الشرقُ الأوسطُ: تغييراتٌ ديموغرافيةٌ تُفقِدُ مناطقَ سورية “سوريتَها”

رأت صحيفةُ “الشرق الأوسط” أنَّ آثار سنوات الحرب في سوريا لم تقتصر على نحو نصفِ مليون قتيلٍ وعشراتِ آلاف المفقودين والمخطوفين والمعتقلين، ودمارِ أجزاءٍ واسعة من البنية الاقتصادية والتحتية، إضافةً إلى التشرّد والنزوح واللجوء والفقر والمآسي، بل زادتْ على ذلك بخلق وقائعَ ديموغرافية جديدةٍ، بحيث فقدت بعضُ المناطق السورية “سوريتها”.

ولفتت الصحيفةُ إلى أنَّ منطقة “السيدة زينب” (7 كلم جنوبَ دمشق)، التي تضمُّ مزار “السيدة زينب” ويقصدُه آلاف “الزوار” من إيران، والعراق، ولبنان، وأفغانستان، وباكستان، تبدو كأنَّها خارجَ الأراضي السورية، ولم يعدّ هناك ما يربطها بالبلاد، إلا بقايا من أهلها والنازحين من أهالي الجولان الذين وفدوا إليها بعد نكسةِ حزيران عام 1967، إضافةً إلى من توافدوا إليها خلالَ سنواتِ الحرب من قريتي الفوعة وكفريا في ريف إدلب، وسكنوا إلى جانب السوريين فيها.

وأشارت إلى أنَّ التطوّر الذي طرأ على المدينة خلال السنواتِ الأخيرة هو توافدُ عناصرِ الميليشيات الطائفية الإيرانية الأجانب الذين استولوا على المدينة من فصائلِ المعارضة المسلّحة، موضّحةً أنَّ هذه الميليشيات تعتبر المدينةَ “رمزاً” بكلِّ ما تعنيه الكلمة.

ونقلت الصحيفةُ عن مصادر محلية قولها، “اعتاد المواطنون في المدينة مشهدَ إغلاقها من قِبل أصحاب النفوذ وتقسيمها إلى مناطق نفوذٍ بينهم بالكتل الإسمنتية والحواجز، وكذلك مشهد الميليشيات المسلّحة التي تراجع انتشارُها في الشوارع ظاهرياً، في حين بات الأهالي يهمسون بالصراعات الدائرة بين أصحاب النفوذ والحواجز من جهة، والجهاتِ الأمنيّةِ التابعة لنظام الأسد من جهة ثانية”.

وأضافت المصادرُ أنَّ أحاديث الأهالي تشير إلى عناصرِ الميليشيات الإيرانية الأجانب يقومون بإجراءاتٍ تمنع أصحابَ المحال التجارية الذين غادروا المدينةَ من العودة إلى أسواقها، منوّهةً أنَّ قادةَ الميليشيات الأجانب اشتروا كثيراً من المحال التجارية في تلك الأسواق، ويسعون إلى شراء مزيدٍ طمعاً في إيراداتها المالية الضخمة، خصوصاً أنَّ مدينة “السيدة زينب” تُعدّ من أهمّ 4 مدن شيعية في العالم بعد النجف وكربلاء العراقيتين ومشهد الإيرانية، إذ يصل إيجارُ المحل سنوياً فيها إلى ما بين 10 ملايين و20 مليون ليرة سورية.

وأشارت مصادرُ الصحيفة إلى أنَّ أكثر ما يدلُّ على عمليات شراء العقارات من قِبل عناصر الميليشيات الأجانب هو التغيير في توصيف المباني السكنية بالمدينة، حيث جرى تحويلُ كثيرٍ من الأبنية ذاتِ الطوابق والمساحات الكبيرة من منازل سكنية إلى فنادق بعد إجراءِ ترميمات عليها، وباتت الجادات الفرعية تضمُّ الواحدة منها فندقاً أو اثنين لإيواء “الزوار” والمقاتلين الأجانب.

مجتمعيّاً، لفتت الصحيفة إلى أنَّه تشكّل خليطٌ غيرُ متجانس من بقايا سكان المدينة الأصليين، والجولانيين النازحين منذ “نكسة حزيران” عام 1967، والإدلبيين النازحين من قريتي الفوعا وكفريا، واللاجئين الفلسطينيين، وعناصر الميليشيات الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين والباكستانيين والأفغان.

ونقلت عن خبراءَ اقتصاديين قولهم، إنَّ استمرار الواقع الاقتصادي والتجاري المتردّي يمكن أنْ يتسبّب في تفاقم الاحتكاكات بين تلك الأطراف، لأنَّ ذلك سيزيد من الضغوط على الأهالي الأصليين من أجل استلابِ أملاكهم.

أما أجهزةُ نظام الأسد الأمنيّة، أشارت الصحيفة إلى أنَّها تنشط داخل المدنية، إلا أنَّ دورَها لا يتعدّى أنْ يكونَ موازياً لدور الميليشيات المسيطرة على المدينة، وتقول مصادرُ محليةٌ إنَّ “الأجهزة الأمنيّة تدعم بقاءَ الأهالي الأصليين في المدينة والمتوافدين عليها من الداخل السوري”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى