الرسومُ المتحرّكةُ السوريةُ في هوليوودَ تخلقُ محتوىً لأطفالِ المخيماتِ المحرومينَ

قد تكون “ريم علي أديب”، فنانة الرسوم المتحرّكة التي تعمل لدى “وارنر بروس إنترتينمنت” في مأمن من فايروس كورونا في منزلها في لوس أنجلوس، والتي تعمل على سلسلة “Netflix Green Eggs and Ham”، ولكنّ أفكارها تكمن في الأطفال الذين يكافحون في وطنها.

قالت للصحيفة: “إنّ قلقي الأكبرَ هو على الأطفال السوريين، الذين هم في الواقع ليسوا في المنزل ولكن في المخيمات، الأطفال اللاجئون هم الفئة السكانية الأكثرُ تعرّضاً خلال هذه الأوقات، أنا وكلُّ السوريين الذين أعرفهم مهتمون بهم وأتمنى حماية هؤلاء الأطفال”.

بدأت “ريم” وأختها “ساندي” المقيمة في قطر مشروعهما الجديد، إنّها قناة على “YouTube” تسمى “Susupreemo” مليئة بالدروس التفاعلية باللغة العربية التي تركز على الفنون والحرف اليدوية.

تقول “أديب”: نحن ننتج مقاطع فيديو ممتعة ومسلية للأطفال، تبدأ جميع عناوين الفيديو بـ”yallah” أو “دعنا”، لذا فهي ليست برنامجاً تعليمياً بقدر ما هي تجربة تفاعلية، سواء للرسم أو القراءة أو القيام بالحرف اليدوية معاً، نأمل في أنْ يستمتع الأطفال بوقتهم ولكن مع وقتِ شاشة إبداعي ومفيد، وأنْ يشاهدوا المحتوى الذي يبدو وكأنه مصمّمٌ خصيصاً لهم”.

تعتقد “أديب” أنّ هناك نقصاً كبيراً في محتوى اللغة العربية على الإنترنت، لماذا؟، وتقول: “هذا سؤال عظيم ولكنّه كبيرٌ، هناك الكثير من الأسباب، ولكن أعتقد أنّه نقص التمويل، لا يبدو أنّ الكثير من المستثمرين العرب مهتمون بإنشاء محتوى يفيد ويغذّي الجيل الشاب، وعادة ما يأتي أولئك الذين يستثمرون بأجندة، سواء كانت ثقافية أو لبيع ألعاب الأطفال أو المجلات”.

في حين أنّ هناك الكثير من وسائل الترفيه المدبلجة القادمة من الشرق والغرب، تعتقد “أديب” أنّه يجب أنْ يكونَ هناك المزيد من المحتوى المصمّم خصيصاً للشباب الناطقين بالعربية، بما في ذلك الرسوم المتحرّكة والعروض التعليمية والموسيقية، وتقول: “الترفيه الذي يتناسب مع واقعهم ويتحدّث لغتهم، أشياء يجب مشاهدتها على شاشة التلفزيون فهي تحمل رسالة إيجابية وسعيدة”.

هذا هو السبب في أنّ هذا المشروع عزيز على قلبها، تقول “أديب”: “أريد أنْ أصنعَ محتوى يجعل الطفل الناطق بالعربية يشعر بإبداع وإبداع، أريدهم أنْ يستمعوا إلى هذه القصص ويشعروا أنّ لهم مكاناً في العالم، والعالم يشجّعهم على تكوين أنفسهم”.

في الوقت الحالي يوجد سبعة مقاطع فيديو تمّ إنشاؤها بشكل مشترك من قبل الأشقاء وتحميلها على قناتهم على YouTube، هذه دروس أساسية حول الرسم وصنع الأوريغامي أو ببساطة قراءة كتب الأطفال بصوت عالٍ، هناك أيضاً صفحة Facebook، حيث يتفاعلوا مع الآباء والأطفال، الذين يرسلون رسومات واقتراحات لمحتوى آخر.

“نأمل في رفعِ معنوياتهم وإلهائهم عن الأحداث الحالية، ولكن في نفس الوقت نشجّعهم على عدم المشاهدة بشكلٍ سلبي بل بدلاً من ذلك إنشاء ورسم مع الفيديو – ونأمل أنْ يصنعوا شيئاً يمكنُهم أنْ يفخروا به”.

بينما تصر “أديب” على أنّها لم تضعْ نوعاً معيناً من الأطفال في الاعتبار عند إنشاء المحتوى، فإنّها تعتقد أنّ مقاطع الفيديو ستكون أكثرَ فائدة لمن تتراوح أعمارهم بين 5 و12 عاماً، عند إنشاء مقاطع الفيديو أفكر في طفلٍ يحب الرسم أو قضاء الوقت مع الورق واللون، أريد أنْ أقدّم له أو لها التشجيعَ الذي يحتاجونه لمواصلة الرسم وربّما بعضَ النصائح التي من شأنها تحسين مهاراتهم وبالتالي السماح لهم بالاستمتاع بالرسم أكثر.

الرسم هو حياة “أديب” بعد كلِّ شيء، ولدت وترعرعت في دمشق، وحصلت على أول وظيفة لها في مجال الرسوم المتحركة في المدينة في سن التاسعة عشر، كانت مع استوديو يدعى “Star Animation”، حيث شاركت في إخراج فيلم قصير يسمى “Laila and the Wolf”، والذي تمّ قبوله في مهرجان شببلك في سوريا، وتمّ إنشاء فيلمها الثاني “المسافر” لمشروع تخرجها في جامعة دمشق.

بعد فوزها بمنحة من الحكومة السورية للمشاركة في إنشاء عرض قصير لحدث دمشق عاصمة الثقافة العربية، انتقلت “أديب” إلى سان فرانسيسكو في عام 2008 لمتابعة شغفها بالرسوم المتحركة ودراسة الماجستير في هذا الموضوع في أكاديمية جامعة الفن، لقد كانت في الولايات المتحدة منذ ذلك الحين، حيث عملت مع الاستوديوهات كمصمّمة شخصية ومع فنانين بارزين تحترمهم مثل “باسكال كامبيون” و”بيل بيركنز”.

شهد الوباء تحوّل صناعة الرسوم المتحركة في لوس أنجلوس إلى العمل من المنزل، وهو تغيير وجدت صعوبة في التكيف معه، وتقول “أديب”: “أميل إلى الازدهار في مجموعة جماعية حيث أحاط بزملائي في العمل، الشيء الجميل في الأمر الآن هو أنّ هناك وقتاً أطول قليلاً لمشروع مثل (Susupreemo)، أعطاني قلّة التنقل والمزيد من الوقت للأحداث الاجتماعية، أختي ساندي لا يمكنها قول الشيء نفسه لأنّها أمٌّ عاملة وهي الآن تدرّس في المنزل طفلها البالغ من العمر 7 سنوات”.

مع الوقت الإضافي تخطّط “أديب” لإنتاج محتوى أكثرَ قيمة للأطفال، تقول: “نتطلّع إلى إنشاء المزيد من مقاطع الفيديو المقروءة، والمزيد من مقاطع الفيديو المرسومة ونأمل أنْ تكون مقاطع الفيديو الراقصة والموسيقية في المستقبل القريب، وبالنسبة للمستقبل البعيد فإنّ هدفي هو إبراز المزيد من الفنانين الناطقين بالعربية وتقديم منصّة حيث يمكن للفنانين الراسخين التحدّث إلى الجيل الأصغر حول الفن والأدب وإلهامهم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى