في شمالِ سوريا: بدونَ مساعدةِ لن نتمكّنَ من التأقلمِ مع وصولِ الفيروس

في المنطقة التي تضمّ آخر معقل لمعارضي نظام الأسد، ولكنْ قبلَ كلّ شيء أكثرُ من مليون لاجئ يتزايد قلقهم، حيث يبدو وصول “Covid-19” أمراً لا مفرّ منه.

خلال الحوار مع “أسامة الحسين”، وهو المنسّق الطبي لـ “UOSSM” في محافظة إدلب داخل مخيم أطمة على الحدود التركية، في حين أنّ النازحين يفتقرون إلى كلِّ شيء، ويعيشون في ظروف سيئة ويخشون من استئناف العنف، إلا أنّه يخشى وصول “Covid-19” حيث يعاني الطاقم الطبي من العجز.

أدّت الحرب في سوريا، التي أودت بحياة أكثر من 380 ألف شخص، إلى إضعاف النظام الصحي في البلاد إلى حدٍ كبير، فقط 64٪ من المستشفيات و52٪ من مراكز الرعاية الأولية التي كانت موجودة قبل 2011 تعمل، وضع أسوأ في منطقة إدلب، بالإضافة إلى ذلك، استهدفت قوات النظام 70٪ من العاملين الصحيين من البلاد، بحسب منظمة الصحة العالمية.

ما هو الوضع الأمني في الأيام الأخيرة في محافظة إدلب؟ هل توقّف القصفُ منذ وقفِ إطلاق النار في 5 آذار؟

توقّف القصف بشكلٍ عام منذ بدءِ وقف إطلاق النار، مع بعض الانتهاكات ولكن على أيّ حال، لم يعدْ الناس يؤمنون بوقف إطلاق النار على الإطلاق، فهم لا يزالون خائفين من فكرة استئناف نيران المدفعية أو القصف الجويّ، ويخافون من تصعيد محتمل للعنف، هذا هو السبب في أنّ الأشخاص الذين غادروا المدينة لن يعودوا لفترة طويلة، على الرغم من وقفِ إطلاق النار قبل شهر.

كيف يعيش السكان السوريون في مخيم أطمة للاجئين حيث أنت؟

لا أحدٌ يريد حقاً أنْ يعرفَ، يفتقر الناسُ إلى كلِّ شيء: الخيام والصرف الصحي والطعام والمياه، الوضع كارثي، إنّه البؤس والفقر، حياةٌ غيرُ لائقة للأشخاص الذين يتشاركون خيمة أو غرفة واحدة مع العديد من العائلات، ومرّة أخرى محظوظون بأنّهم لا يعيشون تحت شجرة، في مبنى قيد الإنشاء أو نصف مدمّر، إنّهم يكافحون للعثور على أيِّ وسيلة للعيش، إذا كانوا محظوظين فإنهم يجدون وظيفة تدفع دولارين في اليوم لمهمة مرهقة، مثل قطف الزيتون أو بناء ملاجئ صغيرة أو صنع الطوب.

بالإضافة إلى ذلك، لا يزال فصل الشتاء، إنّها تمطر، نحن نسير في الوحل، الجو بارد وموسم الإنفلونزا يزيد من صعوبة اكتشاف “Covid-19″، الأعراض متشابهة في كثير من الأحيان، في مجتمع لا يعرف سوى القليل عن عدوى وبائية جديدة.

يركّز العالم اليوم بشكلٍ كامل على هذا الوباء، هل تتأثر محافظة إدلب؟

لدينا عدّةُ حالات مشتبَهٍ بها على الأقل، لكن لحسن الحظ كانت الاختبارات سلبية، لم يتلقَّ مختبر تحليل إدلب سوى ثلاث مجموعات تحليل، أي ما يقرب من 300 اختبار، لتشخيص “Covid-19″، نأمل أنْ يتلقوا المزيد قريباً.

أنت قلق من انتشار الفيروس، هل هو محتوم؟

نأمل بالتأكيد ألا يكونَ هذا هو الحال، ولكن ليس هناك شكٌ في أنّ “Covid-19” سيصل عاجلاً أم آجلاً هنا كما هو الحال في بقية العالم، وبعبارة أخرى على الرغم من النظم الصحية المتقدّمة وأنماط الحياة الصحية والحياة اليومية التي تلبّي معايير المعيشة الحديثة والاحتياطات الهامة التي اتّخذتها الدول الحديثة، فعلى الرغم من كلّ ذلك انتشر “Covid-19” في كلّ مكان.

إذن ما الذي نأمله في حالتنا، عندما تعيش غالبيةُ النازحين داخلياً في المخيمات حيث لا يمكن التحدّثُ عن النظافة والحياة الصحية، خاصة بعد الحملة القاتلة الأخيرة للنظام في كانون الأول 2019، وفي شباط 2020.

ما الوسائل الطبية التي يجب أنْ تتعاملَ معها؟

سيكون من المستحيل بالنسبة لنا التعامل مع الفيروس، إذا لم نكن مدعومين من التبرعات الدولية أو المنظمات غيرِ الحكومية، استقبلنا مؤخّراً ست خيام من منظمة غيرِ حكومية لكنّها ليست مجهّزة على الإطلاق، جدير بالذكر أنّ معظمَ المستشفيات في جنوب وغرب محافظة إدلب استُهدِفت عمداً جرّاء التفجيرات خلال الهجمات الأخيرة، أو تمّ إجلاؤها لوضع الجرحى والأفراد في مناطق أكثر أماناً، لم يعدْ بإمكاننا الوصول إلى المعدات اللازمة للتعامل مع الوباء.

نحن بحاجة إلى مساعدة مهنية للتعامل مع هذا الوباء، من خلال تبادلِ الخبرات والمبادئ التوجيهية، مثل تلك التي تنشرها منظمةُ الصحة العالمية على موقعها الرسمي على الإنترنت، لكنّ كلّ هذا لا يزال نظرياً للغاية، لا تنطبق بروتوكولات النظافة هذه في المخيمات في سوريا، عندما لا يكون لدى آلاف الأشخاص ما يكفي لإطعام أطفالهم، كيف يمكنهم شراء منتجات النظافة لعائلاتهم، نحن بحاجة إلى أنْ تكونَ التوجيهات مصحوبةً بأدوات ووسائل احترازية تتكيف مع وضعنا.

ما نوع المساعدة التي تحتاجها؟

بالنسبة للمعدات الصحية: من الملّحِ جداً تزويدُ الطاقم الطبي بخيام مجهّزةٍ للفرز والحَجر الصحي، كما أنّنا في حاجة ماسة إلى أدوات الحماية الشخصية (الأقنعة والقفازات والمطّهرات والنظارات) للعاملين في المجال الطبي، سيكون من الضروري حماية مقدّمي الرعاية الذين هم مثل أيِّ مكانٍ آخرَ من بين الأكثرَ تعرضاً للفيروس، بالإضافة إلى ذلك هناك نقصٌ كبير في الأدوية والمستلزمات الطبية، ويمكن أنْ تكونَ القوافل الدولية مفيدة للغاية مثل القافلة الفرنسية الأخيرة التي استقبلتها “UOSSM” الشهر الماضي.

بالنسبة للنازحين المحتاجين يُوصى بشدّة بتزويد العائلات بحزم غذائية كافية لضمان التزامهم بالحَجر الصحي وبالمثل من الضروري تزويدُهم بمعدّات النظافة والصابون السائل والأقنعة إنْ أمكن، نحن بحاجة للمساعدة على وجه السرعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى