تركيا.. ضباطٌ متقاعدونَ “يتحرَّكون” ضدَّ أردوغان وردودَ فعلٍ شديدةِ اللهجةِ

شهدت تركيا ليلةً ساخنة مع إصدار 103 أميرالات بحريين متقاعدين، بياناً رفضوا فيه عزمَ الحكومة على تنفيذ مشروع قناة إسطنبول المائية التي تصل البحر الأسود ببحر مرمرة بشكلٍ موازٍ لمضيق البوسفور، وتناول اتفاقيات دولية معنية بالمضائق البحرية.

وتضمّن البيان تهديداً وإدانة للمساعي الحكومية، على اعتبار أنّها تخرج بالقوات المسلحة والقوات البحرية عن قيمها وعن الخط الذي رسمه “مصطفى كمال أتاتورك” مؤسس الجمهورية، وحمَّل البيان تاريخ اليوم الأحد، واستدعى ردودَ فعل كبيرة من أركان الحكومة وحزب العدالة والتنمية الحاكم.

وجاء في البيان الذي سبّب ليلة ساخنة في تركيا، مع تناول روّادِ مواقع التواصل الاجتماعي البيان، والحديث عنه على أنَّه تهديد بانقلاب عسكري: “أيها الشعب التركي العظيم، أخيراً كان هناك حديث عن قناة إسطنبول المائية وإلغاء اتفاقيات دولية، ومنها اتفاقية مونترو (1936 اتفاقية المضائق)، وهذه المناقشات تشعرنا بالقلق”.

وأضاف البيان: “إنَّ المضائق البحرية التركية تعتبر أهم المعابر المائية في العالم، وأديرت باتفاقيات دولية متعدّدة الأطراف سابقاً، ومن نتيجة الاتفاقيات اتفاقية مونترو التي تحمي حقوق الشعب التركي بأفضل شكلٍ، من خلال السيطرة التركية على المضائق بشكل كاملٍ واتفاقية لوزان (1923 اتفاقية الصلح) تكمل هذا النصر الدبلوماسي، وشكّلت الاتفاقية البحر الأسود بحراً للسلام للدول المطلّة عليه”.

وأوضح البيان أنَّ “اتفاقية مونترو تمنع تركيا في حال نشوب أيِّ حربٍ أنْ تكون مع أحد أطراف الحرب، ما وفَّر لتركيا حقَّ الحياد في الحرب العالمية الثانية، ولكلِّ ما سبق، فإنَّه يجب الابتعاد عن نقاش اتفاقية مونترو أو تناوله بشكل قطعي”.

وسرد البيان عدم ارتياح الموقّعين عليه من “مناقشات تغيير الدستور، حيث إنَّ الجيش يرفض تغيير الدستور، ولا يمكن تناول مسألة كتابة دستور جديد، بل على العكس فإنَّ شعار الجيش هو ضرورة استمرار العمل بالدستور دون تغيير، ولكلِّ ما سبق فإنَّ البلاد خرجت من قيم الجيش والقوات البحرية، والخطِّ العصري الذي رسمه أتاتورك، وهو أمرٌ مُدانٌ ونقف ضدَّه، وعلى العكس من ذلك فإنَّ مسألة بقاء تركيا ستتعرّض للمخاطر وعبرَ أمثلة واضحة في التاريخ”، وحملَ البيان أسماء الموقّعين.

وعلى الفور، ردَّت الحكومة وقيادات من حزب العدالة والتنمية الحاكم على البيان، حيث أفاد رئيس دائرة الاتصالات في رئاسة الجمهورية، “فخر الدين ألتون” عبْرَ تويتر: “الشعب أظهر للصديق والعدو في 15تموز من عام 2016، كيف داسَ على الانقلابيين، اعرفوا حدودَكم”.

وأضاف: “تداعى عددٌ من المتقاعدين على إصدار بيان أثار حماسة الطابور الخامس فوراً، اجلسوا مكانكم، تركيا القديمة التي تتحدثون عنها باتت في الماضي، تركيا دولة قانون فمن أنتم، وبأيِّ حقٍّ تشيرون بأصابعكم إلى إرادة الشعب الشرعية، تركيا دولة قانون لا تنسوا ذلك، ولن تستطيع قوى الوصاية التسبٌّب بأيِّ ضررٍ للديمقراطية”.

من ناحيته، قال رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب عبْرَ تويتر: “أنتج عددٌ من المتقاعدين الذين لم يظهروا قَطّ في كفاح البلاد مع الأعداء في الجبهات داخل البلاد وخارجها، أجندةً من عندهم ليعملوا على سمسرة الفوضى في البلاد، الشعب البطل دفن كلَّ الانقلابيين في التراب في 15 تموز، فالتعبير عن الرأي يختلف عن الدعوة إلى الانقلاب وإعدادِ البيانات”.

أما وزير الداخلية سليمان صويلو، فقال عبْرَ تويتر أيضاً: “الشعب التركي يحب لباس الجيش ويعتبره كرامته، وبعد التقاعد تزداد الكرامة أكثرَ ويظهر الارتباط بالديمقراطية والدولة والشعب، وكلّ من يحترم هذا يتمُّ ذكرُه بالشكر دائماً، وماذا عن البقية؟”.

وقال نائب أردوغان في الحزب “نعمان قورطولموش”: “يسعى محبّو تركيا القديمة ونظامُ الوصاية عبْرَ بيان مزعوم بإعطاء دروس للشعب في السياسة، لكن تلك العهود ولّت، اعرفوا حدودكم، واعلموا أنَّ الشعب حمى إرادته الشعبية ودولته وديمقراطيته بعد أنْ دفعَ بدل ذلك”.

وترفض المعارضة التركية تنفيذَ الحكومة مشروعَ قناة إسطنبول المائية، كما ترفضها الدول الكبرى في العالم، حيث ترى الحكومة أنَّ القناة توفّر سيادةً للبلاد، وتدرّ أموالاً على تركيا في الوقت الذي تعتبر فيه المضائق حالياً معابرَ مائية دولية مفتوحة، ويحقُّ لتركيا إغلاقها في وقتِ الحرب فقط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى