الفرارُ من الموتِ للموتِ.. مشاهدُ الوجعِ لمليونِ نازحٍ من إدلبَ وحلبَ
يفرون من الموت إلى الموت، نحو مليون نازح فروا من إدلب أمام قصف قصف قوات الأسد وحليفيه الاحتلالين الروسي والإيراني، ووصلوا الحدود التركية ليلتحفوا بالعراء في شتاء قاس، أدى لوفاة أسر بأكملها.
وأدى التصعيد العسكري الأخير الذي أطلقته قوات الأسد بدعم جوي من طائرات الاحتلال الروسي في إدلب وحلب منذ منتصف شهر كانون الثاني الماضي، إلى أكبر موجة نزوح على الإطلاق، أجبرت نحو مليون مدني على النزوح من منازلهم في ظل أوضاع إنسانية كارثية، نظراً لعدم توافر الحد الأدنى من متطلبات الحياة واكتظاظ مناطق النزوح بالمدنيين، الذين آثروا النجاة والفرار من قوات الأسد، وكذلك في ظل الطقس السيئ الذي تمر به المنطقة.
ومع استمرار عمليات النزوح الهائلة الناتجة عن التصعيد العسكري, ارتفعت أعداد النازحين من إدلب منذ بدء الهجوم البري في 24 كانون الثاني إلى نحو 380 ألف مدني سوري، في حين ارتفع تعداد النازحين من حلب وإدلب منذ منتصف كانون الثاني إلى 575 ألف مدني، في ظل استمرار العمليات العسكرية جواً وبراً، في حين ارتفع العدد الإجمالي منذ مطلع كانون الأول، إلى نحو مليون و5 آلاف نازح من إدلب وحلب.
ويعيش عدداً كبيراً من النازحين في العراء ضمن مناطق ريف إدلب الشمالي عند الحدود السورية مع لواء إسكندرون، وفي مناطق ريف حلب الشمالي الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني السوري، وذلك نتيجة تهجيرهم بفعل العمليات العسكرية، في ظل العجز التام من قبل المنظمات الإنسانية عن احتواء ومساعدة الأعداد الهائلة من النازحين، كما أن مئات الآلاف المهجرين من دمشق وحمص وحماة والجنوب السوري وحلب وحماة وإدلب باتوا محصورين ضمن منطقتي سرمدا والدانا، ثاني أكبر تجمع سكني في إدلب بعد إدلب المدينة، إذ إن العمليات العسكرية المتصاعدة بريف حلب الغربي الملاصق لتلك المنطقتين قسمت المواطنين بين من جمع أشياءه وغادر نحو المجهول ومن ينتظر التهجير ربما للمرة العاشرة.
وفصل الشتاء الأخير حلّ ضيفاً ثقيلاً على مئات الآلاف من النازحين، حيث إن الأوضاع الكارثية التي يعيشها النازحون باتت هي الأخرى من ضمن العوامل التي تحصد أرواح السوريين، إذ لقي أب وأم وطفلاهما مصرعهم اختناقاً داخل خيمتهم في مخيم “ضياء 3” بالقرب من بلدة “كلي” بريف إدلب، بسبب سوء وسيلة التدفئة المستخدمة.
وقضت عائلة محمد حمادة وزوجته أمون السليم وطفلاه، وجميعهم من النازحين من بلدة كفرروما بريف إدلب الجنوبي، اختناقاً بعد إشعال الفحم الحجري داخل مدفأة قديمة في خيمتهم التي استلموها، وذلك بسبب عجزهم عن شراء مدفأة.
وعثر جيران العائلة على أفرادها بعد اختناقهم. وتبين بعد نقلهم إلى النقاط الطبية القريبة أن سبب الوفاة هو الغاز المنبعث من المدفأة.
وفي الوقت ذاته، توفيت طفلة في مشفى عفرين نتيجة الأوضاع المأساوية التي يعيشها النازحون، حيث أحضر والد الطفلة لمشفى عفرين اعتقاداً منه أنها تعاني من مرض بسيط، حيث خرج سيراً على الأقدام من خيمته الساعة 5 صباحاً وحملها ساعتين في البرد القارس بالطريق، وحين وصل إلى المشفى كانت ابنته قد توفت متجمدة من البرد، نظرا إلى أن والدها لا يمتلك أي وسيلة نقل.
ويشهد طريق “سرمدا” من ريف حلب الغربي والجنوبي الغربي ازدحاماً شديداً، بسبب تدفق النازحين، في ظل الأحوال الجوية السيئة التي تشهدها المنطقة وانخفاض درجات الحرارة إلى نحو الصفر.
ومع اتساع رقعة النزوح وتفاقم الكارثة الإنسانية للمدنيين السوريين، فإن رد فعل المجتمع الدولي لا يرقى إلى مستوى الحدث.