رسالةٌ وجّهتها خمسون منظمةٍ مدنيّةٍ تحذّرُ من الكارثةِ الإنسانيةِ واحتمالِ تفاقمِها في إدلبَ

استباقاً لجلسة اليوم الطارئة لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في إدلب, قامت أكثر من خمسين منظمة مدنيّة بكتابة رسالة لرؤساء دول وحكومات “الولايات المتحدة الأمريكية, وتركيا, وألمانيا, وفرنسا, والمملكة المتحدة, والأمين العام للأمم المتحدة, والاتحاد الأوربي” للتحذير من الكارثة الإنسانية في إدلب واحتمال تفاقمها مالم يتمّ إيقافُ الهجمات المستمرّة التي يقوم بها نظام الأسد والاحتلال الروسي وإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة التي يجب إيصالُها للمهجّرين في أسرع وقتٍ ممكن.

وجاء في رسالة المنظمات المدنية, “يتعيّن على تركيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أنْ يقوموا بالتحرّك الآن، وإلا سيواجهون عواقب كارثية نتيجة لهجوم الاحتلال الروسي ونظام الأسد على إدلب.

وأضاف الموقّعون في رسالتهم أنّه يتعيّن على الدول المذكورة “التحرّك بشكلٍ عاجلٍ لوقفِ الاستهداف العشوائي للمدنيين في إدلب الذي تقوم به قوات الاحتلال الروسي وقوات الأسد، ومعالجة النزوح الهائل للمدنيين الناتج عن ذلك والذي أخذ في التحوّل إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة”, ويتوجب على جميع الأطراف المذكورة تقديم المساعدة على وجه السرعة لمئات الآلاف من النازحين في المناطق الحدودية الذين صاروا دون طعام أو مأوى، ودون رعاية صحية مناسبة، مع تعرّض الأطفال وعائلاتهم لظروف جويّة قاسية وظروف معيشية رهيبة للغاية.

ونوّه الموقّعون في رسالتهم إلى أنّه “تمّ تهجيرُ أكثر من مليون شخص منذ بدء الهجوم على إدلب في شباط 2019, باتجاه الحدود مع تركيا, في منطقة تعاني من زيادة سكانية كبيرة بسبب النزوح من أجزاء أخرى من سوريا. والآن، ومع تواجد قوات الأسد على بعد تسعة كيلومترات فقط من مدينة إدلب، ومع قصفِ طائرات الاحتلال الروسي المستمر بلا هوادة للمناطق المدنيّة، هناك تهديد بحدوث ُموجة أخرى من النزوح، وهو ما يعني إضافة حوالي مليون شخص نازح جديد، يضافون إلى أعداد النازحين حالياً”.

ومن أجل تصوّر حجم الفاجعة، أشار الموقّعون إلى أنّ “هذا العدد من النازحين السوريين سيكون أكثر من العدد الإجمالي لكلِّ اللاجئين الذين شرّدتهم الحرب في البوسنة والهرسك، أو ما يساوي إجمالي عدد اللاجئين والنازحين الذين شرّدتهم الحربُ في كوسوفو”.

وأضافو “تتمثّل إستراتيجية الاحتلال الروسي ونظام الأسد في بثّ الرعب في قلوب المدنيين، وإفراغ المدن والبلدات من ساكنيها، حيث يجري قتلُ عائلات بأكملها في منازلهم، أو أثناء فرارهم وهم يحاولون الهرب من القصفِ، لأنّ طرق الهروب يتمُّ استهدافُها بشكل منهجي ومباشر”. وأكّدوا أنّ “الغالبية الساحقة من سكان هذه المناطق لا تريد العيش تحت حكم نظام الأسد، لقناعتهم أنّهم سيعيشون في خوفٍ وسيكونوا ملاحقين من ميليشيات نظام الأسد، والذين صار معروفاً عنهم ارتكابهم جرائم بحق المدنيين وإعدام الذين يصادفون منهم في المناطق التي تمّ الاستيلاء عليها حديثاً”, وينطبق كذلك على معظم المدنيين الذي يصل عددُهم إلى أربعة ملايين في شمال غرب سوريا ضمن الأراضي الخارجة عن سيطرة نظام الأسد. ومن المؤكّد أنّه سوف يتمُّ استهدافهم بشكلٍ فردي وجماعي إذا وقعوا تحت سيطرة الاحتلال الروسي ونظام الأسد”.

ونوّه الموقّعون أنّ “السماح بالسيطرة على هذه المناطق (شمال غرب سوريا) من قِبل نظام الأسد والاحتلال الروسي هو بمثابة الإعداد والتحضير لارتكاب مذبحة كتلك التي حدثت في سريبرينيتشا بالبوسنة, إلا أنّها في هذه المرّة ستكون على نطاق أوسع بكثير بالنظر إلى أعداد الضحايا.

ودعا الموقّعون على الرسالة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي وتركيا إلى استخدام جميع التدابير الممكنة والمتاحة – الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية – لوقفِ هجوم الاحتلال الروسي ونظام الأسد، وفرضِ منطقة حظرِ طيرانٍ في منطقة إدلب وغيرها من المناطق التي يتمُّ استهدافها حالياً لحماية المدنيين ومنعِ قتلهم.

وناشدوا الأمم المتحدة وجميع وكالاتها ذات الصلة أنْ تضمن على وجه السرعة تسليم الخيام والغذاء والبطانيات والإمدادات الطبية وعناصر البنية التحتية الأساسية للنازحين الذين انتقلوا إلى المناطق الحدودية بسبب هجوم الاحتلال الروسي وقوات الأسد على إدلب.

ودعوا تركيا والاتحاد الأوروبي إلى فتحِ حدودهما أمام الأشخاص النازحين من جرّاء هجوم الاحتلال الروسي وقوات الأسد على إدلب، وإلى تزويدهم بالمأوى المؤقّت والمساعدات وعناصر السلامة المطلوبة لأطفالهم, كما دعا الموقّعون مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إلى إنهاء صمتها والإبلاغ بشكلٍ منتظم وعلني عن حجم النزوح واحتياجات النازحين بسبب الهجوم على إدلب.

وطالب الموقّعون من تركيا إلى استخدام نقاط المراقبة ووجودها العسكري داخل سوريا لحماية المدنيين, كما دعوا الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوربي إلى دعمِ هذا الجهد وأيِّ جهدٍ يهدف لحماية المدنيين والنازحين داخلياً, وتكثيفِ العقوبات الاقتصادية الحالية ضدّ نظام الأسد على نحو عاجل، كأداة للضغط عليه لإنهاء الهجوم على إدلب ووقفِ الاستهداف العشوائي للمدنيين.

وأكّد الموقّعون على الرسالة أنّ المجتمع الدولي لا يحتاج إلى مزيد من الأدلّة على الطبيعة الإجرامية لآستراتيجية الاحتلال الروسي ونظام الأسد التي جرى تصميمها وتنفيذها لاستهداف المدنيين بشكلٍ جماعي وبالتالي غرس حالة من الترهيب والهلع، والتسبّب في نزوحٍ جماعي له عواقب بعيدة المدى على سوريا والمنطقة وخارجها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى