إعادةُ المحذوفاتِ إلى المناهجِ الدراسيّةِ يثيرُ جدلاً واسعاً بينَ الطلابِ
تراجعتْ وزارةُ التعليم في “حكومة الإنقاذ” التابعةُ لـ “هيئة تحرير الشام، بشمالِ غربي سوريا، عن “المحذوفات” من المنهاج المدرسي للصف الثالث الثانوي – البكالوريا- ما أثارَ صدمةً لدى الطلاب ولاسيما أنَّهم في منتصفِ العامِ الدراسي.
حيث أثار قرارُ إعادة المحذوفات إلى المناهج حالةَ استنكارٍ من الطلبة والمعلمين على حدِّ سواءٍ، رغمَ المطالب بالتراجع عن القرار الأخير.
في حين اعتبر بعضُ المدرّسين والمسؤولين شكوى الطلاب “دلالاً” وركوناً إلى الخمول والتساهلِ من قِبل جيلٍ درسَ على صوت المدافع والغارات الجويّة، بحسب تقريرٍ لموقع تلفزيون سوريا.
يُذكر أنَّ مديريات التربية والتعليم في منطقة شمالِ غرب سوريا، تعتمدُ على منهاج نظام الأسد منذ سيطرة المعارضة عام 2015، إلا أنَّها لجأتْ إلى حذفِ كلّ ما يعتبر مسيئاً للثورة ومروجاً لفكرِ “حزب البعث” وآل الأسد، إضافةً لحذف فقراتٍ من الكتب العلميةِ في سبيل “التخفيف” عن الطلبة، الذين لم يأمنوا في مدارسهم أو بيوتهم من الاستهداف والقصفِ طيلةَ أعوامِ الحربِ، وهو ما تراجعتْ عنه بقرارها الأخير.
وبحسب ما قاله زيادُ الجهدو، مدرّس مادة الفيزياء في منطقة إدلبَ، إنَّ المحذوفات السابقةَ لم تضعفْ المادةَ العلمية المُقدّمة للطلبة، وإنَّ حذف الدروس كان ضرورياً بسبب استهدافِ المدارس وحركاتِ النزوح المتكرّرة إلا أنَّ قرار إعادة المحذوفات، والذي تزامنَ مع قربِ انتهاء الفصل الدراسي الأول يُعدُّ “كارثةً حقيقيّة”، بحسب التقرير.
في حين قال أستاذُ مادةِ الكيمياء، في عفرين بريف حلبَ الشمالي، عماد باطية، إلى أنَّ الأصل في المناهج المدرسيّة ألا يُحذفَ منها شيء، سوى في الحالات الطارئة، مثل القصفِ أو التهجير أو انتشارِ الأوبئة، مثل “كورونا”.
وبحسب باطية، طالما كلُّ ما سبق “لم يحدث” خلال العام الدراسي الحالي فإنَّ من “الطبيعي ألا يكونَ هناك محذوفات”، لافتاً إلى أنَّ المنهاج المعتمد في المنطقة، هو المنهاجُ السوري القديم، يعتبر “سهلاً” مقارنةً مع المنهاج الحالي في مناطق النظام.
بدوره “استقرارُ المنطقة هو الدافعُ لعودة المحذوفات برأي أستاذ الكيمياء عبد المعطي الحكيم، الذي اعتبر القرارَ “صحيحاً مئة بالمئة”، واستياءُ المعلمين “غيرُ مبرّر”، إذ كان التراجعُ عن المحذوفات “واضحاً” منذُ بداية العام.
يُذكر أنَّ 4.4 مليون شخصٍ، يعيشون في مناطق شمالِ غربِ سوريا، منهم 2.8 مليون نازحٍ، ومنهم 1.7 مليون يسكن في المخيّماتِ.
ووفقاً لإحصائيات مكتبِ تنسيق الشؤون الإنسانية التابعِ للأمم المتحدة (OCHA)، في تشرين الثاني الماضي، يبلغ عددُ المحتاجين للمساعدة 3.5 مليون شخصٍ، بينهم 3.1 مليون شخصٍ بحاجةٍ ملحّةٍ للمساعدات الإنسانيّة.
وعلى الرغم من عمل 63 منظّمة على دعمِ قطاعِ التعليم في شمال غربي سوريا، لكنَّ المساعداتِ الخاصة بالتعليم لم تصلْ سوى لـ 206.5 آلافِ مستفيدٍ خلال العام الماضي، من أصل 1.7 مليون شخصٍ بحاجةٍ للمساعدات التعليمية في المنطقة، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.
إذ لم تلبِّ سوى 18.3% فقط من احتياجاتِ قطاع التعليم للعام الدراسي الحالي في المنطقة، بحسب تقرير (OCHA)، الشهرَ الماضي.
ويشكّلُ التعليمُ الأولوية الثالثة لـ3% فقط من النازحين خلال الحملةِ العسكرية الأخيرة، أمام الحاجاتِ الإنسانية الأخرى، مثل المساعداتِ الشتوية والأمن الغذائي والمنحِ الماليّة، وفقاً لأحدثِ تقييمات مبادرة REACH.
ورغم تسرّبِ 60% من عددِ الطلاب بعمر المدرسة، لكنَّ المدارس العامة تعاني من الضغطِ بعددِ الطلاب، إذ قد تصلُ أعدادُهم إلى 70 طالباً في الصف الواحد.
في حين يرى معظمُ المعلمين الرافضينَ لقرار إعادةِ المحذوفات أنَّ تشجيع الطلاب على العودة لمدارسهم هو الواجبُ، لا تخويفُهم أو الضغطُ عليهم وسطَ الظروف الحالية،و يجد المؤيدون للقرار أنَّ دراسة المنهاج كاملاً تساعد على تقوية الشهادة العلمية، غيرِ الحاصلة على اعترافٍ عالمي، أو حتى تقديرٍ محلي كافٍ.