خاص || قراءاتٌ متعدّدةٌ لقياداتٍ ثوريةٍ ومحلّلينَ حولَ أسبابِ أسوأ قصفٍ يتعرّضُ له الشمالُ السوري المحرّرُ

لا تزال طائراتُ قوات الأسد وحليفِها الاحتلال الروسي تدكّ منذ ثلاثة أشهر المناطقَ التي تسيطر عليها فصائل الثورة السورية في شمال غربي سوريا، مستهدفةً المنشآت الطبية والمدارس والأسواق الشعبية، في تصعيد يعكس إصرارَ وسعي نظام الأسد إلى السيطرة على هذه المنطقة التي تعتبر آخر معاقل معارضيه.

حيث يصف ناشطون وعسكريون ثوريون هذا التصعيد بـ “حرب الإبادة الجماعية”، بينما سبق وأن ندَّدت المفوضية العليا لحقوق الإنسان بـ “اللامبالاة الدولية مع استمرار القصف الذي أجبر أكثر من 400 ألفَ شخصٍ على الفرار إلى مناطق أكثرَ أماناً”.

وتتعرّض محافظة إدلب ومحيطُها لقصفٍ من قِبَل قوات الأسد والاحتلال الروسي منذ 26 نيسان الماضي، حيث يستمرُّ القصفُ على الرغم من أنّ المنطقةَ مشمولةٌ باتفاق روسي تركي، منذ أيلول 2018، والذي نصَّ على إقامة منطقةٍ منزوعةِ السلاح، ونجح في إرساء الهدوء لنحو خمسة أشهر، إلا أنَّ تنفيذَه لم يُستكمَل، بسبب استمرار قصف قوات الأسد على المنطقة.

ووفقاً لمحلّلين فإنّ الاستنزاف الحاصلَ مخيفٌ، وذلك عبرَ الاستهداف المباشر للمدنيين والأسواق الشعبية والمنشآت الصحية والبنى التحتية، حيث يهدف ذلك بالدرجة الأولى إلى الضغطِ على الفصائلِ الثورية عبر قصفِ واستهدافِ حاضنتِها الشعبية بشكلٍ مباشر، بعدما باتت منطقةُ الشمال السوري المحرّرِ تضمُّ كلَّ السوريين المعارضين لنظام الأسد، إضافة إلى عائلات مقاتلي الفصائل ذاتِها التي تشتبك مع قوات الأسد وميليشياتها على جبهات القتال.

ومن خلال تصريحٍ صحفيٍ خاص لشبكة المحرّر الإعلامية أشار الناطقُ الرسمي باسم “الجبهة الوطنية للتحرير” النقيب “ناجي مصطفى” إلى أسباب تصعيدِ طائراتِ قوات الأسد وطائراتِ الاحتلال الروسي ضد الأسواق الشعبية وتجمّعات المدنيين في الشمال السوري، والتي تسبّبت بارتكاب مجازرَ بحق المدنيين.

حيث قال “مصطفى”: “إنّ القصف والمجازر التي يقوم بها نظامُ الأسد هي استمرار للإرهاب الممنهج الذي تقوم به عصاباتُ الأسد والاحتلالُ الروسي، حيث إنّهم دائماً يقومون باستهداف المدنيين بشكلٍ مباشر وذلك عقب خسارتهم من خلال التقدّم على الأرض، فيقومون بالانتقام من فصائل الثورة السورية عبرَ استهدافِ حاضنتِهم الشعبية في المناطق المحررة”.

كما وعد “مصطفى” بالمزيد من الضغط العسكري على قوات الأسد بقوله: “وإنّنا سنردّ بقوة ضمن سلسلة معركة الفتح المبين على الأرض ومن خلال الصليات الصاروخية ضد مواقع قوات الأسد وميليشيات الاحتلال الروسي في ريفي حماة واللاذقية، للضغط ِعليهم لوقف المجازر بحق المدنيين، إضافةً إلى مواصلة الصمود بوجههم لمنعِهم من التقدّم باتجاه المناطق المحرّرة، وعدم تمكينِهم من الوصول إلى أهلنا وأراضينا واحتلالها”.

فيما بيّن الناطقُ الرسمي باسم “جيش العزة” العقيد “مصطفى البكور” لشبكةِ المحرّرِ الإعلامية حول أسباب استهداف قوات الأسد والاحتلال الروسي للمدنيين في المناطق المحرّرة بشكلٍ مباشر، قائلاً: إنّه “يوجد سببان لتصعيد ميليشيا النظام وروسيا حملةَ القصف على ريف إدلب، وارتكابِ المجازر بحقّ المدنيين.

وأوضح “البكور” السببين الاثنين وراء ذلك بقوله: إن “السبب الأول هو وجود عمل عسكري يحضّر له الروس، وتشهد جبهات ريف حماة الشمالي حشوداتٍ كبيرة لميليشيا النظام.

وتابع “البكور” توضيحه قائلاً: “وأما السبب الثاني فهو قربُ موعدِ عقد المؤتمر الثالث عشر لمباحثات أستانا في مطلع الشهر القادم بتاريخ 1 آب، وهو الاجتماع الذي يضمُ غالبيةَ القوى العسكرية والسياسية في المعارضة السورية”.

وبدوره أشار “أبو حسين” القيادي في “جيش العزة” بتصريحٍ خاص لشبكة المحرّرِ الإعلامية بقوله: “قبل كلّ مؤتمر أستانا يقوم الطيران الروسي والأسدي بارتكاب مجازرَ بحق المدنيين، من أجل الضغطِ على المفاوضين لتقديم تنازلاتٍ بذريعة إيقاف المجازرِ وقتل المدنيين”.

وأضاف “أبو حسين” بالقول: “ولو عدنا بالذاكرة للخلف، لوجدنا إنّه قبل كلّ جولة من جولات أستانا، كان الطيران يرتكب مجازرَ بحقّ المدنيين، ليتمّ التفاوضَ مع الروس على إيقاف القصف على المدنيين، واستبعاد ملفِ المعتقلين والانتقال السياسي”.

ومن جانبه، قال الباحثُ المتخصص في الشأن السوري “سامويل راماني” خلال تصريحٍ صحفي: إنَّ “روسيا تضغطُ اليوم أكثرَ من أيّ وقت مضى، وبشكل متّسق، من أجل إعادةِ دمجِ سوريا بالكاملِ تحت حكم بشار الأسد”.

كما أضاف “راماني” قائلاً: “ورغم ضراوةِ القتال في ريف حماة الشمالي، الذي يعدُّ البوابةَ الجنوبية لمحافظة إدلب، فإنّ قواتِ الأسد لم تحقق أيَّ تقدم استراتيجي نحو عمقِ إدلب، ومع استمرار المعارك والغارات، باتت مدنٌ وقرى كثيرة في ريف حماةَ الشمالي وريف إدلبَ الجنوبي المجاورِ خاليةً من سكانها”.

ويردُّ “راماني” سببُ هذا الفشل لقوات الأسد وللاحتلال الروسي إلى الدعم العسكري الذي تقدِّمه تركيا للفصائل الثورية في شمال غربي سوريا، وبالمقابل فإنّ روسيا تريد من تركيا أن تكفَّ عن تقديم المساعدة العسكرية للفصائل الثورية، باعتبار أنّها تعيق تقدّمَ قوات الأسد، كما تخشى روسيا أنّ يساعدها هذا الدعم على تحدّي سلطةَ الأسد بشكلٍ أكبرَ، إذا ما بقي عالقاً في إدلب، حيث أنّ السيطرة على إدلب ستكون حربََ استنزافٍ بطيئة لنظام الأسد”، وفق قوله.

ومنذ 26 نيسان الماضي يشنْ نظامُ الأسد وحلفاؤه حملةَ قصف عنيفة على منطقة خفض التصعيد، التي حدِّدت بموجب مباحثات أستانا بالتزامن مع عملية برية، حيث يقطن المنطقة حالياً نحو 4 ملايين مدني، بينهم مئاتُ الآلاف ممن هجّرهم النظامُ من مدنهم وبلداتهم على مدار السنواتِ الماضية في عموم البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى