أصغر ثوار حمص ممن عايشوا الحصار والتهجير شهيداً جميلاً على جبهات ريف حماة

نعى ناشطون ثوريون من مدينة حمص الشهيد “إحسان مدور” الذي رحل يوم أمس الجمعة مقبلاً غير مدبرٍ على جبهات المعارك في ريف حماة الشمالي، طاوياً بذلك مسيرة حافلة بالشجاعة والمواقف البطولية والإقدام رغم صغر سنه.

الشهيد “إحسان مدور” المولود لعائلة معروفة في حمص لم يتوانَ عن الانخراط في ركب الثورة السورية منذ الهتاف الأول عام ٢٠١١، حيث أنّ “إحسان” عايش جميع مراحل الثورة السلمية وكان جريئاً جداً ومميزاً بين أقرانه بشجاعته وروح النكتة والدعابة لديه غير آبهٍ بالموت، كما أنّ “إحسان” شهد جميع حالات القمع والقتل والاعتقالات التي واجه بها نظام الأسد المتظاهرين من أبناء مدينته.

وكان “إحسان” قد رفض الخروج من أحياء حمص القديمة المحاصرة مع عائلته وأقاربه مع تفاقم القصف والتدمير في عام ٢٠١٣، مقرّراً البقاء مع الثوار في حمص للدفاع عن مدينته، وأصبح عنصراً ضمن كتيبة “ثوار حمص المرابطون”، ومن ثم انتسب لكتيبة “الأنصار” مواجهاً أعتى هجمات قوات الأسد على المدينة مع كتيبته ورفاقه وخاصة على جبهتي جورة الشياح والقرابيص ضمن أحياء حمص.

وتنقّل الفتى المقاوم بين أحياء حمص القديمة والقصور وجورة الشياح والقرابيص، وقاوم أصعب وأقسى حالات الجوع والقصف العنيف الذي دمّر غالبية المدينة بنسبة تصل إلى ٨٥% في بعض الأحياء، وعاش على الحشائش والأعشاب وحتى على السلاحف وجلود البقر غير الصالحة للأكل، حيث كانوا لا يجدون سواها لسدّ رمقهم.

واضطر “إحسان” في أيار عام ٢٠١٥ للخروج من أحياء حمص القديمة المحاصرة، وتوجّه مع رفاقه بعدها إلى ريف حمص الشمالي وبقي ٣ أشهر ونصف، حيث شارك خلالها بمعركة تحرير أم شرشوح وغيرها من عمليات التصدّي لهجمات قوات الأسد على المنطقة.

ليتوجّه بعدها “إحسان” إلى الشمال السوري المحرّر، وبقي فيه متنقلاً بين جبهات إدلب وحماة وحلب واللاذقية كقائد صغير، وبعد تحرير مناطق جديدة في ريف حماة حاول الوصول مع بعض رفاقه بسيارة تحمل بعض الإمدادات العسكرية للمحاصرين في ريف حمص الشمالي، إلا أنّ عملاء نظام الأسد منعوا ذلك من الحدوث وقاموا بتفجير السيارة، ليتعرض “إحسان” لحروق بليغة في جسده، حيث لم يذهب أثرها بعد ذلك، ولم يلبث أن استعاد صحته وقدرته على الحركة حتى عاود التزامه درب الثورة وآثر الوفاء لرفاقه على أن يبقى في تركيا حيث مكان علاجه.

ومع اشتداد معارك ريف حماة الشمالي دخل “إحسان” ورفاقه كقوات مؤازرة لصدّ محاولات تقدم قوات الأسد على أحد المحاور، حيث كبّدوا عناصر قوات الأسد والميليشيات التابعة لها خسائر بالغة، حتى نالته إحدى القذائف ليقضي شهيداً جميلاً مشتاقاً لحمص التي سيراها من السماء فقط.

وفي ختام مسيرة الفتى الشهيد “إحسان مدور” وبحسب شهادة أصدقائه الذين قالوا إنّ “إحسان” أحسن لنا جميعاً بتعليمه لنا كيف تسمو النفس، وكيف تتعب بثورتها الأجساد، وكيف يعاهد فيصدق فيوفي لمن سبقه، وكيف أخلص للحرية ولمعشوقته حمص التي مازالت روحه تطوف في سمائها بالرغم من غربة الجسد عنها حتى لحظات حياته الأخيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى