بلومبيرغ: هكذا تستخدمُ روسيا المساعداتِ الأمميةَ لدعمِ نظامِ الأسدِ

قال ثلاثة دبلوماسيين غربيين، إنّ الاحتلال الروسي عمد إلى تأجيل الموازنة السنوية للأمم المتحدة، وذلك بهدف دعمِ نظام الأسد، ومنعِ صرف أيِّ مبالغ مالية من شأنها أنْ تغطّي نفقات لجان التحقيق.

وبحسب المصادر التي تحدثت لوكالة “بلومبيرغ”، قام وفدُ الاحتلال الروسي بتعطيل إقرار الموازنة التي تصل قيمتها إلى 3 مليارات دولار وتشمل معظم نفقات الأمم المتحدة بما في ذلك أجور المترجمين وتنقلاتهم الجويّة، وذلك بسبب وجود بند يقضي بصرف مبلغ 17 مليون دولار للجان حقوق الإنسان التي من المفترض أنْ تحقق بجرائم الحرب المرتكبة في سوريا.

وكان من المفترض أنْ يتمّ الإقرار بالإجماع قبل الأعياد المصاحبة لرأس السنة الميلادية, إلا أنّ المسؤول الروسي أبلغ نظراءه العشرين ضمن قاعة المؤتمرات، أنّ الاحتلال الروسي غيرُ موافق، مما أدّى إلى تأجيل إقرار الموازنة التي بقيت حبيسة مقرّ الأمم المتحدة بنيويورك بسبب الرفض الروسي.

وعلى الرغم من أنّ المحادثات التي تسبق إقرار الموازنة تعتبر اعتيادية ضمن أروقة الأمم المتحدة, إلا أنّ الاحتلال الروسي يستغلُ عضويته الدائمة في المنظمة العالمية لدعم نظام الأسد وتوسيع نفوذه في الشرق الأوسط، ولذلك يقوم بعرقلةِ أيِّ تهديد من شأنه تقويض نفوذه في البلد الذي يحاربُ فيه بشكلٍ مباشر لدعم نظام الأسد حليفه.

وقال لويس شاربونو، مدير قسم الأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش: “تبذل روسيا كلَّ ما في وسعها لتقويض عمل الأمم المتحدة في سوريا”.

ويعلم المسؤولون الروس أنّ “أهم طريق للقيام بذلك يتمُّ عبْرَ خنق الموازنات المالية.. الأمر الذي ما يزال غيرَ واضح إلى الآن، هو إذا ما كانت الأمم المتحدة تمتلك إستراتيجية للتعامل مع روسيا”.

في المحصلة تمّ التصويت على الموازنة في 27 كانون الأول على الرغم من معرفة الدبلوماسيين أنّ الاحتلال الروسي سيواصل العمل مستقبلاً لعرقلة تنفيذ أيِّ قرار يعاكس مصالحه في سوريا.

وكان الاحتلال الروسي قد استخدم حقَّ النقض (الفيتو) 14 مرّةً في مجلس الأمن لعرقلة قرارات متعلّقة في سوريا منذ بدء الحرب فيها، حيث يسعى رئيس الاحتلال الروسي، فلاديمير بوتين، تشكيل رؤية جديدة للشرق الأوسط، في الوقت الذي تعمل فيه الولايات المتحدة على الانسحاب من المنطقة.

ويسعى الاحتلال الروسي كذلك لاختراق العلاقات التركية الأمريكية عبْرَ نظام الدفاع الصاروخي الروسي إس-400 والذي دفع البنتاغون لإيقاف عضوية أنقرة في برنامج الطائرات إف-35.

وفي حديث له أمام مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، قال رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير: “روسيا تمارس سلطتها بطريقة صلبة للغاية.. بوتين يعرف كيف يستخدم القوة، هو قومي روسي، ويرى أنّ على روسيا وضع كلِّ أوراقها على الطاولة”.

ويعمل الاحتلال الروسي كذلك للضغط على الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، لإيقاف التحقيق الذي تقوم به المنظّمة الأممية والذي ينظر في الهجمات التي استهدفت المواقع المدنية في إدلب، وشملت المشافي والمدارس، حيث تمّ استهداف المنشآت المدنية على الرغم من مشاركة إحداثياتها مع قوات الاحتلال الروسي لمنع تعرّضها للقصف.

ولم يتوقّف العمل الروسي داخل الأمم المتحدة على عرقلة الموازنة التي خصّصت بنداً للتحقيق في جرائم الحرب المرتكبة في سوريا؛ بل حاولت كذلك إيقافَ ممرِّ المساعدات الإنسانية إلى سوريا.

أرادت الولايات المتحدة وحلفاؤها منحَ الأمم المتحدة ثلاث نقاط وصول على الأقل لتوصيل المساعدات الإنسانية خلال 12 شهراً؛ إلا أنّ الاحتلال الروسي ضغط لتقليص المدّةِ إلى 6 أشهر على أنْ يتمَّ الدخولُ عبْرَ معبرين فقط.

وعلّقت السفيرة البريطانية، كارين بيرس على، القرار الأممي، بأنّه “واحد من أكثر الأيام حزناً” في سوريا لأنّ الاحتلال الروسي “يقامر بحياة الشعب السوري في الشمال الشرقي”. وقالت السفيرة الأمريكية كيلي كرافت “تعمل روسيا بلا كللٍ لدعم الأسد عبْرَ تجويع خصومه”.

وقال دبلوماسيون مطّلعون، إنّ الاحتلال الروسي يضيّق نطاق التحقيق الأممي بعدما ضغط على غوتيريس، ليشملَ عدداً أقلَّ من المواقع المستهدفة في إدلب. ويسعى إلى منعِ نشر نتائج التحقيق.

ولمواجهة الانتقادات التي توجّه لهم عقدَ الدبلوماسيون الروس اجتماعاً في كانون الثاني بنيويورك، يركّز على المساهمات الإيجابية للاحتلال الروسي في مشاريع التنمية، حضر الاجتماع سفير نظام الأسد لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري. كان جالساً على الطاولة مع الروس يهز برأسه ويقول: “روسيا كانت دائماً نموذجاً يُحتذى به”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى