عملياتُ إغلاقِ المحلاتِ تسبّبُ فقدانَ الوظائفِ والجوعَ وتزيدُ من محنةِ اللاجئينِ السوريينَ

لا يستطيع “أحمد المصطفى” وهو لاجئ الآن تحمّل تكلفةَ الحليب لابنته، بالكاد استطاع إطعام أسرته منذ غرق لبنان في أزمة اقتصادية العام الماضي، ولكن الآن أدّى الحظر الذي سبّبه فايروس كورونا إلى جعل الأمور أسوأ.

قال الشاب البالغ من العمر 28 عاماً، والذي فقدَ وظيفته في المطاعم قبل بضعة أشهر: “لن يوظّفنا أحدٌ بعد الآن”، وعليه على مئات الدولارات من الديون في المتجر الصغير المحلي للحصول على الطعام قبل أنْ يقول المالك إنّه لم يعدْ بإمكانه الاقتراض، قال “نحن خائفون من الغد، لا نعرف ماذا سيحدث لنا”.

وتردّد محنته تلك التي تواجه العديد من اللاجئين السوريين البالغ عددهم 5.6 مليون في لبنان والأردن وتركيا، الذين تخلّفوا عن دفع أجور يومية هزيلة، لكنهم يجدون الآن أنّهم محرومون منها حيث تجبر جائحة فايروس كورونا البلدان المضيفة على الإغلاق.

لقد أصيب العديد من اللبنانيين أنفسهم بأزمة مالية أدّت إلى تبخّر الوظائف وارتفاع الأسعار، وأصبحوا أقلّ تسامحاً مع السوريين الذين عزّزوا السكان بنحو 1.5 مليون إلى حوالي 6 ملايين.

قال “مصطفى”، الذي فرّ إلى شمال لبنان في عام 2014: “في كلّ مرّة أبحث عن عمل، يخبروني أنّهم لا يوظفون سوريين، أنا جالس في الداخل – وكلُّ شيء باهظ الثمن”، لم يعدْ بإمكانه تحمّل تكاليف الحفاضات التي تضاعفت في سعرها، ويعتمد على جار خيري يحصل على الحليب لابنته البالغة من العمر سنة واحدة.

وقالت “ميريل جيرارد”، ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، إنّ المزيد من اللاجئين يقولون إنّهم قلقون بشأن الجوع أكثر من القلق بشأن الفايروس، حيث أنّه في مسح جرى الشهر الماضي وجدت المفوضية أن 70 ٪ منهم يعانون من الجوع، في حين أنّ الكثيرين لا يستطيعون شراء الصابون، منذ اندلاع الحرب السورية قبل تسع سنوات عانى الكثيرون في مخيمات مكتظة حيث يخشى عمال الإغاثة أنْ يكونَ تفشي COVID-19 سريعًا وقاتلًا.

في الأردن، أغلقت السلطات مخيم الزعتري الذي يضمّ 80،000 لاجئ سوري خلال فترة إغلاق لمدّة شهرين، مما يعني أنّ أولئك الذين كانوا يذهبون للعمل في المزارع كل يوم لم يعدْ بإمكانهم القيام بذلك، يستضيف الأردن حوالي 900،000 لاجئ، يعيش معظمهم خارج المخيمات.

“عبد الله أبا زيد”، الذي كان يعمل في قطف الطماطم، لم يكن لديه دخل لمدّة شهرين، يقول: “خلال الأيام العشرة الماضية لم يكن لدي فلس واحد في المنزل حتى لدفع ثمن الخبز، أنا أستعير من هنا وهناك، الجميع ينتظر رحمة الله، آملين أنْ تتحسن الأمور”.

ولكن حتى مع عودة الشركات إلى العمل بعد أنْ خفّفت الحكومة القيود هذا الأسبوع، فإنّ فقدان الوظائف آخذ في الارتفاع، مما يجعل المزيد من السوريين يعتمدون على جهود المساعدة المتوفرة بالفعل.

وقال ممثل المفوضية في الأردن “دومينيك بارتش”، إنّ المفوضية تتلقّى المزيد من المكالمات للمساعدة من عائلات اللاجئين التي كانت تعتمد إلى حدٍ كبير على نفسها.

وقال بعض السوريين إنّ ديونهم المتراكمة أجبرتهم على بيع قسائم الغذاء للأمم المتحدة لدفعِ الإيجار والسلع الأساسية، فمنذ أنْ دخل الاقتصاد التركي في فترة ركود قصيرة قبل عامين، تراجعت الحالة العامة تجاه السوريين، حيث قال البعض إنّهم خفّضوا الأجور واستولوا على وظائف من السكان المحليين.

يعمل العديد من اللاجئين السوريين البالغ عددهم ثلاثة ملايين ونصف المليون عامل يومي في البناء والتصنيع، وخاصة مصانع الغزل والنسيج – وهي القطاعات التي تضرّرت بشدّة من القيود الوبائية، على عكس ملايين العمال الأتراك الذين فقدوا أجورهم، لا يستفيد السوريون من حزم المساعدات الحكومية ولكن يمكنهم التقدّم بطلب للحصول على مساعدات غذائية من البلديات المحلية، ومع ذلك لا يملك الكثير منهم حماية أساسية ضدّ الفايروس.

وقال “عمر كادكوي” من مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية التركية (TEPAV)، إنّ واحدًا من كلّ خمسة لا يحصل على المياه النظيفة، وهذا يرفع القضية إلى مستوى ينذر بالخطر ويجب على الحكومة أنْ تعمل على احتوائها.

في مخيم في البقاع اللبناني الذي أغلقته السلطات، وخلال فترة الإغلاق لم يتمكّن “يونس حمدو” من العثور على الخبز، كما أنّ المياه النظيفة شحيحة، ويزداد انتشار المرض ويصبح من المستحيل تقريبًا التواصل الاجتماعي، وقال: “نحن سجناء، ليس لدينا حصانة بسبب نقص الغذاء، الشعب اللبناني جائع، السوريون جائعون، الجميع جائع”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى