هذا ما يحملهُ حديثُ أردوغان عن بقاءٍ طويلٍ لقواتِ بلادِه بسوريا..؟

لقيَ حديثُ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن بقاء قوات بلاده في سوريا حتى استعادة شعبها الحرية والسلام، اهتماماً واسعاً، وخصوصاً لجهة توقيته، المتزامن مع أنباء عن احتمالية عودة إدلب إلى التصعيد العسكري.

وكان أردوغان قد أكّد خلال كلمة ألقاها في اجتماع تقييمي لأداء النظام الرئاسي، الثلاثاء، أنّ القوات التركية ستبقى في سوريا إلى أنْ يتمكّن شعبها من العيش في حرية وسلام وأمن.

وأعطت تصريحات أردوغان مؤشّرات مختلفة، لجهة الملفات الخلافية التركية- الروسية، ومنها الوضع القائم في ليبيا، إلى جانب الأجواء المتوتّرة التي تسود منطقة جنوب القوقاز، إلى جانب الملف السوري بالطبع.

ويرى الصحفي التركي عبد الله سليمان أوغلو، أنّ تصريحات أردوغان تؤكّد بما لا يدع مجالاً للشك، أنّ تركيا لن تسحبَ قواتها من الشمال السوري، ولن تتخلّى عن الشعب السوري حتى تبدأ مرحلة الانتقال السياسي.

وأضاف في حديث لـ”عربي21″، أنّ حديث أردوغان هو بمثابة رسالة لكلِّ الأطراف الدولية والإقليمية والمحلية، مفادُها أنّ أنقرة لن تساوم ولن تتنازل ولن تقايض في المصالح، كما يروّج البعضُ بأنّ سوريا مقابل ليبيا وما إلى ذلك.

من جانبه، يربط الباحث بالشأن السوري، أحمد السعيد، تصريحات أردوغان هذه بعودة شبح التصعيد إلى شمال غرب سوريا، مشيراً إلى الأنباء عن تحشيدات عسكرية من جانب نظام الأسد وميليشيات الاحتلال الإيراني على تخوم إدلب الجنوبية والشرقية.

كما أشار إلى القصف الجوي الذي نفّذه طيران الاحتلال الروسي على مدينة الباب بريف حلب الشرقي، قبل أيام، وهو القصف الأول من نوعه منذُ استقرار المدينة بعد طرد تنظيم الدولة منها، قبل نحو ثلاثة أعوام.

وقال السعيد لـ”عربي21″، إنّ الرئيس التركي إنّما أراد القول بشكلٍ غير مباشر إنّ أيَّ تصعيد عسكري مجدّداً، سنرى فيه صداماً مباشراً مع قواتنا التي تحمي المناطق المنتشرة فيها، في إدلب وأرياف حلب.

وهو ما اتفق معه الباحث والأكاديمي، أحمد قربي، قائلاً “تركيا تعيدُ التأكيد على أحقيتها في التواجد العسكري في سوريا، وأنّها لن تنسحب ما لم يتحقق الاستقرار في سوريا، لأنّ الأمر مرتبط بأمنها الداخلي”.

وأوضح لـ”عربي21″ أنّ تركيا تستند في تبرير وجودها العسكري على نقاط أربع، الأولى اتفاقية أضنة، وكذلك إلى حقّها في مكافحة الإرهاب، في حين تشكل التهديدات الأمنية لأراضيها نقطة ثالثة، وأخيراً البعد الإنساني.

وقال قربي، في الشمال السوري الملايين من المدنيين بحاجة إلى حماية، وتركيا تحاول في هذا الإطار شرعنة وجودها في سوريا، والتذكير فيه بكلّ فترة.

وحول الجهات المعنية بحديث أردوغان، قال الباحث: “المقصود بحديث أردوغان عن بقاء قواته، هو نظام الأسد أولاً، حيث تريد تركيا القول لنظام الأسد، إنّ وجودها العسكري في الشمال لن يكون مؤقّتاً، والانسحاب مرهون بتحقيق الحلّ السياسي.

وحسب قربي، فإنّ الجهة الثانية المعنية بحديث أردوغان، هم حلفاء نظام الأسد, الاحتلالين الروسي والإيراني، وقال, “تدعي موسكو وطهران أنّ وجودهما في سوريا يعد أمراً قانونياً طالما أنّ “الحكومة الشرعية” طلبت منهم ذلك، وهنا تردّ تركيا أنّ وجودها كذلك له مسوغات قانونية أيضاً”.

ويشكّل سكان المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، الجهة الثالثة المعنية بحديث أردوغان، وفْق قربي، الذي أوضح “تركيا تحاول طمأنة سكان الشمال السوري”، فيما يشكّل الداخل التركي الجهة الأخيرة، حيث يريد أردوغان أنْ يؤكّد للشعب التركي، أنّ الوجود التركي في الشمال السوري لا يشكّل مصلحة لحزب تركي بعينه، وإنّما مصلحة لتركيا وأمنها القومي.

والجدير بالذكر أنّ أردوغان، كان قد أدلى في أواخر العام الماضي بتصريح مشابه، حيث قال في تشرين الثاني، لدى عودته من زيارة أجراها إلى المجر, “ولن نرحلَ من هنا (سوريا) إلى أنْ تخرجَ الدولُ الأخرى”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى