كيف ماتَ حلمي في الحريةِ باليونان

فرّ “أحمد حميدة” من سوريا لينتهيَ به المطاف في مخيم “ملقاسا” للاجئين، حيث يُحرم أكثرُ من 1000 شخص من حقوق الإنسان الأساسية، عندما نزل “أحمد حميدة” في الظلام في جزيرة ليسبوس اليونانية ، كان مقتنعاً بأنّ الطريق أمامه لا يمكن أنْ يكون صعبًاً مثل الطريق الذي سافر به للتوّ.

ولكن بدلاً من أنْ يتمّ استقبالُه من المتطوعين الحاملين للبطانيات والذين التقوا بمئات الآلاف من طالبي اللجوء من قبله، كان في استقباله حشدٌ من السكان المحليين، وكان على الشرطة أنْ تنقذَه، وأضاف: “لقد كان أسوأ شعورٍ شعرت به على الإطلاق، شعرتُ أن حلمي في اليونان كان زائفًا”.

كان “حميدة” من بين أكثر من 2000 لاجئ وصلوا إلى اليونان منذ بداية آذار، عندما عطّلت البلاد جميع طلبات اللجوء، قبل تجاربهم هذه رأوا أطفالهم يغرقون في البحر وتعرّضوا للهجوم من قبل سكان الجزيرة الغاضبين، بالإضافة إلى أنّه تمّ فصلهم عن عائلاتهم وإلقاؤهم في معسكرات الاعتقال النائية، رأوا كوابيس لمدّة شهر حول ما ستبدو عليه أوروبا بدون حقوق اللجوء.

أغلقت اليونان الحدود بعد أنْ فتحت تركيا حدودها في شباط وشجّعت اللاجئين على العبور في محاولة للضغط على الاتحاد الأوروبي للحصول على مزيدٍ من أموال المساعدة لدعم مشاركتها العسكرية ضدّ روسيا ونظام الأسد على الجيب السوري لإدلب.

ولد “حميدة” في العاصمة السورية دمشق و فرّ من منزله هرباً من الخدمة العسكرية مع النظام، روى الشاب البالغ من العمر 30 عامًاً قصته من داخل معسكر اعتقال “ملقاسا” في وسط اليونان، أمضى السنوات الأربع الماضية في تركيا ، حيث التقى بزوجته حنين وتزوجها، تمّ توثيقُ حياتهم غيرِ المستقرة وزفافهم في مقال مصور لصحيفة الغارديان العام الماضي.

لكنّ الزوجين لم يكونا قادرين على تغطية نفقاتهما وقد قامت حنين التي أصبحت حاملاً الآن بالرحلة بالقارب إلى ليسبوس قبل ستة أشهر، وصلت بأمان وولدت ابنتهما التي تبلغ من العمر الآن شهرين، “حميدة” لم يلتقِ بعدُ بطفله، قضى أسبوعه الأول في ليسبوس في المخيم في منطقة مسيجة في مدينة ميتيليني الساحلية قبل أنْ يتمّ نقلُه مع 450 وافدين آخرين، على متن سفينة تابعة للبحرية اليونانية.

قالت “أميليا كوبر” وهي عاملة في مركز ليسبوس القانوني، تحدّثت إلى بعض المحتجزين في الميناء: “أعقب تعليق الحق في طلب اللجوء محاولات متعمّدة لعزل الوافدين الجددِ ومنعِهم من الاتصال بمحامين وصحفيين وأعضاء البرلمان الأوروبي”، في منتصف الشهر الماضي بدأت السلطات اليونانية العمل في موقعين، أحدهما في ملقاسا، حيث تمّ إرسالُ 1340 شخصًاً، والآخر بالقرب من الحدود مع بلغاريا في سيريس، التي تضمّ 600 شخص، يظهر مقطع فيديو لملقاسا خيامًا بيضاء خلف سياج متسلسل يعلوه أسلاك شائكة، نشر متعاقد يوناني الفيديو في 28 مارس.

قال “بلقيس ويلي” من منظمة حقوق الإنسان: “هذه المواقع مختلفة بشكلٍ أساسي، إنّها سجون في الهواء الطلق ومليئة بالأشخاص الذين حُرموا من حقوقهم الأساسية وهم محتجزون كمعتقلين بحكم الواقع دون أيِّ إطار قانوني”، يُعتقد أنّ معظم الناس في ملقاسا وسيريس ينتظرون أمَر ترحيل من الشرطة اليونانية، يقول اللاجئون إنّهم أجبروا على التوقيع على هذه الوثيقة باللغة اليونانية على الرغم من عدم قدرتهم على قراءتها، بموجب القانون الأوروبي يحقّ لكلِّ شخصٍ إجراءُ تقييم فردي لمطالبته بالحماية ولكن هذه الوثائق تعلن أنّه يجب ترحيلُ المتهم لدخوله اليونان بشكلٍ غيرِ قانوني.

على مدى السنوات الأربع الماضية تمّ تقليلُ التدفق الأكبر للمهاجرين عبرَ شرق بحر إيجة من خلال ترتيب بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة، والذي شهد حصول تركيا على مساعدة بقيمة 6 مليار يورو مقابل تقييد المعابر، وبموجب هذه الصفقة أعادت اليونان 2000 وافدٍ جديدٍ منذ أوائل آذار، بينما صرّحت تركيا أنّه حتى هذه الصفقة قد انتهت، عبّر “حميدة” عن قلقه من الوضع الذي أصبح لا يطاق: “عشت خلال أربع سنوات من الحرب في سوريا، هذا الشهر أسوأ من تلك السنوات الأربع: هل يمكنك أنْ تتخيلَ؟”.

يعاني المحتجزون في موقع سيريس ظروف أسوأ حتى من ملقاسا، حيث الخيام معبأة بإحكام خلف الأسوار على قاع نهر جاف وأضافوا إنّهم لا يملكون الكهرباء حتى لشحن الهاتف، وقالت نقابة شرطة سيريس في بيان إنّ الموقع “غيرُ مناسب على الإطلاق”، وقال “سبيروس ليونيداس” عمدةُ أقرب قرية “بروماكسوناس”: إنّ المخيم غيرُ لائق للحيوانات، ناهيك عن الناس، هناك حديثو الولادة والحوامل بين الناس ولا يوجد ماء ساخن، ولا يزال مصيرُ المحتجزين غيرَ واضح”.

وقالت الحكومة اليونانية إنّ تعليق اللجوء سيتمّ رفعُه، بينما قالت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية “إلفا جوهانسون” الأسبوع الماضي إنّها تلقّت تأكيدات بأنّ أولئك الذين وصلوا في آذار سيكونون قادرين على تقديم طلب اللجوء، ومع ذلك قال وزير الهجرة واللجوء في اليونان “نوتيس ميتاراكيس” في وقت لاحق إنّ الأشخاص الذين صدرت لهم أوامر ترحيل لن يتمّ منحهم حقَ الجوء، ولم يتمّ إخطار أيٍّ من المحتجزين الذين وصل إليهم المراقب بأيّ تغيير في عملية منحهم اللجوء بالإضافة إلى أنّه تمّ إغلاق خدمة اللجوء اليونانية حتى 10 نيسان بسبب أزمة Covid-19.

قال “فاسيليس بابادوبولوس” وهو محامٍ ومسؤولٌ كبيرٌ سابقٌ في وزارة الهجرة في الحكومة السابقة: إنّ حميدة والمحتجزين الآخرين “أصبحوا مثالاً” لإظهار أنّ هناك سياسة جديدة صارمة، وأضاف: “ما حدث في آذار أدّى إلى انخفاض أعداد الوافدين من المعابر لذا سيستمرّون في القيام بذلك، حتى لو قالوا شيئًاً مختلفًا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى