تحتَ تأثيرِ الظروفِ الاقتصاديةِ السلبيةِ .. السوريونَ مجبرونَ على تغييرِ الظروفِ الاجتماعيةِ الممارسةّ في رمضانَ
أطلّ شهرُ رمضانَ مجدّداً على السوريين حاملاً معه “اقتصادياً” أعباءً ماديةً كبيرة وهموماً مستمرّة منذ سنوات تتجسّد في جشع تجّار وسماسرة الأسواق الذين ينتهزون كافة المواسم والفرص ليستثمروها في مضاعفة أرباحهم على حساب الإنسان السوري المنهمك جرّاء حربٍ فرضها نظام الأسد وطالت الجميع منذ سنوات.
وتحت تأثير الظروف الاقتصادية السلبية غيّر أكثرُ الناس الطقوس الاجتماعية الممارسة في شهر رمضان، بسبب ارتفاع الاسعار, ومن هذه الطقوس ما تمّ العزوف عن شرائها كالعصائر الجاهزة كالتمر الهندي والعرق سوس والتوت الشامي واستبدالها بعصائر الظروف الجاهزة، ومنها ما تمّ التخلي عنها كالمعجنات “المعروك والسمّون” ومادة “الناعم” التي تشبه الخبز المقلي المُزين بدبس العنب، وهي مادة تُصنع وتُباع في شهر رمضان.
يبلغ راتب الموظف في الدوائر الرسمية لدى نظام الأسد ما بين 30 إلى 40 ألف ليرة سورية شهرياً فقط، وفي القطاع الخاص يحصل المحظوظون ممن وجدوا مكاناً فيه راتباً شهرياً بين 40 و 60 ألف ليرة، وبحسب بيانات شبه رسمية تحتاج العائلة المكونة من خمسة أفراد لمصاريف شهرية تبلغ 360 دولار أمريكي.
ونقل موقع “اقتصاد” عن “أم أحمد”، (تعمل معلمة صف، وتقطن في حي الميدان وسط دمشق، ومتزوجة ولديها ثلاثة أطفال), قولها, إنّ المواد المقنّنة في قائمة الاحتياجات المنزلية الأساسية تزداد سنةً بعد الأخرى بسبب ضعف ومحدودية الدخل، موضحةً بأنّ راتبها الشهري لا يتجاوز 40 ألف ليرة سورية، أي أقل من 40 دولار أمريكي، وهو بالكاد يكفي لشراء صنف واحد من العصائر الرمضانية وكمية قليلة من المعروك على مدار شهر رمضان.
ونوّهت بأنّ وجبة افطار واحدة لا تحتوي اللحوم أو الدجاج أصبحت تكلفتها تتجاوز 6 آلاف ليرة دون احتساب تكلفة السحور الذي بات يُقتصر على الزعتر والزيت لدى الكثير من العائلات.
المحنةُ الاقتصادية رافقت السوريين منذ العام 2012 وسط تعنّت نظام الأسد ورفضه لمطالب التغيير وغياب مؤسسات رسمية تحمي الإنسان من الابتزاز والنصب في الأسواق وانعدام وجود منظمات إنسانية محايدة تعمل على دعمِ الإنسان ليتغلّبَ على الواقع الاقتصادي الصعب ولو في الحدود الدنيا، وفقاً لما نقله موقع “اقتصاد”، عن “معتز”، الذي يقطن في محافظة حمص، ويعمل في مجال الإنشاءات.
وأضاف “معتز” أنّ التجار على مدار السنوات الماضية يبتكرون ذرائع تتماشى مع الظروف والواقع، وحالياً يقولون إنّ سبب ارتفاع الأسعار يعود لانتشار جائحة كورونا من جانب، حيث تقلّصت عمليات التصدير والاستيراد حول العالم، وهبوط سعر الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي من جانب آخر.
وبحسب معتز لم تؤثّر كورونا على الأفراد كثيراً كون معظمهم عاطلين عن العمل، أمّا ذرائع التجار فهي غير واقعية لأنّ سوريا وبالرغم من تضرّر الكثير من القطاعات التجارية فيها إلّا أنّها قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي للناس ولو في الحدود الدنيا، واضعاً تهريب البضائع خارج سوريا مثالاً على ذلك، وآخر الأمثلة على ذلك كشف الحكومة اللبنانية عن مصادرتها لدفعة كبيرة من بيض الدجاج المهرّب إليها من سوريا دون حسيب أو رقيب من نظام الأسد، في الوقت الذي تُباع فيه البيضة الواحدة في الأسواق المحلية بنحو 100 ليرة.
وتتباين الأسعار خلال اليوم الاول من شهر رمضان, بين منطقة وأخرى, بحسب ما رصد موقع “اقتصاد” في العديد من الأسواق بالمحافظات السورية مع اختلاف جهة السيطرة عليها.
ومن خلال رصدِ الأسعار فإنّ محافظة إدلب الخاضعة لإدارة حكومة الإنقاذ، ومناطق “إعزاز، الباب، جرابلس، عفرين” الخاضعة لإدارة الحكومة المؤقّتة، تقلّ الأسعار فيها بحوالي 20% عن الأسعار في مناطق سيطرة نظام الأسد. أمّا الأسعار في مناطق سيطرة ميليشيا “قسد” فتقل بنحو 30%.
ووصل المواطن السوري إلى ذروة الفقر والعجز ولم تبلغْ الأسعار ذروتها بعد، لا سيّما بعد أنْ تجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد 1250 ليرة سورية، ناهيك عن مؤشّرات باقتراب تطبيق قانون العقوبات الأمريكي “سيزر” المُوقع أواخر كانون الأول من العام الماضي، ومؤشّرات تحوّل لانهيار في الاقتصاد العالمي وتخفيض الانفاق جرّاء مخاوفِ انتشار جائحة “كورونا”.
وكانت سوريا قد تصدّرت مؤخّراً الدول الأكثر فقراً بنسبة بلغت 82،5% بحسب بيانات “World By Map” العالمي، وبحسب الأمم المتحدة يحتاج نحو 11.7 مليون إنسان سوري إلى مساعدات إنسانية في جميع أنحاء سوريا.