منتهكو حقوقِ الإنسانِ في سوريا أكبرُ المستفيدينَ من المساعداتِ الأمميّةِ

كشف تقرير قانوني أنَّ حصةً كبيرة من أموال المانحين والمساعدات الإنسانية المخصّصة للشعب السوري تذهب إلى شركات مملوكة لأفرادٍ يعتبرون من منتهكي حقوق الإنسان في سوريا.

ودقق التقرير الذي أعدّه “البرنامجُ السوري للتطوير القانوني” في خلفيات أكبر 100 مورّد من القطاعين الخاص والمشترك، بين عامي 2019 و2020، يشكّلون نحو 94 % من إجمالي عقود مشتريات الأمم المتحدة في سوريا، استناداً إلى “الجريدة الرسمية” في سوريا ومعلومات الصحافة مفتوحة المصدر.

وأظهر التقرير أنَّ ما يقرب من 47 % من تمويل مشترياتِ الأمم المتحدة في سوريا تمَّ منحُها لمورّدين “خطيرين أو شديدي الخطورة”، من المتورّطين في انتهاكات حقوق الإنسان، أو مرتبطين بشكلٍ وثيق مع نظام الأسد ورئيسه بشار الأسد.

كما أبرز التقرير القانوني أنَّ حصةَ الأموال التي تذهب إلى شركات أصحابها خاضعون للعقوبات من قبل الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو المملكة المتحدة كانت 23 % على الأقل، ما يقارب 68 مليونَ دولار أميركي.

ونقل موقع “صوت أميركا” عن الباحث المشارك في إعداد التقرير، كرم شعار، أنَّ التقريرً يغطّي 94 % من المورّدين الخاصين الذي فازوا بعقود مع الأمم المتحدة في سوريا، مؤكّداً على أنَّ “النتائج تقدّم صورة واسعة للمشكلات الموجودة في عقود المساعدات الإنسانية في سوريا”.

وأشار الشعار إلى أنَّ حكومة نظام الأسد “تضخُّ عملتها بشكلٍ مصطنع، وهذا يمكّن المقاولين المرتبطين بها من تحقيق أرباحٍ ضخمةٍ بينما تعيش الغالبيةُ العظمى من السوريين في فقرِ بسبب الحرب المستمرّةِ منذ عقدٍ من الزمن”.

بدوره، قال الباحثُ في “البرنامج السوري للتطوير القانوني”، إيادُ حامد، “دعونا مراراً لمشاركة مراقبي حقوق الإنسان في عملية الشراء التي تمرُّ بمراحل مختلفة”، مؤكّداً على أنّه “لا نريد وقفَ المساعدات، ولكن نحثُّ الدولً المانحة على القيام بدور نشطٍ في معرفة كيفية استخدام أموالِ المساعدات في سوريا”.

وأشار “حامد” إلى أنَّه “نأمل أنْ يؤدّي التعاملُ مع المانحين والمجتمع المدني إلى تقليل، إنْ لم يكن القضاء، على الأموال الإنسانية التي تقع في أيدي منتهكي حقوق الإنسان في البلاد”.

وخلص التقرير، ووفقَ مقابلات أجراها معدّوه مع موظفين محليين ودوليين من مختلف وكالات الإغاثة المرتبطة بالأمم المتحدة، إلى أنَّ وكالات الأمم المتحدة “سمحت بالفساد والمحسوبية بين موظفي المشتريات، وسمحت بتوظيف مؤيدي نظامِ الأسد في المكاتب المحلية، في محاولةٍ للحفاظ على الوصول إلى المجتمعات السورية الضعيفة”.

وطرح تقريرُ “المركز السوري للتطوير القانوني” أربعةَ أسس قانونية لاستمرار المساعدات الأممية إلى سوريا، وهي:

أولاً: أشار إلى أنَّ المساعدات العابرة للحدود قانونيةٌ بموجب أحكام المعاهدات التي تحكم الصراعَ السوري، ضمن القانون الدولي العرفي، الذي صدّقت عليه سوريا، لذلك فإنَّ تلك الأحكام تسمح بإمكانية تقديم المساعدات الإنسانية المحايدة لجميع أطراف النزاع، بما في ذلك الأطرافُ الخارجة عن سيطرة حكومة نظام الأسد.

ثانياً: أوضح أنَّ إيصال المساعدات العابرات للحدود قانوني بموجب القانون الدولي العام، حيث أكّدت محكمة العدل الدولية أنَّ العمليات الإنسانية المحايدة، لا تنتهك أبداً مبادئَ السيادة وسلامة الأراضي.

ثالثاً: حتى لو كانت المساعدةُ الإنسانية العابرة للحدود غيرَ قانونية للوهلة الأولى، فإنّها تظل مبرّرةً للدول ووكالات الأمم المتحدة في ظلِّ الظروف النافية للخطأ.

رابعاً: أكّد على أنَّه يمكن للمنظمات غيرِ الحكومية الاستمرار بإيصال المساعدات العابرة للحدود بموجب قواعدِ القانون الدولي العام، ويجوز للدول ووكالات الأمم المتحدة تقديمُ المساعدة غيرِ المباشرة لتلك المنظمات من أجل القيام بذلك.

وحول الآثار المترتبةِ على التقرير، قال مديرُ برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، تشارلز ليستر، إنَّ نتائج التقرير “تؤكّد الشكوكَ التي طال أمدُها بأنَّ المشكلات في جهاز المساعدة التابعِ للأمم المتحدة في سوريا لا تقتصر على عددٍ قليلٍ من الحوادث المنفردة، لكنّها منهجية ويتطلّب تغييرُها”.

وأوضح ليستر أنَّ التقرير “يطرح بعضً الأسئلة الأساسية حول قدرة الأمم المتحدة واستعدادِها لبذل العناية الواجبة الحقيقية، والتأكّد من أنّها لا تسبّب أيَّ ضررٍ بالفعل، وهو شعارٌ تلتزم به الأمم المتحدة بوضوح”.

وأشار إلى أنَّ “مناطق الصراع حول العالم تشكّل تعقيداتٍ وقيوداً على وكالات الإغاثة، حيث يمكن أنْ يواجه الموظفون المحليون عواقبَ وخيمة لتسليط الضوء على قضايا مثل الفساد، بينما يمكن للموظفين الأجانب تأجيلُ تأشيراتهم أوإلغاؤها”.

وأكّد الباحث الأميركي على أنَّ “الوصولَ هو المفتاح الأهم للأمم المتحدة”، مشيراً إلى أنَّ “الوكالات الأممية تعلم أنَّه من أجل العمل داخل سوريا، فإنَّ ذلك يتطلّبُ دعمً نظام الأسد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى