محللٌ سياسيٌّ يكشفُ الخفايا التي تسعى واشنطنُ إليها عبْرَ “قانونِ قيصرَ”

كتب الباحث السياسي ومدير مركز جسور للدراسات “محمد السرميني” بحثاً حلّل فيه حزم العقوبات التي يشملها قانون قيصر ضدّ نظام الأسد من كافة جوانبه الفنية والقانونية والاقتصادية. وأشار إلى أنّ الدلالات السياسية فهمُها يبقى أمراً مهمّاً لاكتمال المشهد.

كما أشار بأنّ دخول قانون قيصر فهذا يعني عودة اللاعب الأمريكي إلى منطقة الشرق الأوسط عموماً، وإلى الملف السوري تحديداً، ونوّه الى أنّه إجراء ضمن سلسلة متكاملة، غايتها ترتيب الفصل الأخير في المشهد السوري والمنطقة وبأنّ العقوبات بموجب القانون الأمريكي تشمل رأس النظام السوري والشبكة الاقتصادية التي يعتمد عليها، وأيضاً قد تطال الدول الداعمة للنظام في حال تقديم أيِّ خدمات له في قطاعات الهندسة وإعادة الإعمار والطاقة والنفط والغاز الطبيعي.

ولفت أيضاُ الى انّ واشنطن ترغب في قطع الطريق على تحويل الدول الداعمة لنظام الأسد النتائج التي حققتها عسكرياً إلى مكاسب اقتصادية، وأكّد أنّه وبموجب العقوبات لا يمكن تدوير عجلة الاقتصاد من جديد أو استثمار الثروات أو الشروع في إعادة تأهيل البنى التحتية، وأنّ واشنطن تهدف إلى رفع حجم الضغط على روسيا في سوريا، من أجل أنْ تضغط الأخيرة على نظام الأسد لإجراء عملية سياسية حقيقية تتضمن كتابة دستور وإجراء انتخابات شفّافة، وهذه الترتيبات ستدفع البلاد إلى الاستقرار أكثر.

وأكّد على انّ أيِّ مفاوضات مع الولايات المتحدة على تجميد أو إلغاء القانون، ستشمل بالإضافة إلى النقاط السابقة المذكورة مطلباً أمريكياَ واضحاً بإشراف روسيا على إضعاف الدور الإيراني في سوريا وربّما تتعدى ذلك في الضغط على إيران وحلفائها خارج سوريا أيضاً، وأنّ أحد النتائج السياسية لقانون قيصر، ضبط الإستراتيجية الروسية القائمة على تعويم نظام الأسد دولياً من البوابة العربية، وفي هذا السياق وجه المبعوث الأمريكي إلى سوريا “جيمس جيفري” تحذيراً واضحاً للإمارات وأكّد أنّ واشنطن غير راضية عن تقاربها مع الأسد.

كما أشار أنّ ورقة العقوبات “قيصر” تعتبر ورقة ضغط أمريكية لدفع الأسد ومن خلفه روسيا وإيران لتقديم تنازلاتٍ سياسية، وعلى رأس هذه التنازلات الموافقة على حكومة منضبطة في سوريا، متصالحة مع جيرانها ولا تمثل تهديداً لمحيطها، وأكّد أيضاً أنّ ردّ الفعل الروسي على قانون قيصر ليس مضموناً، فقد يكون خيار موسكو البحث عن بدائل سياسية متمثلة في الهروب إلى الأمام وإيجاد بدائل جزئية، والتحوّل باتجاه الصين للحصول على دعم اقتصادي ومالي في ملف إعادة الإعمار ولكن ليس بالضرورة انّ تنجح، بحسب تحليله.

وتطرّق الباحث للصعيد الشعبي وقال إنّه غالباً سيلجأ نظام الأسد إلى تحميل قانون قيصر مسؤولية سوء الأوضاع المعيشية، وقد يشكّل ذلك فرصة له لعدم التدخّل من أجل منع انهيار الليرة السورية، رغبة منه في الحفاظ على ما تبقى لديه من رصيد العملات الأجنبية، مما لا شكّ سوف يشكل عبئاً على المواطنين السوريين ، وبانّ القانون وما رافقه من تدهور قيمة الليرة السورية يبدو أنّه يسرع في فكّ الارتباط النقدي والاقتصادي بين شمال غرب وشمال شرق سوريا، حيث باتت السلطات المحلية في المنطقتين تعتمدان على الليرة التركية والدولار الأمريكي، وهذا من شأنه أنْ يعمق أزمة الليرة السورية ويخفّض الطلب عليها.

وأنهى السرميني تحليله قائلاً: بطبيعة الحال سنحتاج المزيد من الوقت لتقدير الحجم الحقيقي لتأثير قانون قيصر على نظام الأسد اقتصادياً وسياسياً وعلى صعيد علاقته مع حلفائه، الا أنّه بلا شكّ سيكون للقانون تأثيرات أكبر من سوريا وعلى مستوى المنطقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى