أنسُ العبدة: الغربُ يحمي أوكرانيا ويتعاملُ بـ”ازدواجيةٍ فجّةٍ” في سوريا

انتقد رئيسُ هيئةِ التفاوض السورية “أنس العبدة”، تواطؤَ الدول الغربية وازدواجيتها في “المذبحةِ” التي تجري بسوريا، مقابلَ محاولةِ حماية أوكرانيا وشعبها بسببِ التدخّل الروسي.

وفي حديثٍ مع وكالة “الأناضول” تطرّق “العبدة” إلى مواقفِ الدول الغربية وسرعةِ تدخّلها في دعمِ الشعب الأوكراني وفرضِ العقوبات على روسيا وتباطُئِها حول ما جرى في سوريا، قائلاً، “في سوريا هناك مذبحةٌ بحقِّ شعبٍ كاملٍ أمام مرأى العالم وبتواطؤ دولي، بينما في أوكرانيا العالمُ الغربي كلُّه يحاول حمايتها وشعبها”.

وتحدّث “العبدة” عن الازدواجية الغربية قائلاً، “نحن مع حمايةِ الأوكرانيين من سلاحِ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولكن نحن ضدَّ تلك الازدواجية الفجّة والعلنيّة للدول الغربية”، مؤكّداً أنَّ “قتلَ الإنسان ينبغي ألا يُسكتَ عنه مهما كانت جنسيةُ الضحيةِ أو معتقدُه”.

وأضاف، “ندعم ونثمّنُ مواقفَ الدول الداعمة للصمود الأوكراني في وجهِ الاجتياح والغزو الروسي، لأنَّ البقاءَ دون حِراك يعني إعطاءَ روسيا دفعةً قوية للاستمرار في إجرامها وانتهاكِها لحقوق الإنسان، وتنفيذِ نشاطاتها التوسعية التي لا تراعي أيَّ قانون أو احترام للحريات”.

وتابع، “لا يخفى على أحدٍ أنَّ الموقفَ الأمريكي والغربي في الملفِّ الأوكراني أقوى بكثير من مواقفِهم في الملفِّ السوري، وهذا يدل على خللٍ في استراتيجية تلك الدول التي تراختْ في الحالة السورية”.

وتحدّث “العبدة” عن هذه المواقف المتباينة مبيّناً أنَّ هذا التراخي في سوريا، “أعطى الجانب الروسي دعماً مباشراً وغيرَ مباشر للقيام بمغامرات جديدةٍ قد لا تقف عند حدود أوكرانيا”، وأشار إلى أنَّ “عدمَ استشراف وتوقّعِ الخطرِ قبل تشكّله واقعاً على الأرض، هو أكبرُ فشلٍ يمكن أنْ تقعَ فيه قيادةُ أيّ دولة”.

ويرى “العبدة” أنَّ “تسارعَ الدول الغربية لاتخاذ مواقفَ صلبةٍ ضدَّ روسيا في غزوها لأوكرانيا هو نتيجةُ الشعورِ بالتهديد المباشر الذي يشكّله هذا الغزو على مصالحهم وأمنهم القومي”، أما في سوريا فكانت مواقفُهم أضعفَ ضدَّ رأس نظام الأسد وروسيا، وذلك ليس لأنَّهما لا يهدّدان أمنَهم القومي، بل لأنَّ الدول الغربية لم تستشعر حقيقة ذلك التهديد؛ هم يخسرونَ الشرقَ الأوسط ويتركونها لروسيا وإيران.

واستدرك بالقول، “لكن هذا السلوك اللامبالي سينعكسُ عليهم، فروسيا وإيران جعلت المنطقةَ مرتعاً للإرهاب العابرِ للحدود، وحوّلتْ سوريا إلى معمل مخدراتٍ يفتك بالشعوب جميعِها”.

وأوضح “العبدة” أنَّ “هناك تشابهاً بين ما حصل ويحصل في سوريا وبين ما يحصل في أوكرانيا”، مشيراً إلى أنَّ “غزو روسيا لأوكرانيا هدفُه إضعافُ الغربِ والسيطرةِ السياسية والاقتصادية في منطقة ذات بعدٍ جيوسياسي وجيواستراتيجي مهمّاً”.

إلا أنَّ هناك فروقاتٍ عديدة بين الحالتين، وفقاً لرئيس هيئة التفاوض، مشيراً أنَّ “حكومة أوكرانيا دعمت نضالَ شعبها ضدَّ المطامعِ الروسية وقادته، بينما في سوريا وقفَ نظامُ الأسد خادماً للمصالح الروسية والإيرانية مستدعياً لتدخلهما المباشر بالإضافة للميليشيات الطائفية الإرهابية، واستخدمَ نظام الأسد كلّ الأسلحة الممكنة لقتلِ الشعب السوري فقط لأنّ هذا الشعبَ أراد حريته وكرامته”.

وأكّد “العبدة” أنَّ “روسيا قتلت الشعبَ السوري على مدار سنواتٍ بسلاح روسي وبيدِ نظام الأسد، ثم دخلت في العام 2015 رسمياً بعتادِها وسلاحها، تقتل وتفتكُ بالشعب السوري، والعالم يصمّ أذنيه عن صرخاتِ السوريين واستغاثاتهم”.

كما تطرّق “العبدة” إلى ازدواجية معاييرَ في الإعلام الدولي بتناول الحديث عن اللاجئين، قائلاً، “الإشكاليةُ في الملف السوري أنَّ إعلام بعض الدول عملَ على شيطنة المعارضة السورية وسلاحها، حيث كانوا يروّجون إلى أنَّ المعارضة تخدم منظمات إرهابية”.

مشيرًا أنَّ “هذا القالب الخاطئ تماماً والمعاكسَ للحقيقة تمّ نشرُه بطريقة غيرِ بريئة أبدًا ودعمته الماكيناتُ الإعلامية التابعةُ لروسيا وإيران ونظام الأسد، وهو ما جعل التعاطي مع اللاجئ السوري الهاربِ من النظام على أنَّه قد يكون إرهابياً محتملاً”.

وأضاف، “العبدة”، “لا أقول إنَّ الشعب الغربي أو الدول الغربية بريئةٌ وضحية تضليل؛ ما أريد قولَه إنَّ تلك الدول كانت واعيةً تمامًا للتضليل الحاصل ومحاولات وصمِ المعارضة السورية والشعب السوري بالإرهاب، وكانت صامتةً حيالَ ذلك”، موضّحاً، أنَّ “هذا الموقف أضرَّ بنا وبكفاحنا ضدَّ نظام الأسد الفاشي في وداعميه، كفاحنُا من أجل حريتنا ومستقبلِ بلادنا”.

وأشاد العبدة “بموقف الدول الغربية حيالَ حقِّ الشعب الأوكراني في مواجهة قوةِ احتلالٍ كروسيا”، مستدرِكاً، “لكن عليهم أنْ يتذكّروا أنَّ خسارة سوريا لصالح روسيا وإيران لن يكون أقلَّ خطورة عليهم من تركِ أوكرانيا لروسيا”.

ويرى أنَّ “إيران تريد السيطرة على الشرق الأوسط لتتحدى العالمَ، وروسيا تريد السيطرة على الشرق الأوسط من أجل تعزيزِ قوتِها في مواجهة الغرب”.

وختم بالقول، “لا بُدَّ من توسيع الموقف الغربي ضدَّ روسيا إلى الملفِّ السوري، هذه فرصةٌ دولية لإضعاف الغطرسة الروسية والإيرانية بشكلٍ نهائي، إذا فاتتْهم تلك الفرصة فربّما لن تعودَ في المدى القريب والمتوسط”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى