الانهيارُ الغيرُ مسبوقٍ لليرةِ السورية يصدمُ السوريينَ في مناطقِ سيطرةِ نظامِ الأسدِ.. وحكومتُه عاجزةٌ

شهد سعر صرف الليرة السورية تراجعاً كبيراً أمام الدولار الأميركي خلال الأسبوع الحالي، ووصل إلى أدنى مستوى له في التاريخ، مما أثار استياءً شعبياً كبيراً في مناطق سيطرة نظام الأسد بسبب ارتفاعٍ حادٍ في الأسعار ضيّق سبُل العيش على الناس، وزاد كثيراً من صعوبة الحياة.

وسجّل سعرُ صرف الليرة السورية أمام الدولار في السوق السوداء بدمشق صباح أمس الاثنين (683 مبيعاً – 680شراءً)، بعد أن وصل أول أمس الأحد إلى (691 مبيعاً – 690 شراءً)، في حين بقي على حاله في مصرف سوريا المركزي التابع لنظام الأسد (438 مبيعاً – 435 شراءً).

ويقول كثير من العاملين في سوق الصيرفة في مناطق سيطرة نظام الأسد للشرق الأوسط إنّ هذا هو السعر “الأدنى على الإطلاق” في تاريخ سوريا، وأشاروا إلى أنّه وبعد أنْ كان في عهد الاستقلال عام 1946، الدولار يساوي “ليرتين سوريتين”، حافظت الليرة على سعر ما بين 45 و50 مقابل الدولار في الفترة ما بين 2000 ونهاية 2010.

ويؤكّد أحد العاملين في شركة صرافة مرخّصة من قبل نظام الأسد للشرق الأوسط، أنّ “هناك طلباً غيرَ مسبوق على الدولار وبكميات كبيرة” في إشارة إلى أنّ معظم من يقبلون على شراء الدولار من شركات الصرافة هم تجار، بينما يشير عامل في شركة أخرى إلى أنّ هناك مواطنين عاديين أيضاً يقومون بتحويل ما بقي من مدّخراتهم بالعملة السورية إلى الدولار “خوفاً من تدهورٍ أكبرَ في سعر الصرف ووصوله إلى 1000 ليرة”.

باحث اقتصادي فضّل عدم ذكر اسمه، قال للشرق الأوسط، إنّ السبب الرئيسي في هذا التدهور في قيمة الليرة الذي وصل في عام ونصف إلى نحو 45 في المائة، هو العقوبات التي تفرضها دول غربية، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية على نظام الأسد، وعجزُ حكومته وعدم امتلاكها وسائل للحفاظ على سعر الصرف.

وتساءل: “ما دام (مصرف سوريا المركزي) يقوم بتمويل التجار بالقطع الأجنبي بالسعر الرسمي 438 ليرة للدولار لأغراض تمويل مستورداتهم كما يدّعي، فلماذا هذا الإقبال على السوق السوداء؟”. ويضيف: “مع حدوث مثل هذه الحالة، يفترض أنْ يقوم (المركزي) بضخِ الدولار في السوق، مما يؤدّي إلى حالة من الاستقرار في سعر الصرف، ولكن في كلّ مرّة يقف متفرّجاً، والسبب هو تراجع الاحتياطي من العملات الأجنبية الموجود لديه بشكل كبير؛ وربّما نفاده نهائياً”.

وتؤكّد تقارير انهيار احتياطي “مصرف سوريا المركزي” من العملات الأجنبية لديه، خلال سنوات الثورة السورية ، من 20 مليار دولار إلى 800 مليون دولار فقط حالياً.

وكالمعتاد منذ بداية الأحداث في سوريا، ترافق التدهور الحاد الجديد في سعر الصرف مع موجة تحليق جنونية في أسعار المواد الغذائية والخضراوات والفاكهة وجميع المستلزمات المنزلية، مما أدّى إلى تفاقم كبير في حالة سبل العيش للغالبية العظمى من الناس.

سيدة في العقد الرابع من العمر وأثناء تسوّقها لبعض الحاجيات من “سوبر ماركت” بدمشق فوجئت عندما طلب منها البائع ثمن كيلو السكر 350 ليرة، وقالت بغضب بصوت عال: “اتقوا الله… هيك كتير… منذ يومين كان 250، أين الحكومة؟… أين التموين؟”، وتضيف: “الواحد صار بدو شنتة (حقيبة) مصاري ليشتري حاجيات يومين والراتب 30 ألفاً!”.

وخلّف انخفاض سعر الليرة السورية أمام الدولار الأميركي والارتفاع الجنوني في أسعار السلع على مدار سنوات الحرب عواقب كارثية على التكاليف المعيشية للمواطنين، مع مراوحة متوسط الراتب الشهري للموظف في حكومة نظام الأسد ما بين 30 و40 ألف ليرة سورية، في حين لا يتعدّى متوسط راتب موظفي القطاع الخاص 65 ألف ليرة سورية، مما أدّى إلى اتساع شريحة الفقراء في البلاد، وبات حسب بحث أجراه “المركز السوري لبحوث السياسات”، بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت مؤخّراً، أكثر من 93 في المائة من السوريين يعيشون في حالة “فقر وحرمان”، بينهم نحو 60 في المائة يعيشون في “حالة فقر مدقع”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى