صحيفةُ الشرقِ الأوسطِ تكشفُ أسرارَ اجتماعِ بروكسل الأخيرِ الخاصِ بالملفِّ السوري

كشفت صحيفةُ الشرقِ الأوسط أسرارَ اجتماعِ “بروكسل” والذي ضمّ دولاً عدّة للمعسكر الأوروبي وممثّلين عن دولٍ عربية عدّة، بحضور المبعوثِ الأمريكي للملفِّ السوري، إيثان غولدريش.

وأكّدت الصحيفة على وجودِ فجوةٍ في الأولويات بين واشنطن من جهة، وعواصمَ أوروبية وبعضِ الدول العربية من جهةٍ أخرى، الأمرُ الذي دفعَ المبعوث الأميركي للملفِّ السوري، إيثان غولدريش، إلى “ردمِ جزءٍ منها”، وضبطِ إيقاع التنسيق بين الحلفاء عبرَ سلسلة اجتماعاتٍ، ودعوةِ الأوروبيين لـ”الصبر الاستراتيجي”، وتأكيدِه أنَّ واشنطن “لن ترفعَ العقوبات عن نظام الأسد ولن تطبّعَ معه، ولن ترسلَ إشارات خاطئة له”.

ووفقاً للصحيفة، انتقدَ مبعوثون أوروبيون فرضَ أميركا على دولهم أولوياتِ تمويل المساعدات، خصوصاً في ظلِّ غياب الدور القيادي الأميركي، إضافةً إلى عقدِ أميركا اتفاقات مع روسيا من وراءِ ظهرهم، خصوصاً قرارَ تمديدِ المساعدات الإنسانية.

وقال مبعوثون أوروبيون إنَّ دولهم هي المجاورة لسوريا، وستضعُ أولوياتها، بحيث إنَّها لن ترفعَ العقوبات عن نظامِ الأسد، ولن تغيّرَ موقفَها.

وقال أحدهم، “لن نصرفَ أموالاً على نظام الأسد”، وذلك ردّاً على اقتراح أحدِ المشاركين “التطبيعَ مع الواقع” و”قبولَ أنَّ نظام الأسد باقٍ”.

وكان الردُّ من المعسكر الأوروبي تجديدَ الدعوات إلى “الصبر الاستراتيجي” في التعاطي مع الملفِّ السوري، الأمرُ الذي لم يعدْ موجوداً لدى دول عربية مجاورة.

كما استند ممثلا ألمانيا وفرنسا إلى تجربة بلادهما للحوار مع روسيا، للقول بضرورةِ “تحرّكِ روسيا أولاً”، وظهرت دعواتٌ للتمسّكِ بأدوات الضغط الثلاث على نظام الأسدِ وروسيا “العقوبات، والعزلة، والإعمار”.

من جانبه، قال المبعوث الأمريكي “غولدريش” إنَّ رفعَ العقوبات عن نظام الأسد ليس على طاولةِ الحوار مع روسيا، وإنَّ بلادَه ضدَّ التطبيع مع النظام وإنَّ ما تفعله هو تقديمُ إعفاءات من نظام العقوبات الأميركي لأغراضٍ إنسانيّةٍ، مشيراً إلى أنَّ واشنطن “لن تقدِّم أيَّ تنازلات للروس”، و”يجب ألا يعطيَ الحلفاءُ أيَّ إشارات خاطئة”.

وخلال النقاشات، كان ممثّلُ العراق الأكثرَ حماساً لرفع العقوبات عن نظام الأسد، وعودتِه إلى الجامعة العربية، فيما بدا ممثّلُ الأردن الأكثرَ قناعةً بمقاربة “خطوة مقابل خطوة” بين عمانَ ونظام الأسد، بحسب الصحيفة،

وعندما أشار ممثّلُ الأردن أنَّ مقاربةَ “خطوة مقابل خطوة” تشمل عودةَ نظام الأسد إلى الجامعة العربية، قُوبل ذلك بتشدّد من بعض الدول العربية التي جدّد ممثلوها القولَ إنَّ الظروفَ لم تنضج بعدُ.

وكانت المفاجأة حصولَ جدلٍ كبيرٍ بين ممثل الأردن ونظيرته الفرنسية، ذلك أنَّ الأخيرة تشدّدتْ بضرورة القول صراحةً إنَّ تمويلَ مشاريع “التعافي المبكّر” يجب أنْ تشملَ فقط الأمور الإنسانية، وأنْ تبتعدَ تماماً عن البنية التحتية، علماً أنَّ هناك قراراً من المجلس الأوروبي يرفض “تمويلَ مشاريع البنية التحتية قبلَ حصولِ تقدّمٍ جوهري في العملية السياسية”.

وأمام الانقسام الفرنسي – الأردني، تدخّل “غولدريش” واقترح عبارةً وسطية في البيان الختامي تقول، “شدَّدنا على ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة بالسبلِ كافة، بما في ذلك مشاريعٌ الإنعاش عبرَ الحدود وعبرَ الخطوط، وكذلك مشاريعُ الإنعاش المبكرة المتوافقةُ مع قرارِ مجلس الأمن رقم (2585) في مختلف أنحاء سوريا”.

وأشارت الصحيفة إلى أنَّه على الرغم من الجدل والتوتّر الدبلوماسي الذي شهدَه اجتماعُ بروكسل، فإنَّه ساد اعتقادٌ بين المشاركين بأنَّ اللقاء أظهر بدءَ الفريق الأميركي في بلورة أفكاره في الملفِّ السوري، وأطلق عمليةً سياسية بين الدول المعنيّة بالملفِّ بقيادة أميركية، الأمرُ الذي كان غائباً منذ أكثرَ من سنة، ما ذكّرَ بعضَهم بالمسار التنسيقي بين واشنطن وحلفائها الذي كان موجوداً قبلَ سنوات.

كما أنَّ هناك توقعات بأنْ يُعقد اجتماعٌ آخر في واشنطن بدايةَ العام المقبل، بهدف ضبطِ إيقاع المواقفِ للدول المعنية تحت مظلّة أميركيةٍ، إضافةً إلى استمرار الحوار الروسي – الأميركي الذي تعزّزه موسكو بتنسيقها مع شركائها في مسار آستانة في مؤتمر وزاري في الـ21 من الشهر الحالي، مع حديثٍ عن قمّة بين الرئيسين بوتين وبايدن الأسبوعَ المقبلَ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى