انتقاداتٌ روسيةٌ للأسدِ بسببِ تهربِه من الاستحقاقاتِ السياسيةِ

أثارت تصريحات رأس النظام بشار الأسد في مقابلة مع وكالة أنباء نوفوستي الروسية، انتقاداتِ أوساطٍ روسية رأت فيها محاولة للتهرّب من الاستحقاقات السياسية والأولويات الأساسية على الصعيد الداخلي.

وبدت عباراتُ الأسد لافتة، وهو يتحدّث عن مسار الحرب السورية والمنعطفات الأساسية فيها، متجاهلاً أهمية التدخّل الروسي في سوريا في العام 2015 فضلاً عن تعليقه على موضوع الوجود الإيراني، وإشاراته إلى أنّ الحرب في سوريا سوف تتواصل في اتجاهي شرق الفرات وإدلب.

هذه التصريحات التي حملت تبايناً واضحاً مع القراءة الروسية المعلنة للموقف الحالي في سوريا، تزامنت مع تقليل الأسد من أهمية العمل على مسار اللجنة الدستورية الذي توليه موسكو اهتماماً خاصاً.

وردّ الأسد على سؤال حول الدور الروسي في سوريا وأبرز المنعطفات التي مرّت بها الحرب السورية، بالإشارة إلى أنّ هناك العديد من نقاط التحوّل التي يمكنني ذكرُها، وليس نقطة واحدة.

مؤكّداً أنّ المنعطف الأول كان في عام 2013 عندما بدأنا بتحرير العديد من المناطق، خصوصاً في وسط سوريا وزاد أنّ العام التالي شهد ظهور داعش بدعم أميركي على حدِّ وصفه.

وفيما بدا أنّه تقليل لأهمية التدخل الروسي، زاد أنّ إحدى النقاط الأخرى كانت مع قدوم الروس، وبدأنا معاً تحرير العديد من المناطق، في تلك المرحلة بعد قدوم الروس لدعم الجيش السوري، تمثّلت نقطة التحوّل في تحرير الجزء الشرقي من حلب.

هنا بدأ تحرير مناطق أخرى من سوريا ابتداءً من هذه النقطة.

وفي نقطة تباين أخرى مع القراءة الروسية للتطوّرات السورية، قال الأسد ردّاً على سؤال حول انتهاء الحرب في بلاده: لا، بالتأكيد لا طالما أنّه يوجد إرهابيون يحتلون بعض مناطق بلادنا ويرتكبون مختلف أنواع الجرائم والاغتيالات والجرائم الأخرى فإنّ الحرب لم تنته، وأعتقد أنّ مشغّليهم حريصون على جعلها تستمرُّ لوقتٍ طويل هذا ما نعتقده.

وتحدّث عن إطلاق مقاومة شعبية لمواجهة الاحتلالين الأميركي والتركي، علما بأنّ وزير الخارجية سيرغي لافروف كان بين مسؤولين روس بارزين أكّدوا في الفترة الأخيرة أنّ المواجهة بين الحكومة والمعارضة انتهت في سوريا» وتحدّث عن وجود «بؤرتي توتّر في شمال شرقي البلاد وفي إدلب, لكنّه أكّد على أنّه لا حلَّ عسكرياً للصراع فيهما.

والأبرز في حديث الأسد حول الوضع في إدلب، أنّه رأى أنّ الاتفاقات الروسية – التركية ليست فعّالة, وقال إنّه لو كان اتفاق موسكو وأنقرة فعّالاً، لما اضطررنا إلى تنفيذ أعمال قتالية مؤخّراً في العديد من مناطق حلب وإدلب، لأنّ النظام التركي كان عليه إقناع الإرهابيين بمغادرة المنطقة وتمكين الجيش السوري والحكومة والمؤسسات السورية من السيطرة عليها، لكنّهم لم يفعلوا ذلك.

وشكّل ملفّ الإصلاح الدستوري عنصراً خلافيّاً آخر في حديث الأسد، وفي وقت تولي موسكو أهمية خاصة لهذا المسار، قال: لقد غيّرنا الدستور عام 2012. والآن نناقش الدستور في محادثات جنيف في النهاية، فإنّ مفاوضات جنيف هي عبارة عن لعبة سياسية، وهي ليست ما يركّز عليه عموم السوريين، فالشعب السوري لا يفكّر بالدستور، ولا أحد يتحدّث عنه، اهتماماته تتعلق بالإصلاحات التي ينبغي علينا القيام بها والسياسات التي نحن بحاجة لتغييرها لضمان تلبية احتياجاتهم، هذا ما نركّز عليه حاليا.

ونفى الأسد وجود أيِّ قوات إيرانية في سوريا في نقطة تباين أخرى مع موسكو، خصوصاً أنّه قلّل من أهمية اتفاق إبعاد الإيرانيين عن الجنوب السوري قبلَ عامين، ورأى أنّه كان مجرد إبلاغ من الجانب الأميركي للروس، موضّحاً أنّه ليس لدينا قوات إيرانية، إنّهم يدعمون سوريا، يرسلون الخبراء العسكريين ويعملون مع قواتنا على الأرض، ويتواجدون مع الجيش السوري.

وزاد: قبل نحو عام، أخبر الأميركيون الروس لإقناع الإيرانيين أنّهم يجب أنْ يكونوا على مسافة 80 كيلومتراً عن الحدود مع مرتفعات الجولان المحتلة من قِبل الإسرائيليين، ورغم أنّه لم يكن هناك جنود إيرانيون، لكنّ الإيرانيين كانوا مرنين جداً.

وشدّد الأسد على أنّ قضية الوجود الإيراني بالنسبة للأميركيين هي مجرد ذريعة لاحتلال الأراضي السورية ودعم الإرهابيين، ويتمُّ استخدامها للتغطية على نواياهم الحقيقية.

ورأت مصادر روسية بحسب صحيفة الشرق الأوسط أنّ حديث الأسد حمل ردّاً عملياً على الرؤية الروسية التي قدّمت لدمشق خلال الزيارة التي قام بها وفد روسي إلى سوريا الشهر الماضي وأنّه دلّل على أنّ القيادة السورية ليست مستعدة للتقدّم بأيّ خطوات لدفع مسار التسوية السياسية وتسهيل مهمّة موسكو في هذا البلد.

في حين قال مصدر آخر، إنّ حديث الأسد أظهر محاولته التهرّب من الأزمة الداخلية وتقديم تطمينات إلى مؤيديه بأنّه متمسّك بمواقفه ورأى أنّ محاولة الأسد لقلب بعض الحقائق غير مطمئنة لأنّها تظهر مجدّداً عدم رغبته في الإقرار بحجم وجوهر المشكلة الداخلية في بلاده، فضلاً عن عدم استعداده للسير في مسار الحلّ السياسي.

وأعاد المصدر التذكير بأنّ الأسد كان قبل يومين قال إنّ اللجنة الدستورية مشكّلة من قِبل تركيا مشيراُ إلى أنّ الأسد يحاول أنْ يعطي انطباعاً دائماً بأنّه ليس مهتمّاً بدفع عمل اللجنة الدستورية خلافاً للموقف الروسي.

وكانت أوساط دبلوماسية قريبة من الخارجية قالت في وقت سابق إنّ دمشق سعت خلال الشهرين الماضيين لإقناع الروس بتقديم قرضٍ عاجلٍ وإنّ موسكو تريثت في دراسة هذا الموضوع، لأنّها رغبت في أنْ يرتبط تحسين المناخ الاقتصادي ومواجهة الموقف الداخلي الحالي في سوريا مع تسريع المسار السياسي الذي من شأنه إذا تمّ تنشيطه أنْ يؤسس لضمّ أطراف إقليمية ودولية إلى مسار تقديم المساعدات وأنّ هذا الموضوع تمّ التطرّق إليه خلال زيارة الوفد الروسي إلى دمشق الشهر الماضي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى