فايروس كورونا يثيرُ التوتّراتِ بين نظامِ الأسدِ والأكرادِ

زادت جائحةُ فايروس كورونا من التوتّرات بين نظام الأسد والجماعات الكردية في بلدٍ مزّقته الحرب، حيث اتهمت الإدارة الذاتية الحكم التي يقودها الأكراد في شمال شرق سوريا الحكومة المركزية في دمشق بعرقلة جهودها لمحاربة الفايروس.

وقال مسؤولون محلّيون إنّ نظام الأسد لم يلتزمْ بتنفيذ إجراءات معيّنة لمنع انتشار فايروس كورونا في جميع أنحاء البلاد، وقال “ربرين حسن” رئيس لجنة الصحة في الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا: “كان لدينا اتفاقٌ مبدئي مع النظام على تعليق جميع الرحلات الجويّة بين دمشق والقامشلي في الشمال الشرقي حتى إشعار آخر”.

وقال في مقابلة عبْرَ الهاتفِ من القامشلي: “لكنّهم يواصلون إرسال الرحلات الجوية دون اختبار الركاب المشتبَهِ بهم بحثًا عن الفايروس”، حتى الآن لم يتمَّ الإبلاغ عن أيِّ حالات إصابة بالفايروس في شمال شرق سوريا، لكن “حسن” قال إنّ “النظام سيكون مسؤولاً عن أيِّ حالات في منطقتنا”.

“منال محمد”، مسؤولة صحية أخرى في شمال شرق سوريا قالت لـ “تلفزيون روداو” يوم الاثنين إنّ السلطات المحلية قامت بالفعل بفرض الحَجْر الصحي على حوالي 70 شخصًا وصلوا مؤخّرًا من دمشق ظهرت عليهم أعراض COVID-19″.

حتى يوم الأربعاء أبلغ النظام عن 29 حالة مؤكّدة من الإصابة بالفايروس في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك حالتي وفاة، ويعتقد خبراء الصحة أنّ عددَ مرضى COVID-19 المشتبَهِ بهم في سوريا قد يكون أعلى من ذلك بكثير لأنّ الدولة لديها موارد محدودة لاختبار الأشخاص للكشفِ عن الفايروس.

وقال “حسن” إنّ “النظام لا يعترف بإدارتنا”، متّهماً أنّ “النظام يسعى لنشرِ الذعر بين شعبنا في هذه الأوقات الصعبة وتقويضِ جهودنا لمنعِ انتشار الفايروس هنا”، ولكن مصدرًا مقرّبًا من النظام في دمشق تحدّث مشترطاً عدم الكشفِ عن هويته، وقال لوكالة صوت أمريكا VOA إنّ “حكومة بشار الأسد لا تنوي تحويلَ هذه الأزمة الصحية إلى نزاع سياسي مع أيِّ شخص”.

وأضاف المصدر: “بموارد محدودة تبذل الحكومة قصارى جهدها لتقديم الخدمات الأساسية لجميع السوريين ، حيث نكافح لاحتواء انتشارِ فايروس كورونا”، ويقول الخبراء إنّ النظام فاقم من أزمة الفايروس في سوريا من خلال عدم اتخاذ التدابير المناسبة للوفاء بالتزاماتها الصحية لمواطنيها في جميع أنحاء البلاد.

وقال “سيث فرانززمان” خبير الشرق الأوسط الذي يتابع عن كثب التطورات في سوريا: “الحقيقة المرّة هي أنّ النظام لا يتحمّل المسؤولية الأساسية لمساعدة الناس في أيِّ مكان في سوريا”، في شرق سوريا يقع على عاتق النظام واجب توفير الرعاية الصحية والوصول إلى الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وإجراء اختبارات للفايروس، وقال لوكالة صوت أمريكا (VOA): “إنّها تواصل التشدّق بسيادة سوريا بينما لا توفّر الاحتياجات الأساسية لمن هم تحت سيطرتها”.

بما أنّ معظم المساعدات الدولية وخاصة من الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية تمرّ حاليًا عبْرَ دمشق فإنّ المسؤولين المحليين في شمال شرق سوريا يتّهمون النظام بعرقلة وصول المساعدات المطلوبة إلى منطقتهم، ويقول المحلّل “فرانززمان” إنّ مناطق شرق سوريا بحاجة إلى دعم فوريّ من المجتمع الدولي، حيث أنّ المجتمعات لا تزال تتعافى من الحرب على داعش والهجوم الذي قادته تركيا مؤخّرًا ضدّ القوات الكردية.

لقد دمّر ما يقرب من عقد من الحرب نظام الرعاية الصحية في سوريا إلى حدٍّ كبير، مما أثار مخاوفَ بين مسؤولي الأمم المتحدة من أنّ ملايين النازحين سيكونون أكثرَ عرضة للإصابة بالفايروس، ودعت الأمم المتحدة إلى وقفٍ لإطلاق النار في سوريا للتركيز على مكافحة الفايروس، كما دعت جميع الأطراف المتحاربة في سوريا إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين لأنّ الانتشار المحتمل للفايروس في سجون النظام لا يزال مرتفعاً.

تحتجزُ قواتُ سوريا الديمقراطية (SDF) حوالي 10 آلاف مقاتلٍ من تنظيم داعش، تم القبضُ على معظمهم بعد الهزيمة العسكرية للجماعة الإرهابية في مارس 2019، وقال التحالف الذي تقودُه الولايات المتحدة إنّه قدّم مؤخرًا 1.2 مليون دولار من الإمدادات الطبية ومساعدات أخرى لقوات سوريا الديمقراطية بهدف مساعدة السلطات المحلية على الحدِّ من انتشار الفايروس في سجون داعش وبين السكان المحليين أيضًا.

في نهاية الأسبوع الماضي أعلنت الإدارة المحلية في شمال شرق سوريا أنّها تلقّت أيضًا جهازين متقدّمين لاختبار PCR كمساعدة من إقليم كردستان العراق، وقالوا إنّ ذلك سيساعدهم على إجراء المزيد من الاختبارات للفايروس.