نيويورك تايمز : الدنماركُ ألغتْ جميعَ تصاريحِ الإقامةِ للاجئينَ السوريينَ، ومنظماتٌ إنسانيّةٌ تناشدُ بإيقاف ترحيلِهم إلى دمشقَ
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز”، تقريراً قالت فيه إنَّ عشرات اللاجئين السوريين يواجهون الاحتجازَ إلى أجل غيرِ مسمّى في الدنمارك وسطَ مخاوف من ترحيلهم إلى دمشق، مشيرةً إلى أنَّهم باتوا “في طيّ النسيان” بعد أن ألغت الدنمارك تصاريح الإقامة لهم ونقلتْهم لمراكز ترحيلٍ، ويخضعون للمراقبة.
حيث أنَّ الدنمارك لا تستطيع ترحيلهم؛ لأنَّها لا تقيمُ علاقات دبلوماسية مع سوريا، إلا أنَّ هدفَ الدنمارك هو ردعُ طالبي اللجوء من القدوم أو الإقامة.
من جهته قال الأستاذ بقانون اللاجئين بجامعة كوبنهاغن، توماس غاميلتوفت: “لقد أصبح الردعُ غيرُ المباشر استجابةً منهجية من الدول الأوروبية فيما يتعلّق بالأزمة السياسية الحالية بشأن اللجوء في أوروبا، وكانت الدنمارك في المُقدمة والملهِمة لبقية الدول”.
الجدير ذكرُه أنَّه يحقُّ لجميع السوريين الذين تمَُ إلغاءُ تصاريحِ إقامتهم الاستئنافُ ضدَّ القرار، حيث تحكم هيئةٌ من ثلاثة قضاة في كوبنهاغن بشأن هذه الطعون، وعادةً ما يتمُّ إرسالُ أولئك الذين يستنفدون جميعَ السبل القانونية إلى مراكز الترحيل .
من جهتها دعت وكالةُ اللاجئين التابعة للأمم المتحدة جميعَ الحكومات في أنحاء العالم إلى عدم إعادة السوريين “إلى أيِّ جزء من سوريا”، وأثارت إجراءاتُ الدنمارك قلقَ العديد من المشرّعين الأوروبيين، لا سيما أنَّ سوريا لا تزال غيرَ آمنة للعائدين.
كما قامت محكمة دنماركية في وقت سابق بإعادت حقِّ اللجوء السياسي للاجئين سوريين، بعد أنْ تمَّ رفضُ طلبات تمديد إقامتهم في البلاد، وربحت اللاجئةُ السورية المقيمة في الدنمارك منال جمال، وزوجُها خالد بصلة، القضيةَ في المحكمة الدنماركية الخاصةِ باللاجئين، وحصلا على تصاريحِ إقامةٍ سياسية.
حيث المحكمةُ استندت في قرارها على معطيات في مقابلات أجرتها قنوات تلفزيونية ، وأعربت اللاجئة السوري منال جمال، عن ارتياحها بعد حصولها وزوجها على تصاريحِ الإقامة، لافتةً أنَّها كانت تعيش فترة صعبة جداً، وتشعر اليوم هي وزوجها بأنَّ الحياةَ عادتْ لهم.
الرابطةُ السورية لكرامة المواطن قالت في مراسلات مع حكومة الدنمارك، إنَّ قرارَ كوبنهاغن سحبَ الحماية من اللاجئين السوريين القادمين من دمشق وريفِها يشكّلُ خرقاً للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحماية التي تكفلها المفوضيةُ السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان للعائدين والموقف الرسمي للمفوضية الأوروبية.
بدورِهم، اعتبر محامون وحقوقيون غربيون، يستعدّون لمقاضاة الحكومة الدنماركية بالمحكمة الأوروبية عن حقوق الإنسان، أنَّ محاولة الدنمارك لإعادة مئات السوريين إلى دمشقَ بعد اعتبارِ المدينةِ آمنةً “ستشكّلُ سابقةً خطيرة” للدول الأخرى لفعلِ الشيء نفسه.
في ظلّ مناشدات لـ “الدول الغربية” التي تستضيف لاجئين سوريين ألا تفرضَ عليهم العودةَ “القسرية” إلى بلدهم، منبّهة إلى أنَّ سوريا ليست مكاناً آمناً لترحيل اللاجئين إليها، ولفتت إلى توثيق “انتهاكاتٍ مروّعة” ارتكبتها قواتُ الأمن السورية بحقِّ 66 لاجئاً بينهم 13 طفلاً عادوا إلى سوريا منذ العام 2017 حتى ربيعِ العام الحالي، من دول عدّةِ أبرزُها لبنان وفرنسا وألمانيا وتركيا ومخيمُ الركبان عند الحدود السورية – الأردنية.
وسبق أنْ قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، إنَّ البيئة الحالية في سوريا غيرُ ملائمة لعودة اللاجئين، وذلك خلال جولةٍ أجرتها في مخيّمِ الزعتري للاجئين السوريين في الأردن.
وأوضحت غرينفيلد للصحافيين خلال جولة في المخيّم الذي يأوي نحو 80 ألفَ لاجئ سوري إنَّه “لا شكَّ في أنَّ البيئة الحالية في سوريا ليست مواتيةً للعودة”، ولفتت إلى أنَّ “هدفَ اللاجئين النهائي هو العودة إلى ديارهم… أعلم أنَّ هذا هو هدفُهم النهائي ما سمعته اليوم هو أنَّ الناس لا يزالون خائفين من الأوضاع في سوريا وأنَّهم غيرُ مستعدّين للعودةِ”.