“الغارديان” تدعو لإنشاءِ محكمةٍ دوليّةٍ خاصةٍ بنظامِ الأسدِ

تساءلتْ صحيفة “الغارديان” أنَّه بعدَ المجازر والإبادة.. لماذا لا يزال الأسد في السلطة؟! مؤكّدة أنَّ “قصور المجتمع الدولي” وراءَ بقاء نظام الأسد رغمَ سجِّله الحافلِ بمختلف الجرائم.

وأشارت إلى أنَّ هذا النظام الذي “حوّل بلده إلى مقبرة وقتل مئات الآلاف من الأشخاص من بينهم 25000 ألفِ طفلٍ, كما أجبر ملايين آخرين على النزوح والفرار، جرائم مروّعة ومتنوّعة – جرائم حربٍ وجرائم ضدَّ الإنسانية بخلاف التعذيب الممنهج والقصف العشوائي والهجمات الكيمياوية – وجميعها ارتُكبت باسم رأس نظام الأسد، وما زالت مستمرّة حتى يومنا هذا”, مضيفةً أنَّ “سوريا في حالة خراب، فلماذا بعد 10 سنوات من اندلاع الحرب، لا يزال الأسد في السلطة؟”.

وتقول صحيفة الغارديان إنَّه سؤال له العديد من الإجابات، ولكن يمكن تلخيصُها في إجابة واحدة: قصورُ المجتمع الدولي. لقد صمَد دكتاتور سوريا كلَّ هذه المدَّة لأنَّ المجتمع الدولي سمحَ بذلك.

وأضافت أنَّ لجنة التحقيق الدولية المستقلّة التابعة للأمم المتحدة أصدرت عشرات التقارير الذي تُدين نظام الأسد منذ عام 2011, والآن في تقريرها الأخير تكشف كيف أنَّ عشرات الآلاف من المدنيين”اختفوا قسريًا” من قِبل النظام، أو تعرَّضوا “للتعذيب أو العنف الجنسي أو الموت أثناء الاحتجاز”.

ويشير رئيس اللجنة “باولو بينيرو” إلى فشلٍ عالمي جماعي, لقد استفادت أطرافُ هذا الصراع من التدخّل الانتقائي والإهمال المؤسف للمجتمع الدولي الذي لم يتركْ أسرةً سورية سالمةً, وتابع, “لقد دفع السوريون الثمنَ لأنَّ حكومة استبدادية وحشية أطلقت عنفًا ساحقًا لقمعِ المعارضة, كما أنَّ التمويل الأجنبي الانتهازي والأسلحة وغيرَها من أشكال الدعم للأطراف المتحاربة صبَّ الوقود على هذه النار التي كان العالم راضياً عن مشاهدتِها، وهي تحترق”.

وأشارت الصحيفة أنَّه حالياً تقارير الأمم المتحدة تطارد الغبار, لقد تمَّ جمعُ كمٍّ هائل من الأدلّة من قِبل الأمم المتحدة والمنظمات الأوروبية، لكن لم يتمَّ التصرّفُ بناءً عليها بشكل منهجي، ومازال طغيانُ الأسد مستمراً بلا رادعٍ.

ويضيف تحليل “الغارديان” أنَّ العديد من العوامل الأخرى أبقت نظامَ الأسد في السلطة، منها رفضُ القوى الغربية التدخّلَ بالقوة، حيث بلغ الضغط للقيام بذلك ذروته في عام 2013 بعد أنْ قتلتْ أسلحةُ نظام الأسد الكيمياوية مئات الأشخاص بالقرب من دمشق، وخوفاً من كارثة أخرى مثل العراق، رفضَ مجلسُ العموم التدخلَ العسكري البريطاني، وبعد أيام حذا الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما والكونغرس حذوهما. وقال زعيم حزب العمال البريطاني آنذاك، إد ميليباند: إنَّ مجلس العموم تحدَّث باسم “شعب بريطانيا”!

ووفقاً للصحيفة فإنَّ الأسد يدين ببقائه إلى غريزة معاكسة قادها الاحتلالان الروسي والإيراني, ومن المؤكّد أنَّ قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتدخل عسكرياً في عام 2015 أنقذ جلْدَ الديكتاتور وغيّرَ مسار الحرب, مشيرةً إلى أنَّ قوات الاحتلال الروسي اتُّهِمَتْ أيضاً بارتكاب جرائم حربٍ أيضًا، حيث استعاد نظامُ الأسد ما يقرب من ثلاثة أرباع الأراضي السورية، ولعبت ميليشيات الاحتلال الإيراني دورها الطائفي القاسي، ودفعَ المدنيون أرواحهم ومنازلهم ومستقبلهم.

وأكَّدت الصحيفة أنَّ نظام الأسد لا يزال في السلطة على الرغم من قصفِه بالبراميل المتفجّرة أحياء المعارضة وهجمات السارين والكلور والضربات الجويّة على المستشفيات والعيادات والمدارس التي أجبرت أكثرَ من 6 ملايين سوري على الفرار إلى الخارج.

ومع ذلك، وحتى بعد 10 سنوات، فإنَّ نظام الأسد ليس بمنأى عن المساس, ولا يمكن السماح لانتصار الاستبداد والإفلات من العقاب, إذا كان هناك أيُّ تعويض في نهاية المطاف، فمن المرجَّح أنْ يأتيَ في شكلِ إجراءات قانونية لأنَّ هذا فقط يوفَّر الآن طريقة واقعية لجعله يدفع ثمنَ جرائمه.

وإذا استمرت روسيا والصين في إعاقة المحكمة الجنائيّة الدولية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فيجب على بريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الأخرى ذات التفكير المماثل أنْ تتّحدَ من أجل إنشاء محكمة جنائيّة دوليّة مخصّصة لسوريا.

وفي الحقيقة توجد سوابق في شكل محاكم لمرّة واحدة تمَّ إنشاؤها لمحاكمة مرتكبي الجرائم في يوغوسلافيا السابقة ورواندا، ولا يوجد سببٌ وجيهٌ لعدم إنشاء مثل هذه المحكمة لمحاكمة رأس نظام الأسد وكبار الشخصيات في النظام وكذلك جماعات المعارضة والميليشيات التي تتَّهمُها الأمم المتحدة بارتكاب جرائم حربٍ.

ويختتم المقالُ بأنَّ هذه المأساة الرهيبة تتطلب حسابًا، وإذا كانت حكومة “بوريس جونسون”، على سبيل المثال، تطمح حقًا إلى أنْ تكونَ “قوةً من أجل الخير” عالميّة تدافع عن حقوق الإنسان والقيم العالمية، فيجب عليها من الآن فصاعدًا أنْ تصرَّ، في كلِّ منتدى دولي، وفي كلّ اجتماع مع القادة الروس والصينيين وغيرهم من القادة المؤثّرين، وفي قمّة مجموعة السبع التي ستترأسها هذا العام، على إنشاء محكمة دوليّة، ويجب على الولايات المتحدة والحلفاء الآخرين التصرّف بالمثل. والهدف هو العدالة.

العدالة لجميع أولئك الذين لا حولَ لهم ولا قوة أحياءً وأمواتًا، والذين عانوا بشدّة، العدالة لأمّة ذُبحت وتمَّ خيانتٌها وسطَ أنظار العالم، العدالة قبلَ كلِّ شيء، لديكتاتور جرائمه المروعة تُخجل العالمَ وتُحطُّ من قدره.. وإلى أنْ يقفَ الأسد في قفص الاتهام، فإنَّ الحرب السورية لن تنتهيَ حقًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى