هذه هي مساعي فرض موسكو لهدنة مؤقتة عقب معارك ريفي حماة وإدلب الطاحنة

تحدثت مصادر إعلامية روسية ومصادر أخرى محلية موالية لنظام الأسد عن تهدئة في ريف حماة الشمالي لمدة ثلاثة أيام، كما نشر “عمر رحمون” وسيط اتفاقيات المصالحات في سوريا، تغريدة عبر حسابه في موقع تويتر بتاريخ 12 حزيران الجاري، عن وجود “هدنة تمتد لثلاثة أيام بريف حماة الشمالي”.

فيما نفت فصائل الثورة السورية أي حديث أو علم حول هدنة بينها وبين قوات الأسد والاحتلال الروسي على عكس ما روجت له صفحات وقنوات موالية للنظام يوم الأمس.

كما قال المتحدث باسم جيش العزة النقيب “مصطفى معراتي”: إن “جيش العزة لا علم له بموضوع أو طرح الهدنة، ولم يبلغه أي طرف بذلك، وإن مؤتمرات سوتشي وآستانة وغيرها لم توقف القصف على مناطقنا، وللك نحن في جيش العزة سنبقى حربة في نحورهم”.

ولفت النقيب “معراتي” بقوله: إن “المناطق التي استطاعت الفصائل السيطرة عليها مؤخراً في ريف حماة من قوات النظام، شكّلت عدة فوارق أساسية في الحرب، كان أهمها انتزاع زمام المبادرة ونقل المعركة إلى أرض العدو”.

بدوره، أكد النقيب “ناجي مصطفى” المتحدث باسم “الجبهة الوطنية للتحرير” بقوله: إنه “لا يوجد أي هدنة أو حتى اتفاق حول الموضوع، منوهاً أن فصائل الجبهة الوطنية مستمرة في القتال لاسترجاع المناطق التي سيطرت عليها قوات الأسد”.

مضيفاً بالقول: وإن “الجبهة الوطنية لم توافق سابقاً على أي طرح لموضوع الهدنة إلا بانسحاب قوات الأسد من المناطق التي احتلتها مؤخراً، وعودة المدنيين إليها بأمن وأمان”، وبالتالي لا توجد أي هدنة حول هذا الموضوع حسبما جاء على لسان المتحدث الرسمي.

كما تشير المعطيات على اﻷرض وبقراءة نتائج المعارك أنّ قوات الأسد قد انهارت على جبهات الشمال السوري، وبالتالي لم يعد لديها قدرة الاستمرار في عمليات عسكرية.

حيث يقتضي التنويه إلى أن موسكو كانت قد طلبت هدنة مشابهة في وقتٍ سابق في نهاية شهر أيار الفائت، والتي تم مقابلتها بالرفض من طرف فصائل الثورة السورية.

وبالتالي من المنطقي أن تهدید مقاتلي فصائل الثوار للخطوط الحمراء الروسیة واستمرار استهداف مطار حميميم العسكري ومعسكرات الاحتلال الروسي الأخرى دون جدوى العمل العسكري على اﻷرض، دفع بموسكو لطلب الهدنة.

ويمكن القول أنّ مطلب الهدنة يفترض سيناريوهات تؤكّد ميدانياً أنّ اللعبة خرجت من نطاق سيطرة الروس وحدهم، وتقع ضمن مستجدات دولية وإقليمية، رغم أنّها لم تتكشف بعد، ولكن اليد اﻷمريكية، والتقارب مع تركيا بات يخيف الروس.

إضافةً لذلك، إنّ تكلفة الهجمات الأخيرة على ريفي إدلب وحماة، أنهكت حكومة الاحتلال الروسية بالنظر لعدد الغارات اليومية، فضلاً عن الإنقاق الذي تتكبده بمؤازرة نظام اﻷسد المنهار، والذي لا يمتلك بدائل للوفاء بالدين.

ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية لتكلفة الهجمة اﻷخيرة منذ نهاية آذار وحتى اليوم؛ إلا أنّها وفق تقديرات عسكرية تؤكد أنّها باهظة، وميدانياً بات واضحاً الإرهاق والإنهاك الروسي على المستوى الفني، من حيث انخفاض قدرات الطيران الحربي على مزيدٍ من الطلعات أو ما يسمى “تعمیر الطیران”.

وبالمحصلة، يأتي رفض فصائل الثورة للهدنة منطقياً مع اعتبارها إحدى حركات المراوغة الروسية، ودليل فشل العمل العسكري من طرفها، ما يعني تفوّق مقاتلي فصائل الثوار الذين كسبوا جولة “عضّ اﻷصابع” و”كسر العظم”.

ويضاف لذلك، أنّ فصائل الثوار متأكّدة من أن موسكو تخطّط للسيطرة على كامل الشمال السوري عبر اتباع سياسة قضم المنطقة تلو الأخرى، وتلجأ للهدن للحدّ من الخسائر التي تتلقاها في الميدان.

ونهايةً فإنّ هزيمة موسكو في سوريا سيكون بمثابة تحوّل يتيح لواشنطن فرصة جديدة لإعادة ترتيب الأوضاع الإقليمية والدولية، سعياً نحو علاقات دولية تحرّكها واشنطن بأقلّ قدرٍ من المسؤوليات وأدنى مستوى من النفقات، وهو ما تخشاه موسكو بشدّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى