من مقاعدِ الدراسةِ إلى عالمِ الجريمةِ.. عصاباتُ الأطفالِ تنتشرُ في دمشقَ

تشهدُ مناطقُ سيطرة نظام الأسد أزمةً معيشيّة خانقةً ومتفاقمة منذُ أعوام، حيث يضطّر عشراتُ الآلاف من الأطفال إلى الخروج من مدارسهم إلى سوقِ العمل أو التسوّل مجبرينَ تحت ضغطِ الأوضاع المعيشية المتردّية التي تمرُّ بها أسرُهم.

وفي بعض الأحيان تتحوّلُ هذه الظاهرة من تسرّبٍ مدرسي وعمالةِ أطفالٍ إلى حالة من الإجرام المنظَّم يعزّزها الإهمالُ المؤسسي “مدارس، دور رعاية أطفال” والحلولُ الضيقةُ الأفق لحكومة نظام الأسد والتي غالباً ما تزيد الطينُ بلّة.

وفي هذا الإطار، يشير تقريرٌ للأمم المتحدة صادرٌ في آذار من هذا العام إلى أنَ ما يقرب من 2.5 مليون طفلٍ غير ملتحقين بالمدارس في جميع أنحاء سوريا، وأنَّ 1.6 مليون آخرين معرّضون لخطر التسرّب المدرسي مع نهاية العام.

وينعكس واقعُ هذه الأرقام بشكلٍ جلي على أحياء وأزقّة دمشق وريفها؛ حيث ينتشر الأطفال فرادى وجماعاتٍ في أوقات الدوام المدرسي وبغيرها قاصدينَ أعمالَهم وأشغالهم التي فرضها عليهم سوءُ الأوضاع المعيشية لعوائلهم في بلدٍ بلغ عددُ من هم تحت خطّ الفقر فيه 90 في المئة.

لا تقتصر الآثارُ السلبية لعمالة الأطفال وتسرّبِهم المدرسي على صحتهم النفسية والبدنية فحسب، وإنَّما تشتمل أيضاً على آثار تنعكس بشكلٍ مباشر على المجتمع ككلٍّ، ومن هذه الآثار انحرافُ العديد من هؤلاء الأطفال أخلاقياً وولوجهم عالمَ الجريمة في دمشق وريفها بشكلٍ مضطّردٍ يمكن ملاحظتُه بوضوح.

حيث أشار موقعُ تلفزيون سوريا في تقريرٍ إلى تزايد انتشار عصابات الأطفال في العاصمة السورية وريفها، نتيجةَ الأوضاع المعيشية والاقتصادية المتدهورةِ في مناطق سيطرة نظام الأسد.

ونقل الموقعُ عن مصادر مطّلعةٍ (لم يسمّها)، أنَّ عشرات العصابات المكوّنة من أطفال وفتيان تتراوح أعمارُهم بين 11 و17 عاماً تنتشر في أحياء وأزقّة دمشق وريفها، تعترض المارّةَ في الأوقات المناسبة وتسرق مقدّراتِهم المالية أو أجهزة محمولة أو ذهب.

وأشارت المصادر إلى وجود عصابات تختصُّ بسرقة المحال التجارية، عبرَ إلهاء أصحاب تلك المحال أحياناً، وبخلعِ أقفالها في أحيانٍ أخرى، بينما تختصُّ أخرى بنشل الحقائب والذهب من النساء في الشوارع.

وأضافت المصادر، أنَّ هذه العصابات عادةً ما ترتبط ببيع وترويج المخدّرات أساساً، ثم بعمليات السرقة والنشلِ في سنٍّ متقدّمة.

وأرجعت اختصاصيةٌ في منظّمة “الصليب الأحمر”، انتشارَ عصابات الأطفال في دمشق وريفها، إلى الفقر المتفاقم لشريحة واسعة، وثقافةِ الحرب والسلاح وارتفاع معدّلاتِ البطالة.

وأكّدت أنَّ دمشق وريفها وصلا إلى المرحلة الخطيرة من الفقر منذ وقتٍ طويل، مشدّدة على عدم إمكانية تحميل الطفل وِزرَ هذه الظاهرة، لأنَّهم ضحايا لظواهر أخرى أكبرَ بكثير.

وتشير الاختصاصيةُ إلى أنَّ سياسات حكومة نظام الأسد لكبح هذه الظاهرة تأتي بنتائجَ عكسية، وتقول، ”إنَّ سجن مئات الأطفال بالأحداث فقط لأنَّهم يحاولون النجاة من الجوع والفقر ويتأثّرون بالظواهر التي أفرزتها الحربُ دون محاولةِ احتوائهم في مؤسسات وتوفيرِ إعالة ومساعدات لهم ولأسرهم إنّما هي سياسة تفاقمُ الحالة وتعزّزها.”

ومن أسباب انتشار تلك العصابات أيضاً هو ثقافةُ الحرب والسلاح الحاضرة بشكلٍ ملحوظ بين الشباب السوري إضافةً إلى ارتفاع معدّلات البطالة إلى حدٍّ غيرِ مسبوق، بحسب اختصاصيّةٍ في منظّمة “الصليب الأحمر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى