حملةُ الطينِ… فنانونَ سوريونَ يلطخونَ وجوهَهم بالوحلِ ليذكّروا العالمَ بماساةِ المخيّماتِ السوريةِ

أصدر الفنان السوري العالمي جهادُ عبده عبْرَ صفحته الشخصية على تويتر، رسالة مؤثّرة قال فيها، تخيّلْ أنَّك لاجئ.. تخيّلْ أنَّك تعيش في الوحل لمدّة 10 سنوات.. في أحلك الظروف”، طالب عبدو في رسالته، كلَّ أبٍ أنْ يتذكّر وهو يطعم أولاده أنَّ هناك نازحين سوريين، لا يملكون سوى مسحِ الطين من على وجوه صغارهم، في مخيّمات أغرقتها الأمطار، واقتلعتها الرياح، والليلة تكسوها الثلوج.

حيث انضم جهاد عبده إلى حملة إلكترونية باسم “حملة الطين” تحت وسمِ “مخيمات الطين والخوذ البيضاء”، بعدَ معاناة استمرّت عدّة أيام عانى فيها النازحون السوريون من غرق خيامهم جرّاء الأمطار، ثم هطول الثلوج بكثافة، وانقطاع الإمدادات عنهم، ليفكّرَ مع عددٍ من النشطاء والفنانين في إطلاق “حملة الطين”، تضامناً مع الأطفال السوريين الذين ظهروا وأرجلهم الصغيرة تغوص في الوحل.

كما كان قد شارك في الحملة أيضا الفنان السوري المعارض عبدالحكيم قطيفان، وأعلن تضامنه مع النازحين السوريين في المخيّمات بريفي حلب وإدلب، وظهر في مقطع فيديو نشره على صفحته الشخصية على منصّة فيسبوك وهو يلطخ وجهه بالطين، في إشارة لعجزِ النازحين السوريين، مطالباً جهات الإغاثة بنجدة أهالي المخيّمات.

الجدير بالذكر أنَّ جهاد عبده في الولايات المتحدة، بعدما غادر وطنه سوريا في أعقاب اندلاع الثورة السورية، ورفضِه دعمَ نظام الأسد ا، وانحيازه لمطالب الثورة، رغمَ التهديدات القاسية التي اضطرته في النهاية إلى الهجرة.

حيث جهاد مصاعب الهجرة

كلاجئ سوري بعدما كان أحد أهم فناني بلده، فهو من أبطال مسلسل “باب الحارة”، ومسلسل “عمر” مع المخرج الراحل حاتم علي، لكن منذ وصوله الولايات المتحدة تنقل بين مهن متعدّدة منها سائق أجرة، وعامل توصيل طلبات البيتزا، قبل أنْ يدخل استوديوهات هوليود العالمية، ووقوفه في فيلم “ملكة الصحراء” أمام الفنانة نيكول كيدمان عام 2015، ومشاركته ممثلين كباراً مثل الفنان توم هانكس، ومع كلِّ هذا ظلَّ الصوت العربي الملتزم بقضية شعبه.

وكانت قد استمرت معارضة جهاد للأوضاع غيرِ الحقوقية في مهجره، فدخل مع فناني هوليود في سجالات مع الرئيس السابق دونالد ترامب حول قراراته العنصرية ضدَّ المهاجرين، في منعِ مواطني الدول الإسلامية من دخول الولايات المتحدة.

من جانبه عبدالحكيم قطيفان وهو من أوائل الفنانين السوريين الذي ساندوا الثورة السورية ودفع ثمناً باهظاً لمواقفه الثورية. وله تاريخ سياسي سابق ففي عام 1981 تخرج قطيفان في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، وهي المؤسسة التي أنجبت معظم نجوم الدراما السورية الذين لمع نجمُهم في وقت سابق، وحمل قطيفان طموحات كبرى في إثبات ذاته كممثل واعد في سوريا، لكنَّ القدرَ أوقف مسيرته بعد بداية انطلاقتها بسنتين فقط، حيث اعتقل الشاب العشريني قطيفان بتهمة التحريض ضدَّ حكم حافظ الأسد آنذاك، ليتحوّلَ من مشروع فنان شاب إلى معتقل في غياهب السجون.

وانقضت ٩ سنوات و كانت كفيلة أنْ تشكّل لدى الشاب قطيفان حالة من التمرّد على نظام الأسد في وقت لاحق، حيث تعرّض للتعذيب والتنكيل داخل المعتقل، ولم تشفع له ملكة الإحساس والفن بأنْ يُعامل معاملة خاصة.

كما لم يكن لدى الفنان قطيفان المعارض لنظام الأسد خيارات عدّة عقب رحلة طويلة من سوريا إلى مصر فالخليج ثم ألمانيا، بعد أنْ تعرّض لتهديدات عدّة بالقتل والتصفية، جرّاءَ مواقفه الجريئة من نظام الأسد ومناصرته جهراً للحراك الشعبي في سوريا، الذي انطلق من مسقط رأسه درعا في ربيع عام 2011.

وتتجدد الكارثة كلَّ شتاء مع هطول الأمطار الغزيرة والثلوج على شمال سوريا، وغرقِ مخيمات النازحين السوريين في إدلبَ وحلبَ، بعد تعرّضِ المنطقة لمنخفض جويِّ وحالة من الطقس السيّئ منذ بداية الشهر الجاري.

حيث دمّرت الفيضانات أكثرَ من 200 خيمةٍ، وتعرّضتْ أكثرَ من 1400 خيمةٍ للأضرار، وتأذّتْ أكثر من 1700 أسرةٍ في الأسبوع الثالث من شهر يناير/كانون الثاني الجاري، وأصاب الأثر الأسوأ للفيضان الأطفالَ النازحين مع ذويهم، فغرق طفلٌ وجُرح 3 بعد انهيارِ الخيام فوق رؤوسهم، كما تسبّبتْ الحرائق المندلعة داخل المخيّمات منذ مطلع العام الجاري في وفاة رجل وامرأة وإصابة 3 أطفال، نتيجةَ وسائل تدفئة غيرَ صالحة للاستخدام.

وكانت قد حلّت برك الوحل ضيفاً ثقيلاً داخل خيام السوريين، وبرك المياه خارجها تفصلهم عن بعضهم بعضاً، وعن العالم الخارجي، فانقطعت الطرق المؤدّية إليهم، وتعطّل انتقال الخدمات للنازحين المحاصرين بين سوءِ الظروف المعيشية والجوية وأزمة إنسانية تتفاقم منذ اندلاع الثورة السورية في فبراير/شباط 2011.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى