نظامُ الأسدِ يتوجّهُ لطرحِ المدارسِ الحكوميةِ للاستثمارٌ الخاصِ!

في محاولة بائسة لرفد خزينة نظام الأسد الخاوية، تمّ الإعلان عن توجّه لطرح المدارس الحكومية للاستثمار، خارج ساعات الدوام فيها، أي الفترة المسائية في أوقات التدريس، وخلال العطلة الصيفية.

مجلس محافظة دمشق التابع لنظام الأسد دعا إلى استثمار المدارس، كمعاهد خاصة، وإلى استثمار باحاتها أيضا كملاعب رياضية بعد تجهيزها لهذا الغرض، مع تركِ الباب مفتوحاً على احتمال الاستثمارات الأخرى خارج نطاق التعليم والرياضة.

وفي الوقت الذي برّر مجلس المحافظة طرحه بالفائدة التي ستعود على المدرسة والعاملين فيها، من دون أنْ يوضّح علاقة العاملين في المدرسة بالاستثمار المذكور وكيفية استفادتهم منه، أكّد مدير تربية دمشق جهوزية مديرية التربية للتعامل مع أيّة فكرة استثمارية ترِد إليهم، كاشفاً في الوقت ذاته عن وجود ثلاث مدارس قيد الافتتاح في مشروع دمّر، وهي معروضة للاستثمار لكونها “فائضةً عن حاجة المنطقة حالياً”!.

وجاء طرح المدارس الحكومية للاستثمار كاستجابة سريعة لدعوة رئيس حكومة نظام الأسد “عماد خميس”، إثر اجتماعه مع المحافظين قبل يومين، وإبلاغهم بضرورة الاستفادة من أملاك الدولة بالحدِّ الأقصى، وضرورة مراجعة العقود المبرمة مع القطاع الخاص التي تستثمر الأملاك العامة، مشيراً إلى وجوب إعطاء خصوصية لمعالجة الاستثمارات التي دُمّرت أثناء الحرب، ومرفقاً تلك الدعوة بنبرة تهديدية غير مألوفة من رئيس الحكومة تجاه المحافظين قائلاً: “ومن يرى نفسه غيرَ مؤهّلٍ.. فليخرجْ من مكانه”.

ورغم أنْ عرْضَ أملاك الدولة ومنشآتها للاستثمار ليست شيئاً جديداً، إذ شملت الاستثمارات معظم القطاعات العامة، ومنها وزارة الصحة والتعليم العالي، والنقل والسياحة والصناعة والثروات الباطنية والمرافق العامة، إلا أنّ هذا الطرح يعتبر الأول من نوعه في قطاع وزارة التربية والمدارس الحكومية.

وكانت وزارة التربية في حكومة نظام الأسد قبل شهرين قد أخلت دائرة المسرح المدرسي الكائن في الروضة بدمشق، بشكلٍ سريع ومشبوه، ما يوحي بوجود نيّة باستثماره ضمن صفقة مرتّبة سلفاً، كما تجري حالياً ترتيبات نقلِ معهد العمل المهني الواقع على طريق المزّة الحيوي، إلى مكان آخر للسيطرة على المعهد المذكور وطرحه للاستثمار الخاص.

وعلى غرار الوزارات الأخرى، وتحديداً الخدمية، تعصف الأزمة الاقتصادية بوزارة التربية التي تعاني من ظروف صعبة تنعكسُ سلباً على الواقع التعليمي لجهة نقص الكادر التدريسي في معظم المدارس السورية، وفي كلِّ الاختصاصات. وتشكو مدارس العاصمة دمشق، من عدم توفر كامل الكادر التدريسي حتى الآن، خاصة في العلوم الأساسية واللغات، رغم مرور شهرين ونصف الشهر على افتتاحها، بالإضافة إلى النقص في الكتب المدرسية، ويشمل ذلك نقصاً في معلمي ومعلمات المراحل الابتدائية.

وبعيداً عن الخلل البنيوي في جوهر العملية التعليمية في سوريا، وطبيعتها وآلياتها، وارتباطها بنظرية نظام الأسد، إلا أنّ بعض مدارس ريف دمشق بلا مقاعد، ويفترش فيها الطلاب الأرض، هذا عدا عن الازدحام الشديد في جميع مدارس العاصمة حيث يتجاوز عدد طلاب الصف الواحد 55 طالباً.

ولا يعود السبب في نقص الكادر التدريسي فقط إلى هجرة المعلمين السوريين على خلفية الثورة والحرب، وإنّما إلى امتناع الوزارة عن تثبيت المعلمين الوكلاء وامتناعها عن إجراء مسابقات التوظيف رغم معدلات البطالة العالية، علماً أنّ متوسط رواتب المعلمين في سوريا للفئة الأولى بحدود 40 ألف ليرة شهرياً (50 دولاراً)، فيما لا تتجاوز رواتب المعلمين الوكلاء 25 ألف ليرة (بمعدل دولار يومياً) تستنزف المواصلات نصفَها.

وفي الوقت الذي يكشف فيه طرح المدارس الحكومية للاستثمار عمق أزمة نظام الأسد وحاجته الماسّة لتحصيل المزيد من الإيرادات لتغطية عجزه الكبير، تأتي هذه الخطوة لتضربَ هيبة المدرسة الرسمية وتفريغها من محتواها التربوي، بتحويلها إلى منشأة استثمارية، وتشجيع التعليم الخاص بكلفته الخيالية، علماً أنّ التعليم الرسمي المجاني كان قد شكّل في العقود الماضية أهم مرتكزات نظام الأسد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى