فورين بوليسي: تنتقدُ صمتَ المجتمعِ الدولي وعدمَ اكتراثِه لما يحصلُ في سوريا
انتقدتْ مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، صمْتَ المجتمع الدولي وعدم اكتراثه لما يحصل في سوريا، في ظلِّ غيابٍ كامل لتطبيق العدالة الدولية بحقِّ مجرمي الحرب، في حين يجلس رأس نظام الأسد بأمانٍ في قصره بدمشق وراحةٍ أكثرَ من أيّ وقتٍ مضى.
وأوضحت المجلة أنَّ رأس نظام الأسد لم يدخّر شيئاً في سعيه الوحشي للبقاء في حكم سوريا، بِدءاً من قصف القرى السورية بالأسلحة الكيماوية، واستهداف المدارس والمخابز، واستخدام سياسة التجويع لسنوات، كذلك استخدام محارقَ الجثث لإخفاء القتلِ الجماعي داخلَ السجون.
لكن، وفي خطوةٍ غيرِ عادية، أعاد الإنتربول إضافةَ نظامِ الأسد إلى شبكاته في أوائل تشرين الأول الحالي، مما زوّد نظام الأسد بالقدرة على إصدار مذكّرات توقيف دولية “ما يسمّى بالنشرات الحمراء” لأول مرّة منذ عام 2011، ووضع مئات الآلاف من هؤلاء اللاجئين السوريين في الخارج في خطرٍ محتملٍ، وفقاً للمجلة.
كذلك كان قرارُ منظّمة الصحة العالمية في أيار منحَ نظام الأسد مقعداً في مجلس إدارتها على الرغم من سجّله الواسع والموثّق في قصف المستشفيات وفرضِ حصار مميت وتقييد إيصال المساعدات.
سياسياً، قالت المجلة إنَّ الدبلوماسية تستمرُّ في الأمم المتحدة، لكن لا يخفى على أحد أن مبعوث الأمم المتحدة “غير بيدرسون” عاجزٌ فعلياً عن مهمّته دون أنْ تتولّى الولايات المتحدة دوراً حازماً.
وتطرّقت المجلة إلى الدور العربي، ومحاولات التطبيع مع نظام الأسد لا سيما بعد زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن في شهر تموز الماضي، حيث جاء بفكرة جديدة عن تغيير “سلوك نظام الأسد” خطوةً بخطوة من خلال بناءِ الثقة مع النظام وإنشاء فريق عمل من الدول ذات التفكير المماثل والجمع بين الحكومات الإقليمية في الولايات المتحدة وأوروبا لتحديد النهج الأكثر فاعلية.
وفي الأسابيع التي تلتْ ذلك، كانت التغييرات الناتجة دراماتيكية، تمَّ الانتهاءٌ من اتفاق متعدّدِ الأطراف لإحياء وتوسيع مشروع خطّ الغاز العربي (الذي كان يعمل لفترة وجيزة من 2008 إلى 2010) لنقل الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عبرَ الأراضي الأردنيّة والسورية.
حيث لعبت السفارة الأمريكية في بيروت دوراً رئيسيّاً في خلق مساحة للمفاوضات، وشجّعت الأطراف على المضي قدُماً والإشارة إلى التنازل الفعلي عن العقوبات الأمريكية على نظام الأسد بموجب قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا، والتي كان من الممكن أنْ تحظر الصفقة.
وتقول المجلة، منذ الإعلان عن صفقة الغاز، استضاف الأردن وزراء من حكومة نظام الأسد للطاقة والنقل والموارد المائية والزراعة والإصلاح الزراعي والاقتصاد والتجارة والصناعة، والأهم من ذلك، وزير الدفاع في حكومة النظام علي أيوب.
وفي 3 تشرين الأول الشهر الحالي تحدّث الملك عبد الله عبرَ الهاتف مع رأس نظام الأسد، ووفقًا للديوان الملكي الأردني، تطرّقا بالحديث عن العلاقة بين “الدول الشقيقة وسبل تعزيز التعاون”.
كما جدّدت الإمارات العربية المتحدة انخراطها الاقتصادي مع نظام الأسد، فقد دعت حكومة النظام للمشاركة في معرض دبي في تشرين الأول، وعقدت اجتماعات وزارية مع وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة النظام، نُوقشت خلالها آفاق التعاون الاقتصادي والاستثمار.
وأعلن المسؤولون الإماراتيون رغبتهم في عودةِ نظام الأسد إلى وضعه السابق لعام 2011، وتمَّ وضعُ خططٍ لإحياء مجلس رجال الأعمال السوري الإماراتي.
واختتمت المجلةُ بالقول، إذا أراد الأردن وآخرون في المنطقة تبنّي نهج خطوة بخطوة تجاه نظام الأسد، فيجب أنْ تكونَ الولايات المتحدة جزءاً من تلك المعادلة، مما يوضّح أنَّ مثلَ هذه العملية يجب أنْ تسير في كلا الاتجاهين.
وأوضحت أنّه إذا كانت إدارة بايدن لا تزال متمسّكة بمواقفها العامة، فيجب أنْ تبدأ كلماتها في الترجمة إلى إجراءات واضحة وحاسمة، اعتباراً من الآن، يبدو أنَّ نظام الأسد يرحّب بإعادة المشاركة وآفاق الاستثمار والتطبيع الدبلوماسي بينما لا يُقدّم شيئًا على الإطلاق، في المقابل صمت واشنطن والعواصم الأوروبية على هذه التطورّات مريع.