مقال رأي حول ذهاب طلاب المناطق المحرّرة إلى مناطق نظام الأسد لتقديم الامتحانات

تجمّع عددٌ من طلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية في المناطق المحرّرة، وذلك بقصد الذهاب إلى مناطق سيطرة النظام لتقديم امتحانات الشهادتين، مما سبّب ردود فعل غاضبة على الطلاب وعلى أهاليهم الذين سمحوا لهم بالقيام بهذه الخطوة.

كان هناك رودُ أفعال غاضبة والتي ذهب بعضُها لحدِّ التخوين والطعن بالشرف، وكانت هناك أيضاً آراءٌ تدافع عن الطلاب، أو على الأقلِّ تحاول أنْ تتفهّم موقفهم وتجدُ لهم تبريراً، ومن المهم التعرّف على ظروف الطلبة في المناطق المحرّرة بمراحل التعليم كافة، وخاصة الثانوية منها والجامعية.

لا شك أنّ الكثير من المخلصين من أبناء ثورتنا يبذلون جهوداً جبّارة للمحافظة على العملية التعليمية لطلابنا في المراحل التعليمية كلّها، ولا ينبغي أنْ نهملَ دور أحد سواءً العاملين في منظمات المجتمع المدني أو المدرسين والعاملين في المؤسسات التي تتبع للحكومة المؤقتة، وحتى العاملين في مؤسساتٍ تعليميةٍ تتبع لحكومة الإنقاذ.

فقد قام الجميعُ بعملٍ طيّبٍ لتقديم التعليم لأبنائنا القاطنين في المناطق المحرّرة، ولكن للعملية التعليمية جانب آخر مهم ينبغي التنبّه له، وهو الاعتراف بهذه المؤسسات التعليمية، وبالتالي أنْ تكون الشهادات الصادرة عن تلك المؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات لها قبول رسمي من الحكومات والجامعات خارج سوريا، وحتى من شركات ومصانع القطاع غير الحكومي أيضاً، وبالتالي يتمكّنُ حامل تلك الشهادة من إتمام التخصص في الجامعات، أو التقدم للحصول على العمل الذي يتناسب والمؤهل التعليمي الذي حصل عليه.

وبنظرة على واقع الحال نجد أنّ أشدّ ما تعانيه المؤسسات التعليمية هو افتقادُها للاعتراف بها، وبالتالي للشهادات التي تصدرها، وهو أمر يعاني منه طلابنا الذين يرغبون بالتوجّه إلى خارج سوريا لإتمام دراستهم الجامعية، فحملةُ الشهادات الثانوية المصدّقة من الحكومة المؤقّتة غيرُ معترف بها عالمياً باستثناء الجامعات التركية التي تقبلها، أما بالنسبة للشهادات الجامعية فهي غيرُ معترف بها حتى من قبلِ الجامعات التركية مع استثناء بسيط، وهي الكليات التي تتبع جامعة غازي عنتاب، وكذلك لا تقبل بها المنظمات العاملة على الأراضي التركية، وحتى القطاع الخاص من معامل وشركات مع استثناءات مازالت خجولة.

بالمقابل مازال الاعترافُ بالمؤسسات التعليمية التابعة للنظام قائماً في كلِّ دول العالم، ولم تستطعْ الدول الداعمة للثورة أنْ تنتزع اعترافاً مماثلاً لمؤسسات الثورة، وفي الحقيقة أنّ الواقع في المناطق المحرّرة معقّدٌ ففي إدلب توجد حكومة الإنقاذ، والتي تتبع لهيئة تحرير الشام، والتي تعتبر في الدوائر العالمية أحدَ أجنحة القاعدة الموسوم بالإرهاب، مما يجعل الاعتراف بالجامعة الموجودة في مناطق سيطرة الهيئة أمراً مستحيلاً.

وحتى الحكومة المؤقّتة المنبثقة عن الائتلاف لم تحصل على الاعتراف الرسمي الذي يمكنها من القيام بالكثير من مهام الحكومة، من الحصول على التمويل اللازم، لتقديم الحدّ الأدنى من الخدمات العامة، كالتعليم والطبابة وصيانة الطرق و…..

أمام هذا الواقع المعقد، والذي يبدو فيه أنّ المجتمع الدولي لن يعترف بمؤسسات الثورة، أرى أنّه من الضروري أنْ نعمل للتقدّم بمطالبة واقعية لحلِّ معضلة الاعتراف بالشهادات التي تصدرها المؤسسات التعليمية في المناطق المحرّرة، وذلك بالطلب من الأمم المتحدة أنْ تشرفَ على الامتحانات الجارية في المناطق المحرّرة، وأنْ ترسل نتائج الامتحانات إلى وزارة التربية في دمشق للتصديق على تلك النتائج، ومنح الشهادات دون الحاجة لذهاب الطلاب إلى مناطق سيطرة النظام، وينبغي أنْ نشدّد على المنظمة العالمية على ضرورة الاهتمام بسلامة الطلاب، والتذكير بانتهاكات النظام واعتقاله لمئات المعلمين وآلاف الطلاب.

فضلاً عن ضرورة الردّ من الهيئات السياسية المعارضة على البيان الذي أصدره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، والذي يتباكى فيه على منع المجموعات المسلحة لعشرات آلاف الطلاب من ذهابهم لمراكز الامتحان، ناسين الانتهاكات التي يقوم بها النظام تجاه العملية التعلمية برمّتها.

هل نتمكن من الضغط على الأمم المتحدة لتطبيق هذه الخطوة، وبالتالي نحقق لطلابنا اعترافاً دولياً بالشهادات التي يحملونها؟، الاحتمال الضعيف لنجاحنا في هذه المهمّة لا يعفينا من بذل الجهد لتحقيق تلك المطالب.

كاتب المقال: خلدون جميل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى