انتشارُ ظاهرةِ “التسوّلِ” بشكلٍ كبيرٍ في مناطقِ سيطرةِ نظامِ الأسدِ

انتشرت في مناطق سيطرة نظام الأسد ظاهرةُ التسول، وتعمّقت هذه الظاهرة التي لم تكنِْ واسعة الانتشار قبل 2011.

ومع تزايد نسبة الفقر بين السوريين في المناطق التي يسيطر عليها نظامُ الأسد، إذْ إنّ أكثر من 93 في المائة من السوريين، يعيشون في حالة فقرٍ وحرمان، بينهم نحو 65 في المائة في حالة فقر مدقع، بسبب انعدام فرص التعليم والعمل، وتردّي الأوضاع الاقتصادية، ما دفعَ الآلافَ من الأطفال والنساء والرجال من مختلف الأعمار إلى التسوّل والتشرّد.

ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن ناشطة في المجال المدني في دمشق قولَها “ظاهرة التسول باتتْ منتشرة بشكلٍ كبير خلال السنوات الماضية، على عكس ما تروّجه وسائل إعلام حكومة نظام الأسد بتراجع نسبة التسوّل في سوريا، ورغم تفعيل مكاتب مكافحة التسوّل في مختلف المحافظات السورية التي يسيطر عليها نظام الأسد، فإنّ ظاهرة تسوّل الأطفال والنساء والشيوخ تنامتْ إلى حدٍّ كبير في الأشهر الأخيرة، بسبب الفقر وغلاء المعيشة وتدنّي مستوى الليرة السورية من جهة، ومن جهة أخرى عدم توافر الأوراق الثبوتية لعددٍ كبيرٍ من الأطفال، بسبب فقدانهم الأب، إما بالاعتقال أو الموت، وبالطبع ذلك يحرمهم من الحصول على بعض المساعدات من قِبل الجمعيات والمنظمات الإنسانية الخاصة التي تقدّم المساعدات الغذائية، وغيرها من حاجيات الإنسان الأخرى كالأدوية والألبسة”.

وأضافت، “نحو 3200 حالة تسوّل (2300 طفل وامرأة، و900 شيخ وصاحب إعاقة)، جرى رصدُها مؤخّراً ضمن العاصمة دمشق يمتهنون التسوّل على أبواب المساجد، والجامعات، والمقاهي، وضمن الأسواق، بحسب مراكز خاصة بالدراسات والبحوث لرصدِ حالة التسوّل”.

أحمد طفل عمره 9 سنوات، أحد هؤلاء يمتهن التسوّل في سوق الحميدية وسطَ دمشق ويعيش مع أمه المصابة بمرض الربو وأخته ذات الـ6 سنوات في غرفة واحدة في منطقة جرمانا بعد أنّ أجبِروا على النزوح من منطقة دوما بريف دمشق، والدهم فُقِد قبل 5 سنوات ولا يعلمون عن مصيره شيئاً، ومعظم أقاربهم هجّروا إلى مناطق الشمال السوري ولم يبقَ لديهم معيل، ما دفع الفقرُ والحاجة الطفلَ أحمد إلى التسول للحصول على بعض النقود لسدّ حاجة أسرته من غذاء ودواء لأمّه.

وقال ناشط آخر ، إنّه “لا يمكن أنْ نسقطَ تهمة التسول على جميع الأطفال، حيث إنّ انفلات القبضة الأمنية والتهاون القضائي في مؤسسات نظام الأسد سوّل للبعض باستثمار عددٍ كبير من الأطفال ممن ليس لديهم معيل بالتسول، فما يجمعه كلُّ طفلٍ متسوّل من هذه المهنة التي تعتبر عاملاً أساسياً بانهيار المجتمعات، تعادل ضعفي الراتب الشهري للموظف، وبالتالي يتقاسم المشغلون والأطفال المبالغ التي يتمّ جمعُها شهرياً، إما مناصفة أو قسمٌ ضئيلٌ من المال يعود للطفل مقابل تأمين مكان إقامته ونومه وتعليمه أساليب التسول لاستدرار عطف الناس وإعطائهم بعض النقود”.

وأضاف الناشط، أنّ معظم المشغّلين للأطفال بالتسوّل، إما نافذون ولهم صلات علاقة بالمؤسسة الأمنية التابعة لنظام الأسد، أو يديرون أعمالهم بطريقة لا يمكن بالسهل اكتشافهم، وبأسماء مستعارة غالباً.

ولفت أحمد إلى أنّه كثيراً ما يتعرّض الأطفال لحالات تحرّش من البعض، وخصوصاً الفتيات وبعض النساء المتسولات، حيث يواجهن هذه الحالة في معظم الأحيان أثناء التسوّل مقابل إعطائهن بعض النقود عبر اللمس أو التحدّث بكلمات غير أخلاقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى