تقريرٌ: الولاياتُ المتحدةُ لا تريدُ هجوماً على إدلبَ..والباقي تفاصيلُ

استبعدتْ مصادرُ دبلوماسيّة سورية أنْ يشهدَ ملفُّ الحلِّ السياسي أيَّ تقدّمٍ على المدى القريب، وذلك بالنظر إلى استمرار تباعدِ وجهات النظرِ الروسية-الأميركية.

مشيرةً إلى أنَّ التركيز الغربي منصبٌّ حالياً على استمرار تدفّق المساعدات الإنسانية والحفاظ على وقفِ إطلاق النار في شمال غربِ البلاد.

وكانت وسائل إعلام قد تحدثت عن ترتيب واشنطن لقاءً لوزير خارجيتها أنتوني بلينكن مع نظرائه من 14 دولة من أعضاء التحالف، بينهم ممثلو دول مجموعة السبع الكبار “من أجل الإعلان عن عودة أميركية قويّة إلى الملفّ السوري، وتوجيه رسائل حازمة إلى روسيا لحثِّها إلى تقديم تنازلات في هذا الملفِّ”.

لكنَّ مصادر مطَّلعةً أنَّ الأولويات الأميركية حول سوريا منصبةٌ حالياً على الملفِّ الإنساني فقط، إلى جانب تفاصيل أخرى مرتبطة بملفي الإرهاب واللجوء، وأنَّه لا يمكن الحديث عن عودة الولايات المتحدة للاهتمام بالملفِّ السوري بما يتجاوز هذين الملفّين حالياً.

وأضافت المصادر لموقع “المدن”، أنَّ “البيان الختامي لوزراء خارجية دول التحالف الدولي ضدَّ الإرهاب سيركّز فيما يخصُ سوريا على ثلاث نقاط أساسية هي: ضرورةُ استمرار تدفّق المساعدات الإنسانية، ومنعُ النظام وحلفائه من القيام بأيِّ عملٍ عسكريٍّ في إدلبَ، بالإضافة إلى إغلاق ملفِّ المقاتلين الأجانب المحتجزين في معسكر الهول بالحسكة”.

ويرى المعارض السوري “بسام بربندي”، وهو دبلوماسي منشقٌ عن النظام، أنَّه “من البديهي أنْ تجريَ اجتماعات ثانوية على هامش المؤتمر الذي يضمُّ ممثلين عن نحو مئة دولة، وعليه من المتوقّع عقدُ لقاءات خاصة حول سوريا بين الوزير الأميركي ونظرائه من الدول المتداخلة في هذا الملفِّ، لكن يجب عدمُ المبالغة في التوقعات حيالها”.

وقال بربندي لـ”المدن”، “بالنظر إلى أنَّ تركيا ومعها كلُّ أوروبا لا تريد موجة جديدة من اللاجئين، فإنَّ الاهتمام الغربي، فيما يتعلّق بسوريا، يتركّز حالياً على عدم شنِّ النظام وحلفائه، خاصة روسيا، أيَّ اجتياحٍ عسكري في منطقة إدلب”.

وإلى جانب ذلك، يتركّز الجهدُ، بحسب “بربندي”، على الحفاظ على تدفّق المساعدات الإنسانية من المعابر غيرِ الخاضعة لسيطرة نظام الأسد.

وكذلك على منعِ روسيا من استخدام حقِّ النقضٍّ (الفيتو) خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي المقرَّر منتصفَ تموز 2021 المخصّص لهذا الموضوع.

وأضاف “أما الملفُ السوري الثالث الذي تبدو واشنطن شديدةَ الاهتمام به، فهو ملفُّ المقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم (داعش) المحتجزين في معسكر الهول بريف الحسكة، والذي تديره ميليشيا (قسد).

إذ يبدو بحسب “بربندي” أنَّ “إدارة بايدن مُصرَّة هذه المرّة على أنْ تستعيدَ الدول، وخاصةً الأوروبية منها، مواطنيها المحتجزين في هذا المعسكر، نظراً للصعوبات والمخاطر التي تواجه إدارته”.

ورأى بربندي أنَّ “الحديث عن أيِّ صفقات أو حتى مفاوضات أميركية-روسية تتعلّق بالحلِّ الدبلوماسي في سوريا ليس مطروحاً اليوم في واشنطن.

ويمكن القول إنَّ الإدارة الأمريكية “تعتبر الملفَّ السوري ملحقاً بملفِّ التفاوض مع إيران، ولو أنَّ هناك أيَّ مؤشّرٍ على تقارب وجهات النظر بين الطرفين لما اضطرت الولايات المتحدة لجمع هذا العدد الكبير من الدول من أجل توجيه رسالةٍ غير مباشرة إلى روسيا بخصوص ما تريده واشنطن في سوريا على المدى المنظور”.

وعلى الرغم من تأكيد بعضِ المعارضين السوريين أنَّ العودة الأميركية إلى الملفِّ السوري هي مسألة وقت، وأنَّ واشنطن لن تسمحَ لروسيا بالاستمرار في التحكّم بهذا الملفِّ.

يرى جزء كبيرٌ من السوريين، أنَّ كلَّ المعطيات تشير إلى توجّه أميركي واضح نحو الحفاظ على الوضع القائم في سوريا إلى حين الانتهاء من مفاوضات الملفِّ النووي الإيراني، الذي يتوقّع هؤلاء أنْ يعقبه انكفاء واشنطن من المنطقة إلى حدٍ كبيرٍ.

ويعتقد المحلّلُ السياسي عمار جلّو أنَّ “روسيا باتت تدرك ذلك بشكل واضح، ولذا فهي تعمل على ابتزاز الولايات المتحدة والدول الأوروبية، التي لا تريد سوى عدم تدفّقِ موجة جديدة من النازحين السوريين من أجل تقديم أكبرِ قدرٍ من التنازلات في الملفِّ السوري، وخاصة على صعيد العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام، والبدء بإعادة تطبيع العلاقات مع نظام الأسد”.

ويضيف “جلو”، أنَّ على “السوريين أنْ ينتظروا وقتاً غير قصير قبل أنْ ينتهيَ الشدُّ والجذبُ بين روسيا والغرب في مختلف الملفّات، مثل جزيرة القرم وحدود أوروبا الشرقية والمفاوضات مع إيران وغيرها، قبل تكشّفِ ما يمكن أنْ يحدثَ على الصعيد السوري”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى