّ إبرامه في الخامس من آذار بين موسكو التي تدعم قوات الأسد وميليشياتها وأنقرة التي تدعم فصائل الثورة السورية، الاتفاق الذي أوقفَ الاعتداءات بعد تصعيد أسدي روسي عنيف تسبّب في نزوح ما يقارب مليون شخص، على أنْ تنشئ القوات التركية والروسية ممراً أمنياً على جانبي الطريق “M4″، وتقومان بتسيير دوريات مشتركة على طول الطريق في محافظة إدلب.
السياسي لبيب نحاس
ومن جانبه غرّد السياسي سابقاً ضمن حركة أحرار الشام “لبيب نحاس” على موقع تويتر بعدّة تغريدات، حيث أوضح من خلالها بعض الأمور لما يجري في الساحة السياسية حالياً، وقال “نحاس”: “مازالت اتفاقية موسكو ضبابية حتى الآن، ولا نعرف أبعادَها الكاملة، ولكن ما نعرفه هو أنّه لن يكون هناك أيُّ تسليم للمناطق الواقعة جنوب M4، وأنّه سيكون هناك ممر آمن حول الطريق الدولي، وسيتمّ تسيير دوريات مراقبة مشتركة تركية – روسية كما هو معروف”.
مضيفاً بالقول: “وكما رأينا حتى الآن الاتفاقية حفظت ماء وجه الطرفين نسبياً، ومنعت انحدار الوضع إلى مواجهة مباشرة، ولكنّها في ظاهرها لم تحلّ أيَّ معضلة جذرية أو حتى المشاكل التي أدّت الى التصعيد الأخير بين البلدين، لذلك فمن المنطقي توقّعُ تأزّمِ العلاقات من جديد، ولا سيما أنّ الاتفاقية تركت الباب موارباً لهكذا سيناريو”.
وتابع “نحاس” قائلاً: “وإنّ حجم التواجد العسكري التركي في شمال سوريا مؤشر واضح على انعدام الثقة مع الروس، وعلى قرار تركيا بحماية أمنها القومي بالأساليب الخشنة المباشرة بدلاً من الاعتماد على الدبلوماسية، وهذا التواجد العسكري هو أيضاً حمايةٌ للمدنيين السوريين في هذه المناطق، وتعريفٌ لحدود جديدة لاتفاقية سوتشي”.
مشيراً إلى أنّ “الصمود الأسطوري للثوار على مدى عام تقريباً أمام الحملة الروسية المدعومة بالميليشيات الإيرانية الطائفية وفلول النظام، مصحوباً بالتدخّل التركي العسكري الحاسم في اللحظات الحرجة أهم أسباب منع الروس وحلفائهم من الوصول إلى باب الهوى، والذي كان خطّةَ روسيا الحقيقية منذ انطلاقة حملتهم”، ويذكر أنّ “التراجع الذي أصاب الفصائل في الأشهر الأخيرة كان نتيجة طبيعة بل ومتأخرة لحملة عسكرية مسعورة على مدى عام، وجرائم حرب ضد الحاضنة المدنية لإضعاف ثبات المقاتلين الذين هم في غالبيتهم متطوعين، فالنظام لم يصمد 3 أيام أمام قصف طائرات مسيّرة، بينما صمدت الفصائل 4 سنوات أمام قصفِ الروس”.
وأوضح “نحاس” بقوله: “يبدو أنّ الأفق السياسي مسدودٌ حالياً، ولكن قد ندخل مرحلة هدوء نسبي في الأسابيع القادمة، والتي يجب استثمارُها لترميم القدرات العسكرية وتطويرها، وإجراء مراجعة صادقة للأخطاء التي حصلت، لأنّ المعركة قادمة دون أدنى شك ولكن على الثورة معالجة: عدم وجود قيادة سياسية للثورة، وفقدان القرار الوطني”.
كما حدّد “لبيب نحاس” أهم الطلبات التي تحتاجها الثورة السورية خلال المرحلة الحالية قائلاً:
• ليس هناك عودةٌ إلى حدود سوتشي أو استرجاع للمناطق التي استولت عليها روسيا مؤخّراً، كسراقب، ومعرة النعمان والـ M5 والقرى المحيطة بها.
• عودة المهجّرين لن تكون متاحةً على المدى المنظور.
• روسيا ما زالت مصمّمة على الحسم العسكري والاتفاقية هي محطة إجبارية مؤقتة.
• استمرار سريان الاتفاقية الحالية على هشاشتها هو في صالحنا كسوريين، بشرط استثمار هذه الهدنة كما ذكرنا، وعلينا أنْ نعيَ أنّ الطرف الروسي ينتظر أيَّ خرق للاتفاقية لإعطاء شرعية زائفة لتدخّله من جديد، مع التسليم بأنّ الروس سوف يخرقون الاتفاقية عاجلاً أم آجلاً.
• مع رفضنا الكامل لأيِّ قوة احتلال روسي على أرضنا، إلا أنّ محاولة منعِ الدوريات المشتركة ليس في صالحنا حالياً على الأقلّ، ومن يحرّض على هكذا أمر عليه أنْ يكونَ مستعداً لمواجهة النتائج بنفسه، الاستطاعةُ لا تقاس بالقدرة على القيام بالفعل فقط، وإنّما بالقدرة على تحمّل تبعاته كاملة.
• من الأفضل أنْ يتمَّ السماحُ بقيام هذه الدوريات بعملها ولكن مع حشدِ مظاهرات مدنية (حقيقية) على أطراف مسار هذه الدوريات تعكس حقيقة رأي السوريين في الجرائم الروسية ووجودهم على أرضنا، ولا شكّ أنّه ليس أحبَّ الحلول إلى قلوبنا، ولكن من ناحية عملية بحتة: هو المتاحُ ضمن رؤية على المدى البعيد.
• تحويل موضوع الدوريات المشتركة إلى “بازار” جديد تحت شعارات جوفاء، حتى يتمكّن البعضُ من الحصول على مكاسب خاصة هو نموذج رأيناه سابقاً عندما حاولت بعضُ الأطراف عرقلةَ إنشاء نقاط المراقبة التركية، وكلّنا يعرف كيف انتهت تلك البطولات الفارغة وما كان ثمنها، ويجب ألا نقعَ ضحايا للمزاودات.
وللتوضيح: ليس كلُّ من يشارك في المظاهرات ضدًّ الدوريات تمَّ دفعُه نحوها أو يعمل لجهة معينة، لأنّ الاتفاقية فعلاً ضبابية ولم يتمَّ شرُحها، ولم تخرجْ أيُّ جهة رسمية من المعارضة السورية لإعطاء توجيهات حولها، كما أنَّ نقمة الشعب على الروس مبرّرة ومطلوبة، ولكن وجَبَ التحذيرُ من خطف المبادرة الشعبية.
الرائد ياسر عبد الرحيم
ومن جانبه غرّد القائد العسكري في فيلق المجد الرائد “ياسر عبد الرحيم” عبْر حسابه على موقع تويتر بعدّة نقاط تخصّ أيضاً الأحداث التي تجري حالياً في الشمال السوري المحرَّرِ، حيث قال في عدّةِ تغريدات له: “أهلنا المتظاهرين السلميين على طريق M4 والرافضين لمرور آليات المحتل الروسي برفقة الحليف التركي، نُكبِر فيكم غيرتكم ونقدّر خياركم في التجمهر والاحتجاج ولكن الحذرَ الحذرَ ممن يسعى لإفساد وقفتكم ولصرف وجهةِ اعتصامكم ولتشويه مطالبكم”.
وأضاف “عبد الرحيم” بقوله: “لستم إرهابيين أو متطرّفين كما يرغب أنْ يصوّرَكم النظامُ المجرم وآلته الإعلامية، وإنّما مطالبكم محقّة في العودة إلى بيوتكم وحماية مدنكم، فلا تسمحوا لمجاهيل أنْ يخترقوا صفوفكم ويشوّهوا حراككم السلمي، فالنظام منذ بداية ثورتنا لم يألُ جهداً في أنْ يزرعَ بعض عملائه ويوجه بعض مرتزقته ليخترقوا صفوفنا ويشوّهوا حراكنا، واليوم يسعى لضربِ دور الحليف التركي في الحفاظ على آخر المكتسبات لينقضَّ على بقية المحرَّرِ”.
مضيفاً بالقول: إنّ “النظام المجرم يسعى بشكل حثيث لتصوير ما يجري على طريق M4 بأنّه فشل للضامن التركي كي يطالبه بكفِّ يده ورفعِ حمايته عن المنطقة المحرَّرة بهدف اجتياحها، ولذلك واجبنا أنْ نفكّك خططه ونحبطَ مكره، كما أنّ نظام الأسد المجرم برغم عنجهيته وحماقته إلا أنّه يخضع لضامنه الروسي، وينفّذَ كلّ ما يطلب منه دون أيِّ احتجاج أو اعتراض من قبله، وأيضاً ميليشيا pyd تثق بحليفها الأمريكي وتنفّذ جميعَ الاتفاقيات، وواجبنا اليوم كثوار أنْ نتمسّك بحليفنا التركي للحفاظ على مكتسباتنا من المتربصين بنا”.
وأكّد “عبد الرحيم” على أنّه “مازالت يدنا على الزناد ولم نتركْ سلاحنا لحظة واحدة ولن نتركَه ماحيينا، وقبولُنا بتسيير الدوريات المشتركة هو لحماية أهلنا من قصفِ الإجرام الروسي، ولتقويةِ موقف حليفنا الوحيد في الساحة، وهو ضمان لعدم خسارة الأراضي المحرّرة جنوب وشمال M4، والاعتراض سيكون ذريعةً للاحتلال الروسي لاستمرار عمليته الإجرامية بحقّ أهلنا وتشريدهم، حيث أنّ عصابات الأسد لم ترفضْ السماح للدوريات الروسية والتركية بالمرور، وذلك تقوية لموقف حليفها الروسي المجرم، والأجدرُ بنا نحن أنْ نقوّيَ موقفَ حليفنا التركي لأنّه الوحيد الذي وقف إلى جانبنا.
السياسي مصطفى سيجري
وفي ذات السياق، غرّد رئيس المكتب السياسي لفرقة المعتصم “مصطفى سيجري” عدّة تغريدات على موقع تويتر تحت عنوان “إلى أهلنا في إدلب”، وقد قال “سيجري” في أولى تغريداته: “بكلِّ وضوح إنّ أيََ عرقلةٍ للجهود التركية، وقطعٍ للطرقات الدولية سوف يعيدنا إلى مواجهة منفردة مع الروس والإيرانيين، وقلنا سابقاً عدمُ التعاون مع الأتراك سيجعلنا أمام خسارة حتمية لسراقب ومورك وخان شيخون وعشرات القرى الأخرى وهذا ما حصل، فهل نحن جاهزون لتكرار التجربة؟!”.
وأضاف “سيجري” بالقول: “ما بالُ أولئك الملثمين والاستشهاديين والانغماسين وأصحاب الشعارات الرنّانة يغيبون عند تقدّم العدو، ويظهرون لتعطيل الجهود الدبلوماسية التركية، تسييرُ الدوريات لا يعني أبداً فتح الطرقات أمام الروس، وإنّما لقطع الطريق على محاولات تسليم المنطقة وبجهود داخلية كما جرى سابقاً”.
وتابع “سيجري” قائلاً: “حقيقية الموقف الدولي تجاه إدلب اليوم دعم معنوي بعيداً عن أيِّ إجراء ميداني، تركيا دخلت المعركة وإلى جانبنا، وقد امتزجت الدماء السورية التركية وبتنا في خندق واحد، ومحاولاتُ إضعاف الدبلوماسية التركية لا يمكن أنْ نقرأه إلا في سياق الخدمات الوظيفية أو المجانية”.
وختم “سيجري” تغريداته بقوله: “لأهلنا في إدلب الحقُ أنْ يعلموا بأنّ النظام الإماراتي أرسل 50 مليون دولار أمريكي لإحدى التنظيمات العسكرية، من أجل إفشال الجهود الدبلوماسية والعسكرية التركية، وكذلك فعلت دولتان أوروبيتان وقد أرسلوا 25 مليون دولار أمريكي لذات التنظيم، من أجل منعِ أيّ حالة نزوح للمدنيين عند تقدّم الروس والإيرانيين باتجاه تركيا”.
الجبهة الوطنية للتحرير
وبدوره، أفاد مصدر عسكري من الجبهة الوطنية للتحرير التابعة للجيش الوطني السوري بتصريحات خاصة لشبكة المحرر الإعلامية بأنّ “الاتفاق التركي الروسي اقتصرَ في هذه المرحلة على المناطق المتبقية تحت سيطرة فصائل الثورة السورية، وعلى تسيير الدوريات الروسية التركية المشتركة على الطريق الدولي حلب – اللاذقية”، موضّحاً أنّ “الجانبين وقّعا على ضمان عدم حدوث أيِّ خرقٍ عسكري من الأطراف التي ضمنوها أو أيِّ عرقلةٍ لتنفيذ الخطة المرسومة ضمن الاتفاق بين الدولتين”.
وبيّن المصدر العسكري أنّ “الدولتين اتفقتا على عدم التدخّل العسكري مع الأطراف التي ضمنوها في حالِ كان الخرق من طرفهم، ففي حال خرقت قوات الأسد والميليشيات الإيرانية وحلفاؤهم لبنود الاتفاق، فتلتزم روسيا بعدم مساندتهم عسكرياً ويحقُّ للجيش التركي وفصائلِ الثورة السورية استئنافَ عملية درع الربيع مع غطاء جويّ تركيّ، وفي حال حصل الخرق أو عرقلةُ تنفيذِ الاتفاق من قِبل فصائل الثورة السورية التي ضمنتها تركيا فيحقُّ لروسيا وحلفائها استئنافَ العملية العسكرية على كامل ما تبقى من المناطق المحرّرة في الشمال السوري، دون أيِّ تدخّلٍ عسكري من قِبل الجيش التركي.
وأوضح المصدر العسكري بأنّ “الاتفاق نصّ أيضاً على الحفاظ على كافة المناطق التي تقع تحت سيطرة فصائل الثورة السورية في الوقت الحالي، وأنّ المقصود بمراقبة روسيا لجنوب الطريق الدولي تعني بضمان عدم تقدّمِ قوات الأسد وحلفائها إلى تلك المناطق، والمقصود بمراقبة تركيا لشمال الطريق الدولي هي منعُ فصائل الثورة السورية من استهداف الدوريات الروسية التركية المشتركة، ونفى المصدر الإشاعات التي تحدثت عن أنّ هذا البند يعني انسحاب فصائل الثورة السورية من المناطق التي تقع جنوب الطريق الدولي “M4” وتسلِيمها لقوات الأسد وروسيا.
وحول المظاهرات الشعبية والاعتصام المدني السلمي الذي يقوم به الأهالي لقطعِ الطريق أمام تسيير الدوريات الروسية التركية المشتركة، أوضح المصدر العسكري بأنّ “أيَّ حراكٍ شعبي مدني سلمي يعبّر فيه الأهالي عن غضبهم من روسيا دولةِ الاحتلال التي هجّرتهم وقتلتهم هو حقٌ طبيعي وفطرة سليمة ولا يمكن لأحدٍ أنْ يمنعَها”، منوهاً بذات الوقت إلى “ضرورة رفعِ الوعي الشعبي لدى الأهالي بمنعِ وجود أيِّ مجموعات مسلحة مجهولة تحاول استغلالَ وجودهم لتنفيذ مخطّطات تخدمُ قواتِ الأسد وروسيا تحت غطاء ثوري أو ديني أو عاطفي”، ومحذّراً أنّ “عاقبة هذا الأمر قد تكون كارثية على كافة المناطق المحرّرةِ، وقد تحوّلها جميعاً إلى منطقة عسكرية مباحة لقوات الأسد وروسيا”.
وشدّد المصدر العسكري على “ضرورة رفع الوعي الشعبي لدى المدنيين حول حساسية المرحلة الحالية من عمر الثورة وخطورتها، وعلى ضرورة اصطفاف الشعب السوري خلفَ الفصائل العسكرية في الجيش الوطني السوري، وعلى الثقة الكاملة بالحليف التركي ودعم وجوده وقراراته والجهود الذي يبذلها للحفاظ على المناطق المحرَّرةِ.
وفي ختام حديثه نوّه المصدرُ العسكري إلى “ضرورة تحصين الوعي والفكر لدى الأهالي بعدم الانجرار وراء بعض الجهات المجهولة التي تحاول جاهدةً خدمةَ العدو الروسي والأسدي ببثّ مقاطع عنتريات عاطفية لمجموعة مسلحين تحاول استغلالَ الحراك المدني السلمي لغايات خاصة”، منوّهاً إلى “أنّ هذه الأفعال قد شاهدناها سابقاً في عدّة مراحل خلال الثورة السورية وكانت نتائجها سلبية وعكسية على الجميع”.