“مجانين حلب مرّوا من هنا”.. تجارب حصار حلب الماضية أصبحت ذكرياتٍ وفيلماً عالمياً شاهداً عليها (صور)

حاز الفيلم الوثائقي السوري “مجانين حلب” على الكثير من التفاعل والدموع والهتافات، وذلك في عرضٍ أولي خاصٍ له في العاصمة اللبنانية بيروت.

“مجانين حلب” الفيلم الذي يتناول مشاهد للحياة اليومية في آخر مستشفى تحت الأرض كان قد واصل العمل ضمن مدينة حلب، وذلك أثناء حصار نظام الأسد لها.

حيث يوثّق الفيلم على مدى ساعة ونصف من الزمن للحياة اليومية القاسية والمليئة بالمواقف الإنسانية داخل مستشفى “القدس”، وهو المستشفى الأخير الذي كان تحت الأرض وبقي يعمل في حلب بين عامي 2015 و2016.

ويظهر الفيلم تمسك المصوّر “عبد القادر حبق” الذي يعيش مع الدكتور “حمزة الخطيب” وفريق عمله الصغير، بالبقاء في المدينة المحاصرة واستقبال آلاف المدنيين لعلاجهم وللتأكد من سلامتهم.

كما أخرجت الفيلم “لينا سنجاب” المخرجة والمراسلة لدى هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) في بيروت، وانطلقت فيه من مئات اللقطات التي صورها “حبق”.

حيث قدّمت “سنجاب” فيلماً يمزج ما بين الشريط الوثائقي والرواية المرئية، التي تنطوي على شخصيات حقيقية يتابع المشاهد يومياتها، ويتفاعل مع تشعّبات حياتها ومواجهاتها المستمرة مع الموت والدماء وعمليات الإنقاذ وسط ظروف بالغة القسوة.

وكانت قد حضرت “سنجاب” و”حبق” العرض الأولي في بيروت، وفي جلسة نقاش بعد الفيلم وجّهت المخرجة التحية إلى “حبق” على عمله الشجاع، قائلةً: “لفتتني علاقة كاميرا حبق بين الداخل والخارج، داخل المستشفى تحوّل إلى أكثر من مصوّر يوثق اللحظات وأمسى مساعداً وجزءاً محورياً من الحكاية الداخلية، التي كانت حوادثها تدور في المستشفى”.

وتابعت “سنجاب” بقولها: “كانت آلة التصوير لا تهدأ حركتها، أما خارج المستشفى صارت الكاميرا أكثر ثباتاً واللقطات أكثر وسعاً وصار البورتريه للمدينة مغايراً عما كان يحدث داخل المستشفى”.

ومن هنا بحسب ما أكّدت “سنجاب” ولدت فكرة العلاقة بين الداخل والخارج الأشبه بنافذة يتابع من خلالها المشاهد الأحداث في حلب، وأيضاً التغيّرات التي تطرأ على حياة الشخصيات عندما غادرت مدينتها وحان الوقت لمواجهة ذكريات ما حدث.

حيث ينقسم الفيلم إلى جزئين أحدهما داخل حلب والثاني خارجها لدى وصول الشخصيات المحورية إلى برّ الأمان وإلى المدن التي ستعيش فيها حياة جديدة، وهي تروي لـ “سنجاب” الحياة في حلب أثناء الحصار بعد أن أصبحت تجارب الأمس ذكريات اليوم.

وبدوره قال “حبق”: “كنا داخل حصار، لا وقت لديك لتكتب سيناريو وتستهل بعده التصوير، لا وقت لديك لتفكر في اللقطة أو جماليتها، جلّ ما تستطيع أن تفعله هو إعطاء الكاميرا روحك، وعلى الرغم من أنّها صارت اليوم مكسورة بيدَ أنها ما زالت معي، مستحيل أن أتخلّى عنها في يوم من الأيام”.

وتابع “حبق” بقوله: “كنت أمام خيارين إنسانيتي وفيلمي، لو اخترت فيلمي فقط كنت بكلّ تأكيد سأصف نفسي بالإنسان العاطل، اخترت أن أصوّر وأساعد في الوقت عينه”.

وعن اختيار عنوان “مجانين حلب” أكّدت “سنجاب” ضاحكة أنّها كانت فكرة “حبق” الذي انطلق من جملة “مجانين حلب مرّوا من هنا”، والتي يلاحظها المشاهد في نهاية الفيلم مكتوبة بالأسود على أحد جدران المستشفى.

وكانت قوات الأسد قد احتلت شرقي مدينة حلب، في 22 كانون الأول 2016، بعد التوصلّ لاتفاق على إخراج المقاتلين وتهجير المدنيين من الأحياء الشرقية، عقب حملة عسكرية همجية لها وبدعمٍ من الاحتلال الروسي، والتي أسفرت عن استشهاد وجرح الآلاف من المدنيين، ودمار هائل في البنى التحتية للمدينة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى