إيرانُ تسعى لتطويرِ ترسانتَها في دولٍ عربيّةٍ عدّة

ضمن ورقة بحثية أعدَّها “المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية” نصّت على أنَّ إيران تسعى عبرَ “فيلق القدس”، التابع لـ “الحرس الثوري” لتزويد الميليشيات الموالية لها في أربع دول عربية بصواريخ بعيدة ومتوسطة المدى، وأكثرَ دقّة من التي بحوزتها حالياً.

وبحسب مجلة “فوربس” فإنَّ “الحرس الثوري” الإيراني أنشأ شبكة واسعة من الميليشيات المتزايدة القوة والنفوذ في دول عربية عدّة منها “سوريا ولبنان والعراق واليمن” ، بما يلبّي حاجات طهران.

حيث زوّد “الحرسُ الثوري” الإيراني العديدَ من هذه الجماعات بقذائف وصواريخ أكثرَ دقّة وأطول مدى، بالإضافة إلى دعمها ومساعدتها في تطوير قدراتها على إنتاج تلك الأسلحة محلياً.

كما بيّنت الورقةُ التي حملت عنوان “الصواريخُ متعدّدةُ الجنسياتِ”: نهجً إيران الجديد لانتشار الصواريخ” وأنَّ النظام الإيراني “عازم على تمكين جميع وكلائه الرئيسيين في المنطقة من تصنيع صواريخ مدفعية وصواريخ دقيقة التوجيه بشكلٍ مستقلٍّ”.

حيث واصلت القوات الإيرانية تطوير ترسانتها العسكرية في سوريا، خصوصاً بعدَ شنِّ سلاح الجو الإسرائيلي حملة جويّة ضدَّه داخل سوريا، لمنعِ “الحرس الثوري” الإيراني من نقلِ صواريخَ متقدّمة إلى “حزب الله” في لبنان.

حيث نفّذ سلاح الجو الإسرائيلي ما لا يقلُّ عن 500 غارةٍ جويّة في جميع أرجاء سوريا، من دون أنْ تتبنَّى إسرائيل معظمها، وخلال الفترة نفسها، ردَّ نظام الأسد بإطلاق ما يقرب من 900 صاروخ دفاعٍ جويّ في رقم غيرِ مسبوق.

وكالة “رويترز” نقلت في نيسان الماضي، عن مصادر استخبارية، أنَّ إسرائيل “وسّعت بشكل كبيرٍ حملتها الجويّة في جميع أرجاء سوريا ضدَّ مشروع إيراني مشتبه به لإنشاء منشآت إنتاج صواريخ”.

ووفقَ المصادر “تقوم إيران بنقلِ أجزاء من صناعة الصواريخ والأسلحة المتقدّمة إلى مجمّعات تحت الأرض موجودة مسبقاً لتطوير ترسانة متطوّرة”.

وتضمّنت الورقة البحثية مساعي طهران لصنع صواريخ متطوّرة داخل سوريا بديلاً من نقلها إلى هناك براً أو جواً، حيث تكون عرضةً للغارات الإسرائيلية.

وحتى الآن أحبطت الضرباتُ الجويّة الإسرائيلية جهود “الحرس الثوري” الإيراني لإنشاء صواريخَ دفاعٍ جويّ في القواعد العسكرية السورية، ومنعته من تحديث الدفاعات الجوية السورية القديمة، والتي دمّرت إسرائيل أجزاءً كبيرة منها في الأعوام الأخيرة.

فيما أوضحتْ دراسةُ المعهد الدولي إلى أنَّ “الحرس الثوري” الإيراني ساعد “حزب الله” في بناء مصانع إنتاج الصواريخ في لبنان لمعاونته على زيادة ترسانته وتحسين دقّة صواريخه.

وفي العام 2019، قدّر الجيش الإسرائيلي أنَّ “حزب الله” يمتلك عشرات الصواريخ أرض – أرض الموجّهة بدقّة، ولكنّه أشار إلى أنَّ الحزب فشل حتى الآن في إنتاجها بكميات كبيرة محليّاً.

وبدءاً من عام 2013، حاولت إيران إيصال الصواريخ مباشرة إلى “حزب الله” عبْر سوريا، لكنَّها تعرَّضت مراراً وتكراراً للهجوم من قِبل سلاح الجو الإسرائيلي، لذلك سعتْ طهران لاحقاً، ومنذ العام 2016، لتسليم الحزب أجزاء صواريخ يتمُّ تجميعُها بشكل محلي في لبنان، حيث من غير المرجّح أنْ تقومَ إسرائيل بضربات استباقية نظراً لخطر اندلاع حربٍ مدمّرة أخرى في لبنان.

