ميليشيا “حزبِ اللهِ” تنقلبُ على “رفاقِ السلاحِ” في سوريا

يشكو موالون لنظام الأسد في مدينة القصير في حمص، من انقلاب عناصر ميليشيا “حزب الله” على “رفاق السلاح” عبْرَ ضغوطات تمارس عليهم وعلى مزارعين لبيع أراضيهم قربَ حدود لبنان.

ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن أحد سكان مدينة القصير غربَ حمص, قوله, “إما نبيع أرضنا بتراب المصاري أو نتحمَّل مضايقاتهم التي لا تنتهي”, مشيراً إلى أنَّه طلب من صديق لبناني من أبناء الهرمل، التوسّط لدى معارفه من ميليشيا “حزب الله” للكفِّ عن مضايقتِه.

وتحدّثتْ مصادرُ للصحيفة أنَّ هناك شكاوى من ملّاك الأراضي الزراعيّة غربَ نهر العاصي في القصير من مضايقات أنصار ميليشيا “حزب الله”، للضغط عليهم لبيع أراضيهم بأبخسِ الأثمان.

وأضافت أنَّ “أحد المزارعين من عائلة مسيحية عُرِفت بولائها للنظام، وقُتِلَ عددٌ من أبنائها في معارك القصير، يتعرَّض اليوم لمضايقات من مناصري (حزب الله)، لرفضه بيعَ أرضه غرب العاصي التي يكسب من زراعتها. تارة يستوقفه مسلحون وأخرى يداهمون مزرعته ويرهبون عائلته وينتقدون تصرفاته”.

وقالت المصادر “إنَّ الموالين للنظام الذين قاتلوا إلى جانب النظام ولم يغادروا خلال الحرب، لا سيما المسيحيين يشعرون بأنَّ (حزب الله) انقلب عليهم”.

ونقلت عن أحد الأهالي “عندما يجتمعون بقياديين من (حزب الله) في القصير لحلِّ مشكلة، يؤكّدون لهم أنَّ الحزب عمَّم على عناصره وأنصاره بعدم المساس بمسحيي القصير، لكنْ على الأرض نرى العكس تماماً، فهم يطلقون يد أنصارهم للاستيلاء على أراضينا وأرزاقنا”.

وأشارت المصادر إلى أنَّ “جماعة النظام الأجهزة الأمنية وحزب البعث في المنطقة لا يزعجون (حزب الله) بشكل واضح، ولكنَّهم غيرُ راضين عن استيلائه على منطقة غرب العاصي”.

وأفادت المصادر بوجود تعميم داخلي للبلديات في محافظات حمص تحذّر من عمليات بيع وشراء مناطق غرب العاصي؛ لأنه “ثمة خشية واضحة من تحويل تلك المناطق إلى مناطق موالية لـ(حزب الله)”.

وأشارت إلى “تدخّل الأمن العسكري بطريقة خفيّة لمنع محاولة (حزب الله) وإيران توطين أهالي بلدتي كفريا والفوعة (من إدلب) في القصير لدى إنجاز اتفاق المدن الأربع عام 2017 الذي نصّ على خروج آمنٍ لكلٍّ من أهالي ومسلّحي بلدتي كفريا والفوعة بمحافظة إدلب والزبداني ومضايا بمحافظة ريف دمشق”.

وقالت “رغم تحضير أماكن للتوطين في غرب وشرق مدينة القصير وبعض القرى، فإنَّ المشروع لم يتمّ، حيث أوعزت الأجهزة الأمنيّة للأهالي داخل المدينة بشغل المنازل الفارغة، ليقتصرَ التوطين على أعداد قليلة في أماكن متفرّقة”.

بعد استعادة نظام الأسد بدعم من ميليشيا “حزب الله” السيطرة على منطقة القصير في 2013، جرى تهجيرُ من تبقى وكان عددهم بإحصاء عام 2011 نحو 111969 نسمة, وكادت تخلو المنطقة من الأهالي، حيث نزح بين عامي 2011 و2012، الموالون لنظام الأسد.

وفي عام 2013، لجأ معظم الأهالي إلى منطقة عرسال الجبلية في لبنان، وبعضِ قرى البقاع المحاذية للحدود وأقاموا في مخيّمات، وقُدِّر عددُهم عام 2021 بخمسة عشر ألف لاجئ، يعيشون أوضاعاً إنسانية هي الأصعب مع أنّهم يشكلون ما نسبته 30 في المائة من اللاجئين السوريين في مناطق شمال لبنان.

وباتت منطقة القصير تحت سيطرة مشتركة لقوات الأسد وميليشيا “حزب الله”، مع سيطرة أوسع وأقوى للميليشيا على الأحياء والقرى والأراضي الزراعية الغربية المحاذية للحدود، فبالإضافة إلى وجوده المسلّح هناك سمح لأنصاره من أهالي القرى الموالية باستيطان القرى المدمَّرة والمهجَّرة، واستثمار الأراضي الزراعية التي باتت محظورة على أصحابها من أهالي القصير، باستثناء قلة لم تغادرْ خلال الحرب.

وتفرض ميليشيا “حزب الله” سيطرتها الكاملة على الأراضي الحدودية السورية في منطقة القصير، وتمسكُ بالمعابر الشرعية وغير الشرعية في المنطقة التي يقطعها نهرُ العاصي قادماً من الهرمل اللبنانية على طريق حمص – بعلبك الدولية، التي تربط منطقة البقاع اللبناني بمحافظة حمص عبْرَ معبر جوسية، الذي أنشئ عام 1919، وتعتبر تلك المنطقة تاريخياً من أهم مراكز التبادل التجاري بين محافظة حمص وشمال لبنان، يعزّزه قربُها من القلمون بريف دمشق وارتباطه بوادي ربيعة الذي يبدأ في جبال القلمون لينتهيَ عند نهر العاصي.

وأتاحت جغرافيا هذه المناطق مجالاً واسعاً لنشاط عمليات التهريب بين سوريا ولبنان “لكنْ بعد استيلاء (حزب الله) عليها حوّل التهريب من أعمال ارتزاق فردية غير شرعية إلى عمل منظّم مرتبط بشبكات إقليمية يتزعّهما موالون للحزب و(الفرقة الرابعة) التابعة لقوات النظام”، حسب قول ناشط معارِض من القصير.

وأفرز هذا التغيير ظهورَ “أمراء حرب” في القصير على مستوى المنطقة، شكّلوا طبقة صغيرة من الأثرياء الجدُد بالمعايير الريفية، و”يُعدّ هؤلاء أحدَ أهمِّ أدوات الحزب في المنطقة والذين يتولّون عمليات تسهيل شراء ملكيات الأراضي والعقارات في المنطقة، حسب قوله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى