معهدُ واشنطن: تعليقُ العقوباتِ الأمريكيةِ خلقَ ثغرةً لصالحِ نظامِ الأسدِ

دعا معهدُ دراسات أمريكي، الإدارة الأمريكية لاتخاذ خطواتٍ معيّنة للتأكّد من أنَّ الترخيص العام الأخير الصادر عن وزارة الخزانة الأمريكية لا يخلق ثغراتٍ جديدة لنظام الأسد أو رعاتِه في موسكو وطهران أو لشركائه الإرهابيين الأجانب.

جاء ذلك في تحليلٍ للمدير السابق لشؤون سوريا في “مجلس الأمن القومي” الأمريكي، أندرو تابلر ، ونشرَ “معهدُ واشنطن”.

وأكّد التحليل أنَّ إشادةَ الدول والمنظمات الأممية بقرار نظام الأسد الموافقةَ على افتتاح معبرين إضافيين لإدخال المساعدات إلى شمال سوريا عقبَ الزلزال، كانت لتبدو حسنةً لو أنَّ التمديد كان لأكثرَ من ثلاثة أشهر، لأنَّ المدّةَ مُحدّدة، كما كانت لتبدو حسنة لو أنَّها كانت كافيةً لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتفاقمة في أعقاب الزلزال الذي أودى حتى الآن بحياة أكثرَ من 4000 شخصٍ في شمال غربي سوريا.

الباحث طالبَ واشنطن باتخاذ خطوتين فوريتين لتخفيف المعاناة في المناطق المتضرّرة من الزلزال في شمال غربَ سوريا.

الخطوة الأولى هو أنْ تسعى الولايات المتحدة إلى استصدار قرارِ من مجلس الأمن يضمن بقاءَ المعابر التي أعيد فتحُها مفتوحةً لمدّة عامٍ على الأقلّ، مبيّناً أنَّ المساعدات عبرَ الحدود أصبحت منذ العام 2020، أصبحت لعبةَ كرةٍ قدم سياسية في الأممِ المتحدة، حيث تستخدمُ روسيا تهديداتٍ “الفيتو” لتقليل عددِ المعابر إلى معبرِ واحدٍ (باب الهوى) وتقصيرِ مدّة تجديد آلية المساعدات إلى ستّةِ أشهرٍ فقط لكلِّ تجديد. ومجدّداً.

وأكّد الباحث على أنَّ العوائقَ الإنسانية الكامنة في هذه الخيارات الضيّقة تجّلت في الاستجابة المتعثرةِ لأضرار الزلزال في سوريا.

أما الخطوة الثانية وهي الأكثرُ تعقيداً، وفقَ الباحث، فهي مهمّةٌ تخفيف العقوبات الأمريكية بشكلٍ مناسبٍ لدعم الإغاثة المشروعة لضحايا ومتضرّري الزلازل دون تأجيجِ حملة نظام الأسد، والتي يأمل منها النظامُ التهرّبَ من المسؤولية عن انتهاكاته العديدة والتي تشمل اليوم الكثير، ابتداءً من فظائع زمن الحرب ووصولاً إلى إنتاج المخدّرات والاتّجار بها على نطاق واسع، لافتاً أنَّ ما زاد هذه المعضلةَ تعقيداً هو أنَّ بعضَ دول المنطقة تدفع باتجاه تطبيع العلاقات مع النظام.

وحول الترخيصِ الأخير الذي أصدرته وزارةُ الخزانة الأمريكية تحت عنوان “تفويض المعاملات المتعلّقة بجهود الإغاثة من الزلزال في سوريا”، يوضّح تابلر أنَّ جوهرَ المشكلة هو أنَّ المعاملات مع حكومة نظام الأسد لا يمكن تمييزُها بما فيه الكفاية عن أنشطة الأفراد والكيانات الخاضعة للعقوبات التابعةِ للنظام وشبكاته.

لافتاً إلى أنَّ السماحَ للمؤسسات المالية بقبول أوصاف المنشئ لعمليات تحويل الأموال لن يؤدّيَ إلا إلى تفاقم هذه المشكلة من خلال خفضِ عتبةِ المعاملات المسموح بها بشكلٍ كبير.

وأضاف، “بعبارة أخرى، يبدو أنَّ الترخيصَ الجديد قد خلق ثغرةً في العقوبات سيستغلها نظامُ الأسد ورعاتُه الإيرانيون والروس بدون شكٍّ، كما هو الحال مع كل ثغرة أخرى اكتشفوها طوالَ الحرب. أما صلاتُ النظام بالكيانات التي صنّفتها الولاياتُ المتحدة على أنَّها إرهابيةٌ وتعمل في سوريا، مثل “حزب الله” اللبناني، فهي تثير المزيدَ من المخاوف بشأن تمكين المعاملات على نطاق واسع بهذه الطريقة”.

واعتبر أنَّ تنفيذَ الترخيص الجديد بشكل صحيحٍ تماشياً مع العقوبات الأمريكية، يتطلّبُ من الإدارة الأمريكية إصدار الأوامر على الفور بإجراء تقييمٍ استخباراتي باستخدام الصور حول الدمار الذي خلّفَه الزلزالُ للتمييز بين المنشآت التي دمّرها الزلزال في سوريا أو التي تضرّرت جرّاءَه مقابل تلك التي أصيبت في الحرب.

ورأى أن التقييمَ الاستخباراتي يمنح خطّاً أساساً لواشنطن يمكنُها من خلاله تحديد الأماكن التي تُنفق فيها إغاثات الزلزال وإلى أيّ درجة يتمُّ تحويل الإغاثات إلى أنشطة إعادة الإعمار التابعة لنظام الأسد، مبيناً أنَّ من بين المناطق ذات الأهمية الخاصة في هذا السياق هي شرقُ حلب التي دُمرت أجزاءً كبيرة منها بسبب قصفِ النظام وبراميله المتفجّرة.

وبحسب الكاتب فإنَّ على الإدارة الأمريكية اتخاذَ خطوات لكسرِ الدورة الحالية، وهي حلقة غالباً ما تجد فيها واشنطن وحلفاؤها أنفسَهم عاجزين عن الإتيان بأيّ ردٍّ فعل أمام التطورّات غيرِ المتوقعة في سوريا ومحاصرين من قِبل موسكو، ما يؤدّي إلى تقليل الخيارات المتاحة أمامهم.

وطالب الإدارةَ الأمريكية بصياغة نهج جديد وإعطاءِ أولوية أكبرَ للسياسة السورية والتفكير بشكلٍ خلّاق حول أفضل السبل لتحقيق أهداف السياسة الأمريكية، ودعمِ الشعب السوري، ومواجهة النظام ورعاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى