عُرِفَ بمعارضتِه لنظامِ الأسدِ …السوريونَ ينعونَ الكاتبَ والمفكّرَ “حسّانَ عبّاسٍ”

نعى صحافيون وناشطون ومثقّفون سوريون الكاتبَ والمفكر السوري المعارض، حسّان عباس، الذي وافته المنيَّة اليوم الأحد في مدينة دبي متأثّراً بمرض السرطان، عن عمر ناهزَ 66 عاماً.

ويعتبر عباس من أبرز الوجوه النخبوية المعارضة قبل الثورة وبعد اندلاعها، وله دورٌ في الحراك المدني الثقافي منذ التسعينيات، وشارك في منتديات ربيع دمشق، وكان من مؤسسي المنتدى الثقافي، وشارك في تأسيس الرابطة السورية للمواطنة وجمعية حقوق الإنسان​ في سورية.

وينحدر “عباس” من مدينة مصياف بريف حماة, حيث ولد في 15 نيسان 1955، وقد حاز في العام 1992 على شهادة الدكتوراه في النقد الأدبي من جامعة “السوربون الجديدة” في “فرنسا” قبل أنْ يعودَ إلى سوريا ليدرّس في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، إضافة إلى تدريسه في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق.

وقد قام الدكتور “حسَّان عباس” منذ عدَّة سنوات بكشف جوانب من آلية العمل في المؤسسات العلمية في ظلِّ أنظمة الاستبداد وقصة منعه من التدريس في جامعة دمشق عام 1992 إثرَ عودته إلى سوريا بعدَ سنوات طويلة من دراسة طويلة في فرنسا.

وكتب الدكتور بعد عودته على صفحتِه الشخصية في “فيسبوك” بأنَّه تقدَّم بطلب للتدريس في كلية الآداب في جامعة دمشق.

وذات يوم كان يبحث عن نتيجة طلبِه فالتقى أمام باب العميد بأستاذ كان زميلاً له في باريس، وكان مسؤولاً في “حزب البعث”، وعندما أخبر عباس زميله السابق عن مسعاه نظرَ إليه مع ابتسامة هازئة وقال له, “نصيحة لا تتعبْ نفسك! لن نقبلك”.

وتخلَّى عباس آنذاك عن العمل في الجامعة لأنَّ عمله في المعهد الفرنسي للدراسات العربية كان قد بدأ يأخذ جلّ وقته، غير أنًّه عاود المحاولة عام 2001 وقدّم طلباً إلى كلية الصحافة في جامعة دمشق أيضاً.

وانتظر “عباس” عدَّة أسابيع دون أنْ يتلقَّى أيَّ ردٍّ وبينما كان في الجامعة ليستفسرَ عن الطلب اقترب منه أحدُ الشبان ممن كانوا يهتمون بمحاضراته وسأله عن سبب وجوده في الجامعة، وعندما أخبره عن السبب وعدَه الشاب بالبحث عن الموضوع.

وتابع أنَّ الشاب اتصل به بعدَ أيام وطلب منه بصوت مرتعش أنْ يلتقي به، وحدَّد الوقت والمكان، وهناك أعطاه مغلفاً أصفر اللون ورجاه ألا ينشره ما دام يعمل في الجامعة، وبعد سنوات حين أصبح الشاب في بلاد الشتات، قرّر “عباس” أنْ ينشر الوثيقة الصادرة عن رئاسة جامعة دمشق بتوقيع رئيسها “هاني مرتضى” التي حملت صفة “سريّة”، وتنصُّ الوثيقة الموجَّهة لعمادة كلية الآداب على عدم تكليف “حسان عباس” للتدريس في قسم الصحافة في كلية الآداب أو في أيِّ كلية أخرى.

ويُذكر أنَّ الدكتور “حسان عبَّاس” له عددٌ من المؤلَّفات الحقوقية في المواطنة والعدالة وشغل عدداً من الوظائف العلمية البارزة, منها مديرٌ للمعهد الفرنسي للدراسات الشرقية ومدرِّساً في المعهد العالي للفنون المسرحية قسم النقد.

ونعى الصحافيون والناشطون والمثقّفون السوريون الكاتبَ والمفكر السوري المعارض، وقالت أليس مفرّج, “موجع هذا الفقد ومؤلم هذا الرحيل المبكِّر، خسارتنا اليوم بوفاة السوري الأصيل والصديق حسَّان عبَّاس تزيدنا عبئاً، وتثقل كاهلنا بالفراغ الذي سيخلِّفه هذا الغياب، لطالما كُنتَ سورياً حقيقياً وجامعاً، تعجز لغتنا التي كنا نحتفي بها بقلمك وصوتك عن رثائك الذي تستحق، فلترقد روحك بسلام وستبقى حاضراً بيننا”.

أما براء صليبي فقال, “خسر السوريون المتنوِّرون اليوم واحداً من أهم مناراتنا نحن الجيل الذي عاش أزمة انتماء، د. حسان عباس الناقد والكاتب السوري والمؤلّف للعديد من الأبحاث الملهمة، مؤسس “الرابطة السورية للمواطنة” ومشارك بتأسيس “جمعية حقوق الإنسان​ في سورية​”، وصاحب دور بارز في منتديات “ربيع دمشق”.

وقال خضر الآغا “حسان عباس لم يدخل وجدان الثقافة السورية ووجدان الوطنيّة السورية بكتبه فقط، أو بمحاضراته فقط، بل بسلوكه، بسمعته، وبأخلاقه التي كانت مثالاً يحتذى”.

وقالت السياسية المعارضة، سهير الأتاسي، إنَّ “نبيلاً من نبلاء بلادي، وفارساً من روّاد نشر مفهوم المواطنة وقيمتها، يرحل عنا قبل أنْ تصل سوريا إلى حريتها واستقلالها ومدنيَّتها، وداعاً حسّان عبّاس”.

وعبّر الصحافي ياسين سويحات عن حزنه بالقول, “مؤلم جداً خبرُ رحيل الدكتور حسّان عبّاس، لقد كان طيّباً وشهماً وحنوناً بلا حدود، سخيَّ الابتسامة وجميلها، تخسر سوريا مثقفاً أحبَّها عبْرَ السعي لمعرفتها، وقدَّم لأبنائها كلَّ ما استطاع، عسى أنْ يردَّ له بلدنا الرهيب بعض الاعتبار يوماً، ونرى شارعاً باسمه، أو معهد موسيقى، أحرّ التعازي لعائلته”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى