حرفيٌّ سوريٌّ ينقلُ نولَ البروكارِ الدمشقي إلى أوروبا (صور)

تمكّن الحرفي الدمشقي “محمد سعيد شيخ جبر” من نقلِ النولِ الخشبي الذي كان يعمل عليه قبل سنوات الحرب وورثه عن أجداده إلى أوروبا بعد رحلةٍ طويلة وشاقة امتدت لأشهر ليواصل مشروعه في الحياة وهو إحياء مهنة البروكار الدمشقي التي يعرفها الأوروبيون باسم “داماسكو” نسبة إلى دمشق، وحماية تقاليدها من الاندثار بالطريقة ذاتها التي كان يعمل فيها في سوق المهن اليدوية وسط دمشق.

ويُعرف “البروكار”عالمياً بأنّه القماش المصنوع من الخيوط الحريرية الطبيعية التي تدخل فيه المادة الذهبية أو الفضية لتزيد من جماله وبهائه.

وينتمي شيخ جبر إلى عائلة توارثت هذه المهنة أباً عن جدٍ منذ أكثر من 150 عاماً أي حوالي خمسة أجيال.

وفي حديثه لموقع لـ”اقتصاد” قال “محمد سعيد” إنّ جدّه “إبراهيم شيخ جبر” الذي كان يعمل في التكية السليمانية بدمشق كان من الأسماء المعروفة والشهيرة في مهنة البروكار الدمشقي إلى جانب “إبراهيم الأيوبي” و”أحمد شكاكي” وعلى يدهم تعلم أسرار هذه المهنة العريقة في التكية السليمانية بدمشق.

وأضاف أنّه نهاية العام 2012 وبسبب ظروف الحرب اضطر الحرفي لترك البلاد والانتقال إلى الأردن حيث بقي فيها حوالي سنة، وفي بداية العام 2014 انتقل إلى تركيا بهدف الهجرة إلى أوروبا وتمكّن بعد فترة من وصوله إلى النمسا من نقل النول الخشبي الذي كان يعمل عليه من دمشق إلى مدينة “انسبروك” غرب البلاد.

ويزن النول وهو تحفة أثرية نادرة لا يمكن رؤيتها إلا في المتاحف حوالي 759 كغ تمّ فكّه ووضعه في 4 صناديق خشبية وتمّ شحنه إلى بيروت ومن ثم نقله بالطائرة إلى فرنسا ومنها إلى فيينا ثم في شاحنة إلى مدينة “انسبروك” التي يقيم فيها وتبعد حوالي 500 كم عن العاصمة النمساوية.

وأشار جبر إلى أنّ نقلَ النول استغرق حوالي شهر من دمشق إلى “انسبروك” ولكن أصعب مرحلة هي نقله من دمشق إلى بيروت.

وأضاف “شيخ جبر” انّه بعدً وصول النول بدأ بالبحث عن مكان ملائم لتركيبه إذ يحتاج إلى محل ارتفاع سقفه حوالي 3 أمتار ونصف وهو أمر نادر بالنسبة للأبنية في النمسا التي تمتاز بسقوفها المنخفضة، وكشف جبر أنّه شحن النول بكامل معداته ومستلزماته لذلك لم يحتج لأيِّ قطعة في النمسا، وبعد تركيبه الذي استغرق حوالي أسبوعين بدأ العمل عليه بنشاط وحماس مستعيداً أجواء الماضي ومتعة الحياكة التقليدية.

ولفت إلى أنّ هيكل النول الذي تمكّن من جلبه مصنوع من الخشب، ولكن الماكينة بداخله صناعة “جوزيف ماري جاكار” 1805 وهو مخترع هذا النظام (الجاكار) من النسيج وأخذ اسمه، واستدرك أنّ الماكينة كانت مهمة بالنسبة له لأنّها روح النول وهي ما كان يحرص على وصولها سليمة وليس الهيكل الذي يمكن تصميمه من جديد في أوروبا.

وكشف “شيخ جبر” أنّ سرَّ صناعة البروكار يكمن في عددِ الخيوط الموجودة في السدى وهو الخيط الأساسي في النول وعددها في النول الذي يعمل عليه 7600 خيط وكلٌّ منها أرفع من شعر الإنسان، مضيفاً أنّ الأوروبيين اعتادوا على رؤية عددٍ أقلَّ من الخيوط وأكثر سماكة ويتم تصميم رسمات كبيرة وخشنة من خلالها.

وأكّد جبر أنّ منتجاته لاقت اقبالاً غيرَ متوقع من قِبل المجتمع النمساوي خاصة والأوروبي عامة منذ بداية مشروعه عام 2017 مشيراً إلى أنّه لم يستخدم خيوط الذهب والفضة لارتفاع التكلفة بل استعاض عنها بالخيوط الحريرية مع المحافظة على ذات النقشات والرسمات، ومن القماش الذي يقوم بحياكته يقوم بتفصيل كرافات مثلاً أو ببيونات أو شالات نسائية أو بدريسات جيليت رجالي ونسائي وأغطية وسائد أو حقائب سهرات وحسب رغبة الزبائن الأوروبيين والعرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى