صحيفة هآرتس: صراعُ روسيا وإيرانَ عبّرَ “رامي مخلوف”.. ما هو سرُّ رغبةِ موسكو في محاولةِ طردِ طهرانَ من سوريا؟

قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في تقرير لها إنّ المعركة الأخيرة بين رجل الأعمال السوري “رامي مخلوف” وابن عمته رأس النظام “بشار الأسد” تعكس مدى الصراع على السلطة في سوريا ما بعدَ الحرب، إذ تتنافس روسيا وإيران ونظام الأسد في السيطرة على البلاد.

ويشير التقرير إلى أنّ روسيا التي تسعى لبسط سلطة “الأسد” وإقامة دولة تحت رعايتها قابلت عقبات في 2015 عندما وجدتْ أنّ إيران تعدُّ لاعباً أساسياً، وواجهت احتلال تنظيم داعش لمساحات كبيرة من شمال شرقي البلاد، إضافة إلى إقامة ميليشيات مسلحة حكماً شبه ذاتي في بعض المناطق، وأصبح عددُ الميليشيات الموالية لـ “الأسد” ضعفَ عددِ الجنود في الجيش النظامي فضلاً عن الميليشيات الإيرانية المنتشرة في البلاد.

وكان على روسيا أنْ تغيّر استراتيجيتها وأنْ تضمن أنّ استثماراتها العسكرية في الميدان ستؤتي ثمارها المالية والدبلوماسية والإستراتيجية، فبدأت بدمج الميليشيات في جيش الأسد، ومن بينها ميليشيا “قوات النمر” التي كان يشرف عليها “رامي مخلوف” حليف إيران بوحداتها الـ 24، وكانت موسكو حريصةً بعد ضمّها أن يكون لجيش الأسد اليد العليا على هذه الوحدات وبالتالي تحييد دور “مخلوف”.

وبعدَ تغيير اسمها للفرقة 25 قوات الخاصة، تمُّ اختيار أفرادها بعناية وقامت موسكو بتدريبهم، وبذلك عزّزت من قوة الوحدات القتالية العاملة تحت قيادة الأسد، والأهم من ذلك أنّها منعت طهران من استخدام “قوات النمر” عبْرَ مخلوف لبناء معقل عسكري موازٍ لجيش الأسد.

وأمرت موسكو الأسد أيضاً بتغيير كبار الضباط واعتماد الخطط العسكرية التي يقرّها الجيش الروسي، حيث كان هدف روسيا بحسب التقرير هو بناءُ جيش خاضعٍ للأسد لكن تقوم هي بتوجيهه، وكجزء من هذا الصراع على النفوذ أمر “الأسد” باعتقال اللواء “غسان بلال” رئيس مكتب شقيقه “ماهر” قائد الفرقة الرابعة وحليف إيران، وكانت إيران قد اقترحت أنْ يتولى رئاسة الاستخبارات العسكرية ولكنّ روسيا عارضت هذه الخطوة.

وهناك صراع أيضاً اقتصادي للفوز بالمشاريع في سوريا، وتشير الصحيفة إلى أنّ موسكو تسعى لطرد إيران من مشاريع إعادة إعمار سوريا، حتى تصبح هي نموذجا للنجاح في هذا المجال وتجني ثمار ذلك في أماكن أخرى مثل العراق وليبيا واليمن، بينما تريد روسيا تسريعَ خروجِ إيران من هناك لأنّها تعرف أنّ وجود طهران وحزب الله يشكّلُ عقبةً في الاستثمارات الخارجية لجهود إعادة الإعمار بسبب العقوبات المفروضة عليهما.

ويدل التقرير على نوايا موسكو تجاه طهران، بأنّ الأولى تسمح لإسرائيل بضرب القواعد الإيرانية في سوريا، بل وتفعل ذلك بالتنسيق معها، ولم تردَّ على الغارات الجوية الست المنسوبة إلى إسرائيل خلال الأسبوعين الماضيين، والتزمت الصمتَ إزاء تصريح لوزير الدفاع الإسرائيلي “نفتالي بينيت”، والذي قال فيه إنّ “إسرائيل تسعى إلى إخراج إيران من سوريا بالكامل”.

وليس ذلك فحسب، بل إنّها أيضاً استبعدت إيران من اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، ولم تشركْها في جهود حفظ الأمن التي يقوم بها الجيش الروسي، وعلى طريقة عصابات المافيا ومن أجل زيادة الضغط على الأسد لتنفيذ خطّتها الدبلوماسية في سوريا طلبت منه تحمّلَ بعضِ النفقات، ونظراً لأنه لا يمتلك المال استعان بأحد أفراد عائلته وهو “رامي مخلوف” لسداد ثلاث مليارات دولار طلبتها روسيا.

وعندما قال “مخلوف” إنّه لا يمتلك هذا المبلغ، قدّمت روسيا للأسد مقاطع فيديو تظهر مدى الرفاهية التي يعيشها أبناؤه، وكانت هذه فرصة للأسد أيضاً لتحقيق مكسب على الرجل الذي جمع أموالاً طائلة من خلال علاقاته العائلية، وقبل الهجوم الأخير على “مخلوف” كانت وسائل الإعلام الروسية تهاجم “الأسد” وتعتبرُه رئيساً يرعى الفاسدين، وهو ما زاد من التكهنات بأنّ روسيا تسعى لإزاحة الأسد وإحلال قيادة جديدة تستطيع أنْ تفوزَ باعتراف دولي وتكون حافزاً للحصول على تمويل لإعادة الإعمار.

ولكن روسيا تعرف أنّ هذا الأمر قد يكون بعيدَ المنال نظراً لمدى صعوبة بناءِ تحالف ميليشيات وفصائل مستعدّة أتمّ الاستعداد للتخلص من بعضها البعض، ويشير التقرير إلى أنّ روسيا تحتاج أيضاً لحلِّ مشكلة إدلب من أجل استكمال سيطرة النظام على كلِّ أنحاء البلاد، وسيتعيّن عليها أيضاً إنتاج زعيم قوي ومقبول على نطاق واسع بدلاً من “الأسد”، وترى الصحيفة أنّها قد تضغط على “الأسد” حتى يقدم تنازلات للمعارضة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى