أين ذهبت الـ100 مليون دولار المقدّمة لتعويضِ الفلاحين المتضرّرين في مناطقٍ سيطرةِ “قسد” ؟

أعلنت الإدارة الذاتية التابعة لميليشيا “قسد” أنّها ستعوّض المتضرّرين جرّاء حرائق المحاصيل الزراعية من خلال جمعِ التبرعات, خطوة لاقت ردود فعلٍ غاضبة من قبل سكان المناطق الشرقية الواقعة تحت سيطرة ميلشيا “قسد”.

وقالت الإدارة الذاتية في بيانٍ نُشر على صفحتها الرسمية في “فيسبوك”، إنّ “مصدر التعويض سيكون عبر تبرّع موظفي الإدارة الذاتية بشكلٍ طوعي بمبلغ وقدره 1000 ليرة سورية من رواتبهم”.

أكثر فئة عبّرت عن غضبها إزاء هذا القرار هي فئة الموظفين، معتبرين أنّ هذا القرار سيكون “إجبارياً” وليس تطوّعياً، إذ قال أحدُهم في تعليق على منشور الإدارة الذاتية: “قرارٌ خاطئ ومجحفٌ وغيرُ واقعي، كون أغلبية الموظفين هم أيضاً فلاحون واحترقت اراضيهم”.

“أبو صبحي” موظف سابق في الإدارة الذاتية، فضّل عدم ذكر اسمه الصريح لأسباب أمنية، قال لـ “زمان الوصل”، إنّ هذا القرار بعيدٌ جداً عن الإنصاف، لأنّ التعويض للتكاليف فقط وليس للمردود المتوقع، وهذا إجحاف.

وأضاف، إنّه بحسبة اقتصادية بسيطة فإنّ لكل 100 دونم “مزروع زراعة بعلية” متوقع متوسط أرباح ما يقارب 4 مليون، بينما المصاريف لا تتجاوز 800 ألف ليرة سورية كاملةً.

ولم يستند قرار الإدارة الذاتية فرض تبرّعات على الموظفين والجمعيات، إلى أيّ مرجعية أو دراسة. وفي هذا الصدد يقول “أبو صبحي”، إنّه “لا يوجد أيّ أساسٍ لفرض دفع تبرعات، إنّما السبب هو التخلص من الضغط بحجة أنّ الموظف في الإدارة هو جزءٌ منها وليس عاملاً معها”.

وفيما يتعلّق بموضوع فرض التبرع بشكلٍ إجباري أو تطوّعي أوضح “أبو صبحي” أنّه بالنسبة للتطوّع أو الإجبار فهو حسب المنطقة، أيّ في مناطق دير الزور والرقة على سبيل المثال لا يستطيعون إجبار أحدٍ “إنّما فضلاً وليس أمراً”، أمّا في الحسكة وباقي الشريط الحدودي فهو “إجباري قطعاً”، حسب وصفه.

وكانت الإدارة الذاتية طالبت خلال اجتماعها الأخير مع المجالس التنفيذية، منظمات المجتمع المدني العاملة في مناطقها، بإطلاق حملة تبرعات واسعة في شمال وشرق سوريا وفي كافة الوحدات الإدارية، بدءاً من المجالس المحلية و”الكومينات” وبإشراف تلك المنظّمات لتحصيل مبالغ تضاف لما يجمع من مبالغ للتعويض، مؤكّدة أنّ التعويض سيشمل فقط الخسائر وليس الفوائد المتوقّعة للموسم الزراعي.

ولفت “أبو صبحي” الانتباه، إلى أنّ الإدارة الذاتية لا تستطيع إجبار المنظمات الإغاثية على الدفع وتعويض المزارعين، كونها تمثل دولاً كبرى وتعمل هنا بحسب شروطها ولا يستطيع أحدٌ محاسبتها.

وتشمل حملة التبرعات، وفق المصدر ذاته، كامل مناطق الإدارة الذاتية مشيراً إلى أنْ التبرع سيكون مع قبض الموظفين رواتبهم في هذا الشهر الحالي، مؤكّّداً في الوقت ذاته أنّه لن يتمَ فتح صندوق تبرعات إنّما ستخصم التبرعات من الرواتب والتي لن تغطي 5٪ من الخسائر، والسبب أنّ التعويض للتكلفة فقط، “وباقي التبرعات الله أعلم وين بدها تروح”، على حدّ تعبيره.

ويقدّر حجم الخسائر في المحاصيل الزراعية في محافظة الرقة بنحو 15 ألف دونم تعرّضت للحرق، وفي القامشلي بلغت خسائر الحرائق نحو 30 مليار ليرة سورية، وفق ما نقل “أبو صبحي” عن مصدر في إدارة الزراعة التابعة للإدارة الذاتية في الرقة.

وأثار هذا القرار كذلك، العديد من التساؤلات حول الأموال التي حصلت عليها ميليشيا “قسد” مؤخراً من السعودية، إذ وجّه أحد المتابعين لمنشور الإدارة الذاتية سؤالًا مفاده: “يا إدارتنا الذاتية ألم يقم ابن سلمان قبل حوالي الشهر بدفع مبلغ وقدره 100 مليون دولار لتعويض المزارعين؟ ألم يدفع لكم؟ أكّده أناس مقرّبون من الإدارة الذاتية .. نعم إذا لماذا سُيؤخذ من الموظف المعتّر مبلغ الألف ليرة علماً إنّني لست موظّفاً .. أرجوكم يا إدارتنا الذاتية جاوبوني؟”.

وكانت صفحة إعلامية محلية نقلت عن “سليمان الخلف” شيخ عشيرة العكيدات قوله: “أكّد الأخ ثامر السبهان وزير الدولة في وزارة الخارجية السعودية مشكوراً خلال لقائنا به بأنّهم سلّموا الإدارة الذاتية وميليشيا “قسد” 100 مليون دولار لتعويض الفلاحين المتضرّرين من الحرائق وأبناء العشائر العربية في الرقة ودير الزور ومناطق من الحسكة، ونحن بدورنا طلبنا من أبناء عشيرتنا تقديم لائحة بأسماء المتضرّرين ليتمّ تعويضُهم بأقرب فرصة”.

وتعليقاً على تلك التطوّرات في مناطق شرق سوريا، قال المتحدّث الرسمي باسم مجلس القبائل والعشائر السورية “مضر الأسعد”: “إنّ ما يجري في منطقة الجزيرة والفرات ومنبج، وهي المناطق التي تقع تحت سيطرة ميليشيا “قسد” عنوانها الفوضى والنهب والفساد، بسبب الذين يديرون الأمور الإدارية والمالية والعسكرية والأمنية، والذين عاثوا فساداً في المنطقة بسبب عدم وجود سلطة يمكن أن تراقب أعمالهم أو قوانين تحكم مسار عملهم”.

وأضاف في حديثه لـ “زمان الوصل”: “لذلك لا توجد غرابة في سرقة تعويضات الفلاحين والمزارعين الذين احترقت مزارعهم، لأنّ من أحرق مزارعهم لا يمكن أن يعمل على تعويضهم، لأنّ الهدف الأساسي هو تطبيق سياسة التجويع بحقّ الشعب السوري في منطقة شرق الفرات، والذي يرفض رفضاً قاطعاً وجود “قسد” في منطقتهم بسبب سياسته العنصرية والإرهابية، وإجراءاتهم التعسفية والإجرامية بحق من يعترض على وجودهم في المنطقة، وخاصة العشائر والقبائل العربية”.

واعتبر “الأسعد” أنّ الدعم السعودي لـ “قسد” هو أمر سيّئ جداً، وقال: “بهذا الدعم لـ “قسد” تمّ ارتكاب جرائم مروّعة بحق أهالي منطقة الجزيرة والفرات، لذلك نحن نتمنى من السعودية وكلّ الدول العربية مساعدة الشعب السوري لكي يتخلّص من نظام الأسد المجرم والتنظيمات الإرهابية، التي ساهمت في تدمير الحجر وقتل البشر وحرق الشجر ومنها تنظيم قسد “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى