الغارديان البريطانيّةُ تتحدّثُ عن المنطقةِ الأكثرِ استراتيجيةً في سوريا والتي ستشهدُ حروباً لسنواتٍ

ذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية في تقريرٍ لها، منطقة استراتيجية سورية، متوقّعةً أنْ تستمرَّ الحربُ فيها لسنوات قادمة.

واعتبرت الصحيفة في تقريرها أنَّ مدينة البوكمال، هي إحدى أهم مدن محافظة دير الزور، ويوجد فيها مزيج من اللاعبين والمتنـافسين على القوة والنفوذ، على رأسهم الميليشيات الشيعية من العراق وإيران ولبنان، ومن بينها ميليشيا “حزب الله”، كذلك المرتزقة الروس ورجال القبائل السنيّة وقوات الأسد، أما ميليشيا “قسد” المدعومة أمريكياً، فهي تراقبُ من بعيدٍ، بحسب الصحيفة.

وأوضحت الصحيفة، أنَّ هذه المدينة، التي تقع على الحدود بين العراق وسوريا، أصبحت الجيبَ الأكثرَ استراتيجية في المنطقة، لأنَّ من يسيطر عليها يكون له الكلمة الأقوى على جانبي نهر الفرات، وفقاً لتقرير الصحيفة.

ونقلت الصحيفة عن ضابطٍ كردي من فوق قمة جبل الباغوز، المطلِّ على المدينة، قوله، “لهذا السبب نحن هنا، نراقب المشهد كلُّ تلك الأرض التي أمامنا ستشهد قتالاً لسنوات قادمة”.

وأشارت أنَّه على مدى السنوات الثلاث الماضية، أصابت الضربات الجوية الإسرائيلية بانتظام البوكمال ومداخلها، وكذلك بلدة القائم الواقعة على الحدود العراقية، والأهداف كانت مواقعَ مرتبطةً بالميليشيات الإيرانية، التي تستخدم المدينة لنقلِ الأسلحة والأموال من العراق إلى سوريا.

وخلال اليومين الماضيين أصيب خمسةُ أشخاص من الميليشيات الإيرانية في هجوم يُشتبه أنَّه “بطائرة بدون طيّار إسرائيلية” على المدينة، كما أسفر هجوم في 21 أيلول الفائت عن مقتلٍ خمسةٍ آخرين، وفي كانون الثاني الماضي، قُتل العشرات في أكبر الهجمات حتى الآن.

وقال ضابط آخرُ للصحيفة، “كنا نسمع صوت الطائرات علمنا لاحقاً أنَّهم كانوا إسرائيليين. ضرباتهم مختلفة عن الضربات الأميركية”، موضِّحاً، “الضربات الجوية الإسرائيلية منتظمة إلى حدٍّ ما. إنَّها قصيرة للغاية وعادة ما تكون ضارّةً للغاية. يعرفون ما يريدون ضربه”.

وبحسب تقرير الصحيفة، أصبحت البوكمال الطريق الرئيسي لمشروع إيراني عمرُه ثلاثة عقود يهدف إلى تأمين قوس نفوذ من العراق عبرَ سوريا إلى البحر الأبيض المتوسط، وكان إنشاء مثل هذا الجسر هدفاً استراتيجياً لزعيم ميليشيا فيلق القدس، “قاسم سليماني”، ونائب ميليشيات الحشد الشعبي العراقي، “أبو مهدي المهندس”، اللذان قُتلا في غارةٍ جويّة أميركية في بغداد مطلع العام 2020.

وكشفت صحيفة الأوبزرفر البريطانية في تشرين الأول 2016، عن خطط إيران لإنشاء هذا الممرِّ بين العراق وسوريا عبرَ مدينة البوكمال لأول مرّة، ومنذ ذلك الحين تكثفت الجهود في السنوات الخمس التالية لوقفِ هذه الخطط، بحسب تقرير “الغارديان”.

وقالت مصادر أهلية للصحيفة، إنَّ الكثير من عمليات التهريب عبرَ البوكمال لا تزالُ مستمرّة، موضّحةً أنَّ المدينة تغيّرت بشكل كبيرٍ منذ هزيمة تنظيم “داعش”.

وأشار مواطن من المدينة، “عندما انتقل الشيعة إلى المدينة كان لدينا نفسُ القدر من الخوف من داعش. الحشدُ الشعبي هو الذي يخيف الجميع. إنّهم شيعة وطائفيون للغاية”.

كما أكّد ثلاثة من سكان البوكمال، إنَّ اللواء 47 التابع لميليشيا “حزب الله” العراقية، والذي يقودُه ضابطٌ إيراني، يستخدم الاسم الحركي الحاج عسكر، هو الذي يسيطر على معظم المدينة، حيث عملَ على إبعاد السكان وزعماء القبائل.

وبحسب الصحيفة البريطانية، ينحدر معظمُ المجندين المحليين في اللواء 47 من قبيلتي المشاهد والجغيفي، وقال أحدُ سكان البوكمال، “إنَّهم من باعوا البلدة لإيران. قد فعلوا ذلك بثمنٍ بخسٍ. إنَّهم يساعدونهم في التهريب”.

وأضاف ساكن آخر، “الإيرانيون يشقّون طريقَهم إلى المنطقة. هناك أناس يصلون مثل الشيعة”، ما يحدث ليس تغييراً في شكل المنطقة ولكن في المدينة كلّها. هناك مدارس تعلّم التاريخَ الفارسي، والزعماء الدينيون الشيعة لهم تأثيرٌ كبير على المجتمعات. وهم أقوى من جيش بشار، الذي يقف مكتوفَ الأيدي بينما تضع إيران وأصدقاؤها خطَطهم الخاصة”.

كما قال أحد الضباط الأكراد، “يعتقدون أنَّها أرضهم، وآخرون لهم رأي غيرُ ذلك بمن فيهم نحن. لا أرى نهايةً للقتال”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى