تراشقاتٌ إعلاميةٌ بينَ الإعلامِ الروسي والإعلامِ الموالي لنظامِ الأسدِ
وجّه إعلام الاحتلال الروسي انتقاداتٍ حادّة لنظام الأسد، بخصوص اللجنة الدستورية وإنهاء الصراع العسكري في البلاد. وهذه الانتقادات التي باتت تتكرّر باللغة العربية عبر موقع “روسيا اليوم”، إلى جانب المواد التي تنشر بالإنجليزية والروسية في منصات أخرى، أثارت للمرّة الأولى استياءً واسعاً في إعلام نظام الأسد، الذي ردّ بدوره لتفنيد الاتهامات، ما يعكس، بشكلٍ أو بآخر، وجود خلاف بين الاحتلال الروسي ونظام الأسد، يتحدّث عنه ناشطون معارضون منذ أشهر.
ونشر موقع “روسيا اليوم” مقالاً بعنوان “سوريا حبلى بالبدائل وليست عاقراً بالتوريث”، لكن الانتقادات الموجهة لنظام الأسد بشأن تعطيل الحلّ السلمي في البلاد، إلى جانب الاتهامات التقليدية للمعارضة، لم تعجبْ الإعلام الموالي، فنشر ناشطون موالون منشورات تساءلوا فيها عن سبب نشر هذه المواد في هذا التوقيت، بينما نشر موقع “سناك سوري” الموالي، تقريراً حاول فيه الردّ على المقال الروسي.
وجاء في تقرير “سناك سوري”: “يحمل المقال الكثير من التنظير على نظام الأسد والتوجيه ويذهب أبعد بكثير من النصح، ويحتوي مفردات وعبارات غير مطروقة في الإعلام الموالي، وحتى الروسي الداعم لنظام الأسد، أكثر من ذلك يبدو في شكلٍ من أشكاله كأنّه خارطة طريق يراد اختبار ردّة الفعل عليها، فهو يراجع الماضي والحاضر ويحدّد رؤيته الخاصة لما هو الأفضل للمستقبل”.
ويأتي انتقال هذا الصراع إلى حيز علني بشكل ردح متبادل بسبب “تجرؤ” إعلام الاحتلال الروسي على انتقاد رأس نظام الأسد، خصوصاً أنّ الانتقادات باتت تصل إلى التلميح بفكرة بدائل له كوكلاء لموسكو في البلاد، علماً انّه عندما كانت انتقادات “روسيا اليوم” مثلاً تتناغم مع ما يكرّره إعلام نظام الأسد عن “فساد الحكومة” أو ما شابه من عبارت تبرِّئ رأس نظام الأسد شخصياً من مسؤولية كلّ ما يجري في البلاد على كافة المستويات، كان الإعلام الرسمي يثني على دور “الإعلام الحليف” ويستعين به لتقوية خطابه أمام الجمهور المحلي، بوصفه “إعلاماً أجنبياً محايداً”.
والحال أنّ الردح الإعلامي بهذه الصورة، قد يكون تخفيفاً من حدّة اللهجة بين الجانبين، حيث يتمّ النشر دائماً لكتّاب “يعبّرون عن وجهة نظرهم”، مع عدم وجود لهجة مماثلة في الخطاب الدبلوماسي. ويفسح هذا الأسلوب غير المباشر مجالاً لعدم إلحاق ضرر كبير بالعلاقات بين الطرفين، وإنْ كان يشي بوجود خلل حقيقي.
وإنْ كان مقال “روسيا اليوم” الأخير يتحدث عن استبداد عائلة الأسد بشكلٍ صريح بالإضافة لمشكلة وراثة بشار الحكم عن والده حافظ، فإنّ إعلام الاحتلال الروسي عموماً انتقد بشكل غير مسبوق في الفترة الأخيرة تصريحات رأس نظام الأسد تجاه عدد من الملفات، منها تصريحاته بخصوص اللجنة الدستورية التي شهدت جولتها الأولى للمرّة الأولى حواراً مباشراً بين ثلاثة وفود سورية للمعارضة ونظام الأسد والمجتمع المدني، وتنصّل فيها من وفده المفاوض بالقول إنّه وفد لا يمثل نظام الأسد. بالإضافة لتصريحاته التي هاجم فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووصفه باللص، ما استفز شبكات إعلامية مقرّبة من الكرملين للردّ، ومن ضمنها شبكة “روسيا اليوم” التي نشرت بالعربية مقالاً اعتبرت فيه تصريحات الأسد صاخبة وغير مسؤولة.
وظهر رأس نظام الأسد في حوارات متكرّرة مؤخّراً، ما أثار تحليلات كثيرة في وسائل الإعلام المعارضة، والتي رأت أنّه خضع لضغوط روسية للمشاركة في أعمال اللجنة الدستورية، ثم حاول بكلِّ السُبل التهربَ منها وتعطيلَ أعمالها، ما استدعى ردّاً روسياً غير مباشر عبر الإعلام الروسي. كما أنّ هذه المقابلات، وتحديداً حواره مع شبكة “روسيا 24″، بدت محاولة لإصلاح الضرّر الذي تسبّبت به التصريحاتُ سابقة.
يُذكر أنّ “رئاسة الجمهورية السورية”، أصدرت بياناً قبل أيام يقضي بعدم بثّ كافة الفعاليات والإطلالات الإعلامية لرأس نظام الأسد، “كي لا يستغلها الإعلام المعادي والخصوم”، ما فهم على نطاق واسع أنّه إشارة للإعلام الروسي تحديداً.