وبحسب دراسة المعهد الدولي، تسيطر إيران على أقوى الجماعات المسلّحة التي تعمل تحت مظلّة قوات “الحشد الشعبي” ذات الأغلبية الشيعية، وقد زوّدت طهران وكلاءها من تلك الميليشيات بصواريخ أكثرَ تقدّماً وطائرات بدون طيّار مجهزة بقنابل وقذائف.

ففي العام 2015، نقل “الحرس الثوري” الإيراني عدداً صغيراً من الصواريخ الباليستية قصيرةِ المدى إلى هذه الميليشيات كجزء من “خطّة احتياطية” في حالة تعرّضِ إيرانَ لهجوم من إسرائيل أو الولايات المتحدة.

ويتراوح مدى تلك الصواريخ بين 200 كيلومتر و700 كيلومتر، مما يضع العاصمة السعودية الرياض أو مدينة تل أبيب الإسرائيلية في مرمى نيرانها في حال جرى نشرُها في جنوبي أو غربي العراق، وفقاً لما ذكرت وكالة “رويترز” في تقرير لها في العام 2018.

ومن المرجّح أنْ يؤدّيَ النقلُ الناجح للتكنولوجيا والمكوّنات للميليشيات الموالية لإيران إلى زيادة صعوبة منعِ انتشار صواريخ مثل أرض – أرض في ترسانات تلك الميليشيات.

كما تدرك إسرائيل التهديدَ المحتمل الذي يمكن أنْ تشكّله القوات المدعومة من إيران في العراق، لذلك يُعتقد أنَّها كانت وراء سلسلة من الغارات الجويّة التي استهدفت منشآت “الحشد الشعبي” في العام 2019 في جميع أرجاء العراق، وفقَ تقريرٍ مجلة “فوربس”.

وكانت تلك الضربات الجويّة الإسرائيلية هي الأولى من نوعِها على الأراضي العراقية منذ أنْ دمَّرت إسرائيل مفاعلَ تموز النووي العراقي في حزيران من العام 1981.

وقد تشنُّ إسرائيل المزيدَ من الغارات ضدَّ تلك الميليشيات إذا بدأت الأخيرة في تطوير الأسلحة الهجومية بعيدة المدى.

أما في اليوم فيستمر الحوثيون بتنفيذ هجمات متكرّرة بصواريخ باليستية وطائرات بدون طيّار، باتت أكثرَ تطوراً أو قدرة على إصابة أهدافها، وذلك من جرّاء المساعدة التقنية والحصول على القطع والمعدّات اللازمة من إيران، وفقاً لمصادر استخبارية متعدّدة.

وفي كانون الثاني الماضي، ذكر تقريرٌ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أنَّ “مجموعة متزايدة من الأدلة تشير إلى أن الأفراد أو الكيانات في إيران تزوّد الحوثيين بكميات كبيرة من الأسلحة والمعدّات اللوجستية اللازمة”.

فيما أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنّ نشر أنظمة “القبّة الحديدية” وصواريخ “باتريوت” للدفاع الجوي بالقرب من منتجع إيلات جنوبَ البحر الأحمر، مردها إلى مخاوف من أنَّ الحوثيين قد يحاولون استهداف المنطقة بالصواريخ أو الطائرات المسيّرة.

وبحسب التقارير أثبتَ الحوثيون أنّهم قادرون على تطوير صواريخ بعيدة المدى يصل مداها إلى 900 ميل، وجرى استخدام بعضها المعروف باسم “بركان 3” في هجوم على السعودية في شباط الماضي.

وحذّر المحلّل العسكري الأميركي، مايكل نايتس، من أنَّ صواريخ “بركان 4” بعيدة المدى قد تهدّد إسرائيل في المستقبل المنظور.وأوضح أنَّ ميناء إيلات جنوبي إسرائيل هو على بعد 1100 ميل فقط من بعض مناطق منصّات إطلاقِ صواريخ الحوثيين، في حين تبعدُ بقيةُ أجزاء إسرائيل 1250 ميلاً كحدٍّ أقصى عن تلك المنصّات.

وأضاف أنَّه “مع زيادة إضافية في مدى تلك الصواريخ بنسبة 20 ٪ فقط، ستكون صواريخ الحوثي، أو طائرات صامدٍ بدون طيّار، قادرة على ضرب أيِّ هدف في إسرائيل، وهو ما قد يفسر سببَ إعادة انتشارِ بعض الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية لمواجهة تلك الأخطار المحتملة”.

وختمت فوربس تقريرَها بالقول إنَّ كلَّ هذه التطوّرات هي تذكيرٌ صارخٌ بأنَّ الحرب بين إسرائيل وإيران، في حال اندلاعها، ستتحول إلى حربٍ مدمّرةٍ للغاية، تجتاح العديدَ من البلدان، في منطقة تعاني بالأساس الكثير من الكوارث الإنسانية والاضطرابات الميدانية والقلاقل السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى