“بوتين” يوضح موقفه من بقاء “بشار الأسد” في السلطة بقوله: “واشنطن لا تعلم ما سيحصل غداً إذا رحل الأسد اليوم؟”

أعلن رئيس الاحتلال الروسي “فلاديمير بوتين” موقفه من بقاء رأس النظام “بشار الأسد” في السلطة خلال لقاء صحفي مع صحيفة “Financial Times” البريطانية يوم الخميس الفائت.

وقال “بوتين”: “عندما تحدّثنا حول هذا الموضوع مع الإدارة الأمريكية السابقة، طرحنا عليهم سؤالاً، ماذا سيحدث غداً في حال رحيل الأسد اليوم؟”.

حيث رسم هذا التصريح لـ “بوتين” ابتسامة على وجه أحد الصحافيين اللذين يجريا معه المقابلة، ليقول “بوتين” متوجّهاً إلى الصحفي الآخر: “من الصحيح أنّ زميلك ضحك، لأنّ الجواب كان مضحكاً لدرجة لا تتصوّرها، والرد كان: لا نعلم، وإذا كنتم لا تعلمون، ماذا سيحدث غداً، لماذا تحرقون الجسور اليوم؟، هذه الصورة قد تبدو مبسطة، ولكن هذا هو الوضع الحقيقي”.

ولا يزال “بوتين” يكرّر هذه الدعابة السمجة منذ سنوات، هو وطاقمه الديبلوماسي وكبار مستشاريه، وكأن اللقاء مع الإدارة الأمريكية السابقة لمناقشة الملف السوري كان لمرّة واحدة فقط، وعلى الرغم من أنّ إدارة “باراك أوباما” عايشت الأزمة السورية لسنوات، حيث أنّ الاستخفاف بالمتلقّين يدفع لهذا النوع من الإجابات المبسترة، فحتى الائتلاف الوطني السوري المعارض لديه خطة متكاملة لليوم التالي لرحيل نظام “بشار الأسد”، فما بالك بالإدارة الأمريكية.

تذاكي “فلاديمير بوتين” للإجابة على سؤال من هذا النوع، اليوم وبعد 8 سنوات من الثورة والحرب، يشير إلى أنّ موسكو مستمرة في بلطجتها داخل سوريا، وليس لديها أيّ رؤية عما يمكن تسميته بـ “الحل السياسي”.

وتابع “بوتين” بالقول بحسب موقع الكرملين الذي نشر المقابلة قبيل انطلاق أعمال قمة “G20” في أوساكا اليابانية: “لهذا السبب نفضل التفكير مفصّلاً في الأمر ودراسته دون استعجال، بالطبع ندرك جيداً ماذا يحدث في سوريا، وهناك أسباب داخلية لهذا النزاع ويجب حلّها، ولكن هذا التحرّك يجب أن يأتي من الجانبين، وأقصد الطرفين المتنازعين”.

كما قال “بوتين” ردّاً على سؤال حول الخطر الذي كان يحيط بقرار التدخل في سوريا: “كبير بما فيه الكفاية، ولكنني فكّرت في هذا الموضوع مسبقاً وجيداً وقيّمت كلّ الملابسات والإيجابيات والسلبيات، كما قيّمت سيناريوهات تطورات الأوضاع حول روسيا وما هي التداعيات بالنسبة إليها، وتحدّثت عن ذلك مع المساعدين والوزراء، وليس فقط مع الأجهزة الأمنية العسكرية وإنّما مع كبار المسؤولين الآخرين”.

مضيفاً قوله: “واعتبرت في نهاية المطاف أنّ النتيجة الإيجابية من مشاركتنا النشطة في الشؤون السورية ستكون بالنسبة إلى روسيا ومصالحها أكبر بكثير من تداعيات عدم التدخل والتفرج السلبي على تنامي قوة الإرهاب الدولي قرب حدودنا”، ومعلقاً على تبعات قرار التدخل في التطورات السورية: “أعتقد أنّها جيدة وإيجابية، وحقّقنا أكثر مما كنت أتوقعه”.

واستطرد “بوتين” مبيّناً: “كما أقمنا علاقات جيدة وعملية مع كلّ دول المنطقة، ومواقعنا في الشرق الأوسط أصبحت أكثر استقراراً، وقمنا حقاً ببناء علاقات طيبة وعملية وقائمة على مبدأ الشراكة، وأحياناً حتى بعناصر التحالف، مع كثير من دول المنطقة، ليس فقط مع تركيا وإيران، وإنٍّما مع بلدان أخرى”.

أي فعلياً، موسكو بحسب كلام “بوتين” لا تكترث لسوريا بحدّ ذاتها، بل استفادت من تدخلها العسكري فيها لفتح علاقات مع دول الشرق الأوسط، ولاستخدام التدخل في سوريا كورقة للتفاوض مع الولايات المتحدة الامريكية.

وحين يتعلق الأمر بالدولة السورية نفسها، يقول “بوتين”: “لقد تمكنّا من الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ومنع اندلاع الفوضى هناك مثلما حصل على سبيل المثال في ليبيا، وتطوّر الأحداث بصورة معاكسة وأسوأ كان سيأتي بتبعات سلبية بالنسبة لروسيا”.

أي أنّ أجهزة الأمن والمخابرات والجيش التابعين لنظام الأسد، والتي ثار السوريون ضد عسفها وجورها وقمعها، هي ذاتها الأجهزة التي فتكت بهم طيلة السنوات الماضية، وقتلت منهم مئات الآلاف تعذيباً في المعتقلات، أو قصفاً بكلّ الأسلحة الغبية من البراميل المتفجرة إلى السلاح الكيماوي.

أما السبب الأكثر أهمية بحسب “بوتين” فهو الذي أشار له بقوله: “سأقول مباشرة دون إخفاء، ناهيك عن تعبئة قواتنا المسلحة، التي تلقّت خبرة لا يمكن تصوّرها في أيّ تدريبات في الأجواء السلمية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